مصراوي يرصد ساعات غضب الألتراس
كتب - محمد أبو ليلة:
الساعة تدق الثانية عشر في منتصف الليل، والأنباء الواردة تقول أن جريدة الوطن نشرت خبرا عن اجتماع أعضاء في ألتراس أهلاوي مع نائب مرشد الإخوان المهندس خيرت الشاطر، لم تمر سوى دقائق قليلة إلا ونفي أحد قيادات الألتراس(ادريسو)، هذا الخبر عبر صفحته على فيسبوك، وهدد جريدة الوطن إذا لم تنقل ''الحقيقة''، حسب قوله.
بعدها بدقائق قليلة تنشر وسائل الإعلام أخبار عن احتراق واجهة المقر الرئيسي للجريدة ذاتها، الكائنة بشارع مصدق بحي الدقي، بعض من شاهدوا الواقعة، قالوا في رواياتهم إن شباب من الأولتراس هم من أضرموا النار في المقر.
الوقت يمر ببطئ، والنوم يكاد يطير من أعين شباب ألتراس أهلاوي، فهم يستعدون للتجمع أمام النادي الأهلي، في تمام الثامنة صباحا، وألتراس ديفلز يجمع أعضاءه في الأقاليم، استعدادا للسفر إلى القاهرة لسماع الحكم في القضية مع زملائهم.
في الثامنة صباح يوم 9 مارس كان المئات من أعضاء ألتراس أمام البوابة الرئيسية للنادي الأهلي، والهتافات والأغاني - المشهورة عن الألتراس - ضد الشرطة ووزارة الداخلية تدوي في المكان.. ''الله حي الله حي الداخلية دورها جاي''.
ترقب
قبل دقائق من إعلان القاضي حكمه في القضية التي شغلت الرأي العام على مدى أكثر من عام، ارتسمت علامات الترقب والحذر على وجوه ألتراس وكل من تجمع معهم أمام النادي الأهلي بالجزيرة، وما إن نادى حاجب المحكمة كلمته الشهيرة ''محكمة'' حتى ساد صمت رهيب على المكان انتظارا لما ينطق به المستشار صبحي عبد المجيد رئيس محكمة جنايات بورسعيد.
وما إن سمع المحتشدون جملة ''حكمت المحكمة بمعاقبة 21 متهم بالإعدام شنقا''، حتى دوت أصوات الشماريخ والألعاب النارية الأخرى في المكان كله ابتهاجا بالحكم، إلا أن ذلك لم يمضي أكثر من نصف ساعة.
من تواجد وقتها لم يكن يستطيع التحرك شبر واحد من الزحام ولم يسمع باقي الحكم من كثرة الأصوات، لكن بعض قيادات الأولتراس(عبدينو، إدريسو، محمد طارق)، استمعوا جيدا لباقي المحاكمة، علموا أن مدير أمن بورسعيد وقت الأحداث اللواء عصام سمك، وأحد الضباط، حكم عليهما بـ15 عام، وباقي أفراد الشرطة برءوا من التهم المنسوبة إليهم.
بعض المتواجدين اعترض على الحكم، فيما اعتلى قيادات الألتراس البوابة الرئيسية للنادي الأهلي وخاطبوا زملائهم حيث قال أحمد إدريس (إدريسو) ''احنا مكناش نحلم بحكم زي ده، بشكل كبير احنا انتصرنا، دي أول قضية من قضايا الثورة يتحكم ضد ضباط شرطة فيها''.
''ماذا يفعلون؟''
صفق له عدد كبير من أفراد الألتراس، لكن في الوقت نفسه سادت حالة من الإحباط على عدد أخر، تجمعوا في مجموعات صغيرة، يتشاورون فيما بينهم، (ماذا يفعلون؟ هل يرضون بهذا الحكم؟) الذي رأوه ''هزليا''، فيما اتهم بعضهم مثل عضو ألتراس ديفلز ''محمود'' قيادات الألتراس بـ''بيع القضية'' والرضا بالحكم.
وتساءل ''محمود'' في حديثه مع مصراوي: ''لماذا كانوا ينادون بشعارات كاذبة دائما؟، لماذا أوهمونا بأننا لن نقبل غير إعدام قيادات الداخلية؟، للأسف احنا اتلعب بينا، لو كانت هذه الأحكام صدرت يوم 26 يناير الماضي، كنا سنجد ردة فعل أخرى من الألتراس، لكن النظام جعل الحكم على مرتين، كي يمتص حماسنا''.
بينما قال ''إسلام''، عضو في التراس ديفلز، ''ما يحدث الآن لا يمكن السكوت عليه''، وأكد أنه لن يرضى بهذه الأحكام ''الهزلية'' لقيادات الشرطة، ما رآه من فرحة على وجوه بعض قيادات وأعضاء الألتراس.
وأكد ''إسلام'' أيضا استياء بعض قيادات الألتراس من تصريحات ''إدريسو''، وقال لمصراوي ''القيادات لن تظل مكتوفة الأيدي.. سيكون لنا رد فعل عنيف على هذه الأحكام''.
الحرائق
دخل الجميع في مناقشات حادة، فبعضهم رضى بالأحكام والبعض الآخر رفضها، ونحو الحادية عشر شاهد الجميع دخانا كثيفا يأتي من أحد المباني خلف النادي الأهلي، وفي نفس اللحظة شوهدت طائرة هليكوبتر تابعة للشرطة، تحلق فوق المكان قال البعض إنها تصور المكان.
توجه الجميع على الفور، إلى مكان الحريق، حيث اتضح أنه مبنى نادي ضباط الشرطة، المتواجد خلف النادي الأهلي، قام بعض أعضاء الأولتراس بتحطيم الجدران الزجاجية للمبنى، البعض الأخر ظل داخله، يزيد من إشعال الحريق.
بعدما احترق مبنى نادي ضباط الشرطة بالكامل توجه أعضاء الألتراس إلى مبنى اتحاد الكرة المتواجد في نفس الشارع، تناوبوا على كسر البوابتين الأماميتين للمبنى، وحطموا النوافذ الأمامية للاتحاد، بعدها أشعلوا النيران في جزء منه.
عدد ليس بقليل اقتحم المبنى واستحوذ على مجموعة من الدروع والكؤوس الموجودة في اتحاد الكرة من بينها كأس الأمم الأفريقية التي فازت بها مصر سنة 2006. في تلك الأثناء أيضا أطلقت الطائرة الهليكوبتر رصاصة تحذيرية في محاولة لتفريق المحتجين.
أحد أعضاء الألتراس ممن دخلوا اتحاد الكرة، أخذ درع من المبنى، ثم ألقى بها في النيل، وأخذ يردد ''أنا مش حرامي أنا بوصل رسالة لاتحاد الكرة المنافق، بطولاتهم المزيفة مكانها الحقيقي في البحر''.
بعد ذلك توجه عدد من الألتراس إلى كوبري قصر النيل، وقاموا بقطع الطريق أمام المارة لبعض الوقت.
''لن نترك الثأر''
وبعدها عاد الجميع أمام البوابة الرئيسية للنادي الأهلي، ليخرج أمامهم، قيادات الأولتراس(عبدينو، إدريسو، محمد طارق)، ليؤكدوا عدم رضام عن الحكم وقالوا إن ''القضاء تلاعب بهم لأقصى درجة''.
وأوضح محمد طارق ''البعض فهم تصريحاتهم خطأ.. كنا نقصد تهدئة الوضح الآن فقط''. وأضاف أن هناك من يستغل الألتراس ليشعل الحرائق في كل مكان.
وشدد طارق ''لن نسير وراء أي شخص لديه مصالح سياسية، نحن لدينا قضية، والواضح أن هناك تخاذل كبير حدث وأحكام هزلية.. لن نترك الثأر ممن دبر وخان من الشرطة''.
وعقب''ادريسو'' بعدها، قائلا: احنا مش راضين بالحكم زي ما وسائل إعلام بتصور للبعض، احنا هناخد حقنا بطريقتنا، وكل واحد يتابع مع الجروب بتاعه لأن فيه قرارات لسه هنرتبها مع بعض''.
''الفوضى''
أحد شباب الألتراس قال لمصراوي وطلب عدم ذكر اسمه إن لديه معلومات عن قيام الألتراس بإثارة الفوضى في أماكن حيوية في القاهرة والإسكندرية ردا على الأحكام.. وقال ''سنصعد الموضوع بشكل كبير.. ثأرنا مع الداخلية لم ينته بعد''.
كما حذرت صفحة ألتراس أهلاوي على فيسبوك من ''زيادة الفوضى في الأيام القادمة.. ما يجري في القاهرة بداية الغضب وانتظروا المزيد إذا لم يتم الكشف عن كل العناصر المتورطة في المجزرة''، في إشارة إلى أحداث الاستاد.
وشدد الألتراس ''لن نرضى فقط بالأحكام على المأجورين والمجرمين المنفذين و2 فقط من الداخلية''
فيديو قد يعجبك: