لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بناء شراكة أم توزيع ''تركة''؟

بناء شراكة أم توزيع ''تركة''؟

10:36 ص الجمعة 06 يوليه 2012

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم – وحيد عبد المجيد:

عندما طالب كثير من القوى والشخصيات الوطنية بتحويل رئاسة الجمهورية من حاكم مطلق إلى مؤسسة، وتشكيل حكومة ائتلاف وطنى لا يهيمن أى حزب عليها، كان المقصود هو بناء شراكة وطنية حقيقية لمواجهة تحديات كبرى وحمل أعباء دولة مفككة ومجتمع تم تجريفه.

وليس ممكنا أن تتحقق شراكة وطنية جادة تشتد حاجة الرئيس الجديد محمد مرسى إليها قبل غيره، حتى لا تجرفه دوامات منتظرة إلى منطقة الغرق، دون التفاهم قبل كل شىء على برنامج حكومة الائتلاف وطريقة أداء مؤسسة الرئاسة.

فالشراكة المقصودة هى قضية وطنية عامة وليست أشخاصا، وهى عمل ذو طابع موضوعى وليس شخصيا. ولذلك فهى تقوم على رؤية موضوعية وليس اختيار أشخاص، أو قل إن تحديد موضوعها يسبق طرح الأسماء التى ستضطلع بمهمات لابد أن تكون معروفة ومحددة وواضحة للرأى العام الذى سيتوقف مصير الوطن على موقعه فى المشهد الجديد حضوراً أو غياباً.

فلا تزال مصر فى مرحلة انتقال، ولم ترس على شاطئ جديد آمن بعد. ستجرى مياه كثيرة فى الأسابيع والأشهر القادمة، ولكنها ستختلف بطبيعة الحال عن تلك التى جرت على مدى نحو 16 شهراً. فالمرحلة الانتقالية الثانية التى بدأت يوم السبت الماضى ستكون بالضرورة مختلفة عن سابقتها التى أعقبت تنحى حسنى مبارك. غير أن ما يجمع المرحلتين هو الاضطراب والارتباك اللذان سيتواصلان فى المرحلة الانتقالية الثانية ربما بدرجة أقل أو فى صورة أخرى لا تخلو من بعض ما اتسمت به سابقتها.

وإذا كان توازن القوى قد فرض على جماعة ''الإخوان المسلمين'' والمجلس الأعلى للقوات المسلحة تكيفا متبادلا حتى قرب نهاية المرحلة الانتقالية الأولى، فقد أفضى هذا التوازن إلى نوع من تقاسم السلطة. وإذا كان الصدام بين الرئيس الجديد القادم من جماعة ''الإخوان'' والمجلس الأعلى للقوات المسلحة يمثل خطراً شديداً على البلاد وليس فقط على طرفيه، فلا سبيل إلى تفاهم يتيح التعجيل بإنهاء المرحلة الانتقالية الثانية التى تقوم على تقاسم السلطة إلا بناء شراكة وطنية على قاعدة موضوعية تؤكد مدنية الدولة وديمقراطية النظام السياسى وما يقترن بهما من حقوق وحريات وعدالة وكرامة وسيادة للقانون.

فالشراكة، إذن، تبدأ بالقضايا وتنتهى بالأشخاص وليس العكس. أما إذا اقتصرت على أشخاص سواء فى مؤسسة الرئاسة أو فى الحكومة، فهى لا تكون شراكة بل توزيع لـ''تركة'' يظن البعض أن فيها مغانم بينما الحقيقة أنها كلها مغارم.

ولذلك لم يكن المشهد مبشرا منذ إعلان النتيجة النهائية للانتخابات الرئاسية قبل ما يقرب من أسبوعين، عندما أخذت الشراكة شكلا يخلو من مضمونها. وقد بدا الأمر وكأننا فى وضع طبيعى، وأن الأمر لا يتجاوز تشكيل حكومة جديدة واختيار نواب ومستشارين للرئيس الجديد. فعندما يكون الوضع طبيعيا ومستقرا والمسار السياسى واضحاً، يركز الرئيس الجديد فور فوزه فى اختيار من يعملون معه. وعندئذ تنشط ''بورصة'' الأسماء والترشيحات التى شغلت الساحتين السياسية والإعلامية.

غير أنه فى مراحل الانتقال، حيث الوضع مضطرب والمسار مرتبك والأجواء غائمة والمشاكل متزايدة، لا يمكن الحديث عن شراكة دون رؤية وبرنامج وآليات. ولا يمكن لهذه الشراكة إلا أن تبدأ بالتوافق بين الشركاء على الرؤية التى يعملون على أساسها. ولأنه لا مجال لاختراعات عبقرية بعد أن طرحت ثورة 25 يناير أهدافا جمعت معظم المصريين، قبل أن تفّرقهم المرجعيات والانتماءات الضيقة وما يقترن بها من صراع وانقسام، كان مفترضا أن تنطلق الشراكة الوطنية من برنامج مستمد من برامج مرشحى الثورة فى الانتخابات الرئاسية وقائم على القواسم المشتركة بينها.

فهذه هى الخطوة الأولى فى بناء شراكة وطنية حقيقية قبل الحديث عن أى أسماء للحكومة أو لمؤسسة الرئاسة، لأن الترشيح لهما لا معنى له ما لم يرتبط بمعايير تتعلق بالقدرة على أداء مهمات محددة وفقا للبرنامج الذى تقوم عليه هذه الشراكة وتدور حوله.

وعندما يُستمد هذا البرنامج من برامج مرشحى الثورة، سيكون معبرا عن تطلعات كل من أعطوا أصواتهم لهؤلاء المرشحين وغيرهم الذين أصابهم الأداء السياسى بالإحباط أو استبد بهم الخوف من المجهول الذى بدا لبعضهم، ولا يزال، مفزعا.

وهذا هو الفرق بين بناء الشراكة الضرورية لبناء مصر الجديدة وتوزيع ''التركة'' بالطريقة المعهودة فى مصر القديمة.

اقرأ ايضا :

وحيد عبد المجيد: اجتماعات العسكري عطلت تشكيل التأسيسية

إعلان

إعلان

إعلان