لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

رسالة إلى أشرف أبو الخير

أشرف أبو الخير

رسالة إلى أشرف أبو الخير

07:54 م الأحد 09 أغسطس 2015

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم – أشرف أبو الخير:

بابا الحبيب/
أكتب إليك في ظرف أسري غاية في الدقة، فأنت استقبلت حفيدك الرابع منذ أيام، وتنتظر حفيدك الخامس بعد أيام أو ساعات، وتحتفل بيوم ميلادك الستين كذلك بعد أيام... فهنيئاً لك وكل عام وأنت بخير.

أعلم يا أبي أن فرحتك بابني/ حفيدك الرابع ليست كأية فرحة سابقة، فهو كما صرحت لي من قبل (الولد ابن الولد)، هو أول أحفادك الذكور مني أنا .. ابنك الوحيد، هو من سيحمل اسمك فعلا، هو من سيخلد ذكراك وسيجعل اسمك يتردد بين جنبات الكوكب لفترة أطول، ولهذا أشعر بفرحتك.. وأشكر ربي عليها.

يبدو لي يا بابا أنك لم تتخلص بعد من موروثات الريف الراسخة رغم استقرارك بالقاهرة منذ سنوات بعيدة، وأنا لا أعترض على أفكارك هذه المرة -كعادتي التي تعرفها- حتى انني ضبطت نفسي نادماً على أمنيتي بأن يرزقني الله ببنت، حين رأيت الفرحة تتراقص في عينيك عند رؤيتك وجه ابني لأول مرة منذ أيام، فرحة لم أر مثيلتها حين رُزقنا من قبل بالبنات الجميلات (مريم و جاسمين و منة الله).

أعلم يا بابا أن رسالتي تلك تأخرت كثيراً، لكنها و صدقني لم تلح عليَ بهذا الشكل إلا اليوم، حين رأيت الوحوش المرتديات الأبيض بمكتب الصحة، واللواتي نطلق عليهن ممرضات، يشبعن (ضناي) وخزا وإيلاماً بدعوى التطعيم، وهو الرضيع معدوم القوة والحول، ابن الأيام الأربعة.

لم تلح على الكتابة إلا اليوم، حين لمست أنا ابني بحنان لم أعهد مثله في نفسي، فعدت إلى الوراء ورأيتك تلمسني ذات اللمسة في مواقف مختلفة... الآن فقط يا بابا أتيقن أنك كنت الأب الأعظم بهذا العالم، الرجل الأكثر رقة في هذا الوجود، أنت هكذا لي، كما كل الآباء بالنسبة لأبنائهم.

أحقاً كانت تعتريك ذات المشاعر التي تغمرني الآن نحو (ضناي) ؟؟ ... أهذه هي الأبوة ؟؟!!! .. يالها من نعمة أناجي ربي ألا يحرم منها أحد.

بابا الحبيب/

كنا قديماً، أنت وأنا نتشاجر كثيراً، لكنك تعلم أن فخري بك بلا حدود، فأنت الضابط المهاب الوقور المنضبط، الأخ الأكبر لإخوتك الستة مقاماً لا سناً .. أنت تعلم أنني أباهي العالم بأن (بابا كان ظابط).. وأنت لم تكن أبدا ككل الضباط، فأنت لست بذئ اللسان ولا منفلت الأعصاب داخل المنزل أو خارجه.. أنت لم تكن أبداً فظاً غليظ القلب، ولهذا لم ينفرط عقد أسرتك الصغيرة، ولم أفهم أنا هذا إلا اليوم... فلك على هذا حبي وشكري وتقديري لجهودك المضنية في أصعب الظروف المادية والنفسية لأسرتنا.

أشكر لك يا بابا تقديرك لإختلاف ابنك الوحيد، الذي رزقك الله إياه مع بنتين، فالآن فقط أتذكر أنك لم تضغط عليَ يوماً لأمارس رياضة تحبها أنت ولا أحبها، لأقرأ جريدة يومية تفضلها أنت ولا أفضلها أنا .. أشكرك على تقبلك إختلافي عن بقية شباب العائلة حين تركت الرياضة واتبعت هواي نحو القراءة والأدب ودراسة الفنون، أشكر لك –وأنت ضابط القوات المسلحة المنضبط- تقديرك لاختلاف ابنك عنك وتفهمك كونه لا يرغب في أن يكون صورة كربونية منك حين رفض الالتحاق بالكلية الحربية.

أشكر لك فخرك بي حين سمحت لي بتتبع (شهواتي) في دراسة المسرح، ورغبتي الملحة في العمل بالفنون، أشكر لك تقبلك فكرة زواجي الأول –رغم يقينك بأنه سيفشل- وأشكر لك كذلك جلستك معي والتي علمتني فيها بدون تقعر أو تفلسف أن لكل منا تجربته الخاصة فلا تندم على زواج سابق، وافرح بنتيجته الجميلة (ابنتي جاسمن) .. أذكر تلك الجلسة جيدا كما أذكر دعمك لي طوال شهور تلتها بدون أن تُشعرني بالأسى أو الحزن للحظة واحدة .. فيا لي من محظوظ بأب مثلك.
بابا الحبيب/

بدأت أنا حياتي العملية قبل سنوات طويلة، واخترت أن استخدم اسمك ليوضع على تترات البرامج التي عملت بها وعلى صدور المقالات التي أكتبها وعلى أغلفة الروايات التي اؤلفها.. وكنت طوال تلك السنوات أقنع نفسي وكل من حولي بأسباب خياري الغريب هذا.. وهي أسباب أعلم الآن أنها كاذبة، فالحقيقة ببساطة أن هذا الصبي و المراهق و الشاب و الرجل المدعو (محمد أشرف أبو الخير) والذي ظل طوال حياته فخورا بحبك واهتمامك، فخور بمقامك واحترام الآخرين لك، اختار أن يعمل باسمك الرنان (أشرف أبو الخير) لأنه فقط يحبك بعمق لم يدرك مداه إلا اليوم، حين شعر للمرة الأولى بطعم وحلاوة أن تكون .. بابا

عزيزي/ العميد أشرف أبو الخير

لك حبي وتقديري واحترامي.. لك اعتذاري عن كل ما تم بيننا من مشاكسات طوال العقود الثلاثة الماضية، وادع الله معي أن أكون بالنسبة لأبنائي مثلما أنت بالنسبة لي .. أطال الله في عمرك وأمدك بالصحة والعافية وراحة البال.

ابنك
محمد

إعلان

إعلان

إعلان