لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مأزق الاقتصاد المصري .. وصانع القرار

مأزق الاقتصاد المصري .. وصانع القرار

د. عبد الخالق فاروق
08:28 م الخميس 24 أغسطس 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

كثيرا ما سألني الأصدقاء والقراء: لماذا بعد كل ما كتبت عن الأزمة الاقتصادية المصرية، التي تزيد على الخمسين كتابا، ومئات المقالات الصحفية، وعشرات اللقاءات الإعلامية والتليفزيونية، لا يستفيد صناع القرارات وراسمو السياسات الاقتصادية من كتاباتك، واجتهادات الآخرين، خاصة أنكم تقدمون خططا وأفكارا تبدو واقعية للخروج من هذا المأزق الاقتصادي المستعصي في البلاد منذ أكثر من ثلاثين عاما؟

وهل صناع القرار وراسمو السياسات في بلادنا لا يعرفون ما تقولون، أو يغيب عن فطنتهم وخبراتهم ما تقولونه؟

والحقيقة التي ينبغي أن نؤكد عليها، أن الخبراء الاقتصاديين المتحلقين حول الحكومة والسلطة السياسية فى البلاد، يدركون ما نقول، ويحيطون بما نطرح من أفكار، لكن جوهر المشكلة التي ينبغي أن يعرفها القراء والأصدقاء، أن علم الاقتصاد ليس علما محايدا بالمطلق، وليس مجرد معادلات فنية وطرق حسابية ورياضية، بقدر ما هو علم اجتماعي، محملا بعبء الانحيازات الاجتماعية لصناع القرار أو راسمى السياسات الاقتصادية.

وهنا ينبغي أن نلفت نظر القراء أن علم الاقتصاد الحديث، يكاد ينقسم بين تيارين ومدرستين متناقضتين ومتصارعتين، ويجب على صانع القرار أن يختار بينهما، أو على الأقل يمزج بين الوسائل والأساليب المتبعة بين المدرستين والتيارين.

فمن جهة، هناك مدرسة اقتصاد السوق، التي تترك لعوامل العرض والطلب وآلياته الغاشمة، أن تحدد بوصلة النشاط الاقتصادي، وطريقة توزيع الدخول والثروات، وتترك للقوى المسيطرة أن تحدد مسارات النمو وقطاعاته الأولى بالرعاية والاهتمام، بصرف النظر عما يسمى مصالح المجتمع والطبقات محدودة الدخل، وقد زادت وحشة هذا التيار منذ مطلع الثمانينيات حينما سيطرت على القرار الاقتصادي والسياسي في بعض أهم الدول الغربية وفي طليعتها الولايات المتحدة (الريجانية) وبريطانيا (التاتشرية)، وهيمنت على الأدبيات والمنتجات الفكرية لبعض أهم المعاهد التعليمية والأكاديمية في الغرب، وعزز من هذه الهيمنة الانهيار المفاجئ وغير المتوقع للنظام السياسي السوفييتي والتجربة الاشتراكية برمتها.

وعلى الجانب الآخر هناك التيار الفكرى الذي يؤكد خصوصا في الدول النامية والفقيرة على أهمية أدوات التخطيط، وتوجيه مسارات التنمية دون أن يصادر على المبادرات الفردية والمشروع الخاص، ويرسم في ضوء الاحتياجات الأساسية للسكان الأنماط المناسبة للتنمية والانطلاق.

والحقيقة أن نمط اقتصاد السوق الفوضوي الذي ساد فى مصر طوال الخمسين سنة الأخيرة، وخصوصا منذ عام 1974، كان يتفق تماما مع صعود قوى اجتماعية جديدة وتحالف اجتماعي بدأ يتشكل منذ هذا التاريخ، مكون من أربعة روافد هي: رجال المال والأعمال الجدد، وكبار جنرالات المؤسسة الأمنية والعسكرية، وبعض الطامحين والطامعين من المؤسسة الجامعية (أساتذة الجامعات)، وأخيرا بعض أعضاء المؤسسة القضائية، ومنهم تحددت السياسات، وأشكال توزيع الفائض والأرباح. وأصبح معاداة هؤلاء لفكرة التخطيط والتحيز للفقراء والطبقة الوسطى، بمثابة عمل يومي وغذاء روحي، ومن هنا لم تعد للأفكار التي تنتصر لمفهوم التخطيط أي مكان لدى صانع القرار في بلادنا.

هل عرفتم إجابة للسؤال الذي يشغل بال الكثيرين في مصر .

ثم يستكمل القراء تساؤلاتهم وهذا حقهم علينا: إذا كانت هذه هي سياسة الحكومة المتحالفة مع رجال المال والأعمال، فهل هناك بدائل لإنقاذ الوضع الاقتصادي عموما، والجنيه المصري خصوصا من حد الكارثة والانهيار، وتجنب تجارب الانهيار التي واجهتها دول مثل روسيا (عام 1999)، والأرجنتين (عام 2001)، والبرازيل والمكسيك، وأدت إلى اضطرابات اجتماعية وسياسية عاصفة؟

والإجابة بالقطع نعم. 

والأهم: هل نحن بلد فقير حقا؟ 

والإجابة هنا بالقطع لا.

وهذا ما سنحاول تقديمه وعرضه والإجابة عليه فى المقالات القادمة إن شاء الله.

إعلان

إعلان

إعلان