لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

هل نحن بلد فقير حقا؟ (1)

هل نحن بلد فقير حقا؟ (1)

د. عبد الخالق فاروق
07:04 م الخميس 31 أغسطس 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

لعل أخطر ما تردد فى السنوات والشهور الأخيرة، هو ما قاله أحد المسؤولين الكبار في يناير الماضي (2017)؛ بأننا بلد فقير.. ثم عاد وكرر العبارة بانفعال شديد قائلا: "أيوه إحنا بلد فقير قوي".

وبقدر ما أن هذا الكلام غير صحيح جملة وتفصيلا، بقدر ما يعكس إما عدم إدراك بالقدرات والإمكانيات المتاحة في مصر، أو عدم رغبة حقيقية في إعادة بناء اقتصاد البلاد، ونظامها الضريبي بما يلبي المطالب العادلة للمواطنين، وبما يأخذ من الأغنياء ورجال المال والأعمال حق الدولة والمجتمع، كما يؤكد هذا الكلام في نفس الوقت عدم رغبة في وقف الإهدار والإسراف الذي يميز الإدارة الحالية ووزرائها، ومجلس نوابها، وراجعوا موضوع الإنفاق الحكومي تجدوا فضائح بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

ووفقا لما هو منشور في جريدة أخبار اليوم الحكومية يوم السبت الموافق 11 فبراير 2017، فإن مبيعات السيارات في مصر عام 2016 بلغت 198271 سيارة، بعد أن كانت في العام الماضي (2015) حوالي 278406 سيارات، وإذا حسبنا أن متوسط سعر السيارة الواحدة 150 ألف جنيه فقط، فإن مشتريات المصريين من السيارات بلغت عام 2016 حوالي 3 مليارات جنيه، وإذا كان متوسط سعر السيارة 200 ألف جنيه فنحن نتحدث عن 4 مليارات جنيه، هذا بخلاف السيارات المستوردة من الخارج.

هل هذا تعبير عن بلد فقير.. وفقير قوي كما يردد هذا المسئول الكبير؟

ونضيف إلى ذلك ما كشفته دراسات حديثة بشأن حجم مشتريات المصريين من فيلات وقصور وشاليهات سياحية فاخرة، منذ عام 1980 حتى عام 2011 ، قد بلغ 415 مليار جنيه على الأقل، بما يعادل 180 مليار دولار بأسعار الصرف السائدة في تلك الفترة الزمنية، فهل هذا تعبير عن بلد فقير حقا؟

وعلاوة على ذلك فإن النتائج التي تسربت من أبحاث الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) عام 2001، حول حجم ودائع المصريين في البنوك الخارجية – أي خارج مصر - قد تجاوزت 160 مليار دولار، وهو ما يصل حاليا إلى 250 مليار دولار وفقا لمعدلات النمو الطبيعية في هذه الودائع والثروات، وإذا أضفنا إليها ما جرى تهريبه من أموال بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011 ، فنحن نتحدث عن قدرات مالية هائلة.. فهل نحن بلد فقير حقا؟

وتكشف الأموال التي جمعت من المصريين أفرادا كانوا، أو مؤسسات مالية، في أقل من أسبوعين من أجل حفر التفريعة الجديدة لقناة السويس عام 2014 ، والتي تجاوزت 64 مليار جنيه عن مقدار الفائض والمدخرات المتاحة لدى المصريين، وقدرتهم على تعبئة هذا الفائض، إذا ما توافرات الثقة في القيادة السياسية للبلاد، وطرحت أمامهم آفاقا للمستقبل، والخطورة هنا إذا ما اصطدمت هذه الثقة مرة بعد أخرى بخيبة أمل، وضياع للبوصلة، مما يؤدي إلى تبديد هذه الثقة، خصوصا لدى الفئات الوسطى والفقراء في المجتمع.

الحقيقة أننا مجتمع لديه فوائض مالية كبيرة لدى الشريحة العليا من الطبقة المتوسطة، ومن طبقة رجال المال والأعمال، تذهب في أنواع عديدة من الاستهلاك الترفي، بسبب غياب سياسات للتنمية، وانسحاب الدولة من تعبئة الموارد والتخطيط، بما يعيد صياغة الموارد والإمكانيات بصورة تنموية، والتفرغ فقط إلى أعمال المقاولات والطرق والعاصمة الإدارية، أي أننا بصدد عقل مقاولي إنشاءات، وليس رجال تخطيط وتنمية وعدالة اجتماعية، ورؤية بعيدة المدى لتصحيح الاختلالات العميقة في نمط توزيع الثروات والدخول.

تعالوا نتأمل معا بعض القدرات والإمكانيات الكامنة في الاقتصاد المصري، والمجتمع المصري حتى نقدم إجابة علمية وموضوعية على هذا السؤال الاستراتيجي.

إعلان

إعلان

إعلان