- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
ست سنوات قاسية وخشنة ومثقلة بالهموم الوطنية والمعاناة الإنسانية، عاشها جنود مصر على جبهة القتال في الفترة ما بين زلزال هزيمة يونيو 1967 ونصر السادس من أكتوبر 1973. وفي تلك السنوات الصعبة كان الجنود والضباط يخوضون في حياتهم الشخصية معركة موازية لتجاوز حالة الهزيمة النفسية واستعادة الثقة في الذات، ومواصلة الحياة والحب والزواج، على أمل الراحة والاستقرار مع الأسرة، وجني ثمار سنوات الصبر بعد النصر والثأر واستعادة الأرض.
وتُعد الخطابات الشخصية التي أرسلها الجنود والضباط من جبهة القتال إلى أسرهم وأصدقائهم، كنوزًا تاريخية وإنسانية تحتوي على حكاياتهم وآمالهم وأحلامهم ومعاناتهم. كنوزًا تُعطي مادة خام ثرية للمؤرخين والأدباء والشعراء وعلماء الاجتماع لدراسة سنوات الهزيمة والنصر، ومعرفة سمات وطبيعة الرجال الذين رفضوا الهزيمة وصنعوا النصر.
ولهذا كم اتمنى لو استطعنا تجميع هذا الخطابات في صورتها الأصلية، ورقمنتها وأرشفتها، ونشرها واتاحتها للجمهور العادي وللباحثين، في محاولة لإنعاش الذاكرة الوطنية، واستدعاء تضحيات وشجون هؤلاء الأبطال، وتخليد اسمائهم وحضورهم ودورهم في الوعي الجمعي المصري.
ولأن أبي - أطال الله عمره - كان أحد الأبطال الذين صنعوا مجد التضحية والصبر والنصر في تلك السنوات الصعبة، فكم كان سروري كبيرًا عندما وجدت خطابًا أرسله إلى من الجبهة إلى أمي يوم 19/8/1973.
وفي هذا الخطاب نقف على مشاعر وأحلام هذا المقاتل الشاب المؤمن الواثق في الله، والذي ترك زوجة شابة وثلاثة أطفال في بيت صغير بالصعيد، كان يبني غرفه ويسقفها بالتدريج، ولهذا نجده في الخطاب يسأل عن سير عملية البناء، وهو يرسل فيه أيضًا سلامًا حارًا لزوجته وأطفاله وأمه وأخوته وأنسبائه، ويدعو زوجته لشراء ما تحتاج إليه، وعدم حرمان نفسها والصغار من شىء، وهو على الجبهة محروم من كل شىء، وحتى متعة ارسال الخطابات لهم سوف تتوقف في الفترة القادمةلأسباب خارجة عن إرادته.
وهذا نص الخطاب، الذي يمثل مجد أبي وموضع فخري، ومجد وموضع فخر كل الذين صبروا وضحوا وقاتلوا، وتجاوزوا الهزيمة، وصنعوا النصر.
"بسم الله الرحمن الرحيم ..
تحياتي وأشواقي وأمنياتي الطيبة. واتمنى أن تكونوا بخير وفي صحة جيدة.
إني والله في شوق إليكم، وأنكم في ذاكرتي دائمًا.
سلامي إليكم ألف تحية وسلام. وسلامي إلى ولدي أحمد، وأدعو من الله أن يكون بخير وسلام لأنه كان تعبان وأنا مسافر.
أقسم بالله أنا مشغول جدا عليه، وعليكم، ولكن لن استطع أن أرسل خطابات لكم مرة أخرى.
أريد أن أعرف ما تم في موضوع سقف بقية الشقة؟
أنا مشتاق لولدي أشرف جدًا جدًا، ودائمًا في ذاكرتي، وبحلم به.
أنا مشتاق لولدي أحمد جدًا جدًا، ومشتاق لهدوءه، وفرحت به وهو بيجري في الشارع نحايتي في أجازتي السابقة.
مشتاق لبنتي صفاء جدًا، وأرجو تخلو بالكم عليها.
وأرجو المحافظة على صحتكم كلكم لأنها أهم حاجة عندي.
والله أنا مشتاق إليكم جدًا، وأنتم تعرفون مقدر معزتكم عندي.
وأكرر وأقول: لن أستطيع أن أرسل خطابات مرة أخرى لظروف خارج إرادتي. وأدعو الله أن يهب لكم الصحة والسعادة.
سلامي إلى الست الوالدة أمي، لأني مشتاق لدعواتها. وسلامي إلى أخي عبد الرحيم وأولاده، وسلامي إلى أخي جلال وأولاده. وسلامي إلى أخي علي وأولاده، وسلامي إلى أخي أحمد، وأتمنى أن يكون الجميع بخير.
وسلامي إلى عمي محمد السيد، وأدعو له بالصحة والسعادة. وسلامي إلى الست الفاضلة أم عارف، واتمنى أن تكون بخير. وسلامي إلى الأستاذ عارف، وأدعو أن يوفقه الله.
زوجتي العزيزة، أنا بخير وفي صحة جيدة، ومشتاق لكم، ومشغول عليكم. وأرجو ألا تشغلوا نفسكم، وتتضايقوا بموضوع البعد والفراق لأنه ليس بيدي. وربنا موجود ويفعل الخير مستقبلًا. وإن شاء الله يأتي اليوم الذي نستقر فيه مع أولادنا، لأني واثق في الله كل الثقة.
أرجو أن تشتروا كل ما تحتاجون إليه، وكل ما تريدون، وتكونوا دائما مبسوطين، ولا تتضايقون من شئ، لأن الله هو اللي بيده كل شئ، وما يريده يكون، ولا يريد إلا الخير.
أنا عندما أكون في أجازه معكم، وأراكم في صحة وسعادة، وهناء، بكون أسعد إنسان. وأكرر وأقول إن شاء الله يأتي اليوم، اللي أكون فيه قريب من أولادي، وأبوس على أيديهم بالليل والنهار. وأقول كانت حياتي كلها بعد وغربة، وربنا حقق أمنيتي وتم استقرارنا.
وفي النهاية لكم مني تحياتي وأمنياتي الطيبة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الراسل عبد العال عمر علي جعفر
19/8/1973".
وفي نهاية عرضي لنص خطاب الوالد، وما يتضمنه من مشاعر إيمانية وإنسانية ووطنية لأحد جنود مصر على جبهة القتال أثناء عملية الاستعداد لحرب أكتوبر العظيمة، احب أن أقول: إن هذا الجيل العظيم المؤمن بربه ووطنه، الجيل الذي صبر وتحمل قسوة الحياة على الجبهة لست سنوات، وتجاوز مرارة الهزيمة، وعبر وانتصر، هو الجيل الذي تحدث عنه الرئيس السيسي في خطابة الأخير أمام الندوة التثقيفية الـ29 للقوات المسلحة، وقال عنه: إنه مخدش حاجة مقابل تضحياته وصبره وانتصاره.
وبحسبة بسيطة سوف نعرف أن هذا الجيل العظيم قد رحل معظم رجاله، ومَن طال بهم الأجل لليوم عددهم قليل، وسوف تكون أعمارهم بين السبعين والثمانين؛ ولهذا كم اتمنى على رئاسة الجمهورية ووزارة الدفاع ، تكريم كل الأحياء من الضباط والجنود الذين شاركوا في حرب أكتوبر، وتجميعهم في شيخوختهم المهيبة في مشهد واحد، يحمل رسالة واضحة للجميع، مؤداها: أن هذا الجيل سوف يظل يحتل مكان الصدارة في قلب وعقل وذاكرة المصريين.
إعلان