لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

إعادة اختراع العجلة..!

إعادة اختراع العجلة..!

خليل العوامي
09:01 م الإثنين 05 نوفمبر 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تشن وزارة التربية والتعليم مع جهات إنفاذ القانون حملاتٍ لإغلاقِ مراكز الدروس الخصوصية، مع توعد باستمرار الحملات حتى القضاء على هذه المراكز تمامًا. مع توجه داخل الوزارة لاستقطاب أبرز محترفي الدروس الخصوصية من المدرسين المعروفين بـ"أسطورة الكيمياء، وعملاق الفيزياء، وأبوالمنطق"، وغيرهم؛ للعمل في دروس تقوية داخل المدارس.

والحقيقة أن أداء الوزارة في الحالتين- حملات الإغلاق واستقطاب المدرسين- غير مفهوم، ويطرح العديد من الأسئلة المشروعة، وعلى رأسها:

هل الوزارة تريد وقف الدروس الخصوصية، أم المشاركة فيها؟

هل الوزارة جادة في وقف نزيف جيوب الأسر المصرية على المدرسين الخصوصيين، أم أنها تريد تقاسم الكعكة مع هؤلاء المدرسين؟

والأهم هل ستستطيع الوزارة منع الدروس الخصوصية حتى وإن أغلقت كافة المراكز التي يذهب لها الطلاب طواعية، بل يتسابقون على حجز أماكنهم فيها قبل بدء الدراسة بالمدارس؟

أما ما يثير الاندهاش في هذه الحملة الوزارية، فهو أن من يقوم بها الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم.

ووجه الاندهاش هنا أنه شخص ذو خبرة واسعة وعلم وافر؛ فهو أستاذ في الهندسة الميكانيكية، وعميد لكلية العلوم والهندسة الميكانيكية بالجامعة الأمريكية، وتقلد منصبًا مرموقًا في اليونسكو.

وقاد اليونسكو لبناء شراكات استراتيجية مع كبرى الشركات في مجال تقنيات الاتصالات والمعلومات، وغير ذلك الكثير من المناصب والمهام الكبرى؛ بما يعني أنه ينتمي للمدرسة العلمية والبحثية في التفكير والأداء، ويعرف جيدا أن المقدمات تؤدي إلى النتائج، وأنه لا يمكن تغيير تلك النتائج إلا بتغيير المقدمات، فكيف يتصور أن إغلاق مراكز الدروس الخصوصية سيقضي على هذه الظاهرة المتأصلة في التعليم المصري قبل أن يصلح نظام التعليم نفسه؟

كيف يتناسى أن الدروس الخصوصية تحولت على مدار عقود إلى نظام تعليم موازٍ، إن لم تكن هي النظام الرسمي خاصة لطلاب الثانوية العامة؟

أما الجانب الآخر للاندهاش، فهو انشغال وزارة التربية والتعليم بالأساس بمسألة إغلاق هذه المراكز، بينما تعمل على نظام تعليم جديد قد يغير إذا نجح وجه وصورة التعليم والخريجين المصريين تماما، ويضعنا في مصاف الدول المتقدمة تعليميا بكل ما يتضمنه ذلك من تطور في الأداء العام، والاقتصاد والسياسة والفنون والآداب وكل مناحي الحياة، هذا النظام الذي يحتاج إلى مجهود كل شخص يعمل في الوزارة، وكل دقيقة لإنجاحه، ولا يجوز أن تلتفت الوزارة لشيء غيره.

قد أتفهم أن تقوم المحليات وجهات إنفاذ القانون بإغلاق مراكز الدروس الخصوصية باعتبارها تمارس نشاطًا دون ترخيص، مثلها مثل المقاهي أو المحال التجارية التي تعمل دون ترخيص، وتكون المخالفة هنا مجرد ممارسة نشاط دون ترخيص، وتكون هذه هي التهمة، وليس إعطاء دروس خصوصية للطلاب.

فالدروس الخصوصية ستستمر إلى أن يستغني عنها الطلاب أنفسهم بنظام تعليم حقيقي في المدارس، فالحاجة أم الاختراع، والطلاب يذهبون للدروس الخصوصية لأنهم لم يجدوا تعليما في المدارس، وإن تم إغلاق المراكز ستتحول الأندية إلى مراكز دروس خصوصية، وستتحول المقاهي والبيوت إلى مراكز دروس خصوصية، فهل سنغلق النوادي والمقاهي والبيوت؟

إن كل ما يجب على وزير التربية والتعليم ووزارته فعله الآن هو العمل ثم العمل على إنجاح نظام التعليم الجديد.

وستظهر بوادر نجاح هذا النظام عندما نجد طلاب الصف الأول الابتدائي الذين بدأوا دراسة وفقا للنظام الجديد هذا العام لا يحصلون على دروس خصوصية عندما يصلون إلى الصف الثالث أو الرابع الابتدائي.

وحينها فقط نستطيع أن نستبشر بموت أخطبوط الدروس الخصوصية باستغناء الطلاب عنه، وليس بمنعه بالقوة.

هذا هو الحل الوحيد، ودونه فهو محاولة لإعادة اختراع العجلة.

إعلان

إعلان

إعلان