- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
لقد كانت الصورة في مطلع عام 1990 مثيرة للفزع ولا نقول القلق من حيث :
أولا: أن البنية المؤسسية التعليمية المصرية تكاد تكون قد تفككت وتهلهلت بصورة غير مسبوقة فى تاريخ مصر كلها . فالمدارس التى قارب عددها وقتئذ 25616 ألف مدرسة كان نصفها لم يعد يصلح بكل المقاييس للحفاظ على الحد الأدنى للكرامة الإنسانية - على حد تعبير أحد وثائق الوزارة - حيث تغيب دورات المياه وأخرى آيلة للسقوط، وآلاف غيرها بدون نوافذ أو أبواب، وآلاف أخرى تفتقر الى معامل ومكتبات، فهى لم تكن سوى أماكن سيئة لإيواء الأطفال ولاتشجع الأسر على أرسال أطفالهم الى المدارس.
ثانيا : والمناهج التعليمية - علاوة على الحشو والتلقين - باتت تفتقر الى أى فلسفة حضارية متميزة، وأهداف مجتمعية محددة، مما حدا بأجهزة حكومية مسئولة الى التنبيه على مخاطر استمرار هذا الوضع على العملية التعليمية فى مصر كلها.
ثالثا: كما أن الجماعات السياسية الدينية قد نجحت فى اختراق كامل النظام التعليمى الحكومى فى المدن وفى الريف، ووصل الأمر الى حد رفض تحية علم الدولة فى بعض المدارس باعتبارها عادة وثنية، بل بلغ الأمر حد تلقين الأطفال قيم وأفكار معادية لزملائهم الأقباط ، ومهددة بالتالى للتعايش التاريخى بين عنصري الأمة المصرية، وزاد الأمر حد أجبار الأطفال الإناث على ارتداء الحجاب دون مقتضى شرعى أو قانونى .
رابعا: وتعايشت مع هذه الظواهر الخطرة، ظاهرة أكثر خطورة وهى تشكل "مافيا تلقائية للدروس الخصوصية" أصبح أضعاف النظام التعليمي الرسمي غاية في حد ذاته لهذه الجماعات من المدرسين، وبهذا بات النظام التعليمي الحكومي والرسمي يقوم في الواقع على خدمة نظام تعليمي غير رسمي وغير قانوني وغير إنساني، علاوة على كونه مدمراً على الصعيدين التعليمي والأخلاقي للأجيال الجديدة ، حيث بات الإعلان عن مقار وأوكار هذه الدروس الخصوصية بابا ثابتا في وسائل الأعلام الحكومية، وعلى جدران وحوائط المدن وفى قلب العاصمة المصرية .
خامسا : وبالتزامن مع هذا تعزز مركز مافيا أخرى تسمى" مافيا الكتاب الخارجى"، أصبح من مصالحها الدائمة انهيار قيمة ومحتوى الكتاب المدرسى ( كتاب الوزارة ) ، فتلاقت مصالح هؤلاء بأولئك ليصبح ضحايا هذه التحالفات القذرة هو عقل النشء والشباب .
سادسا: ومن لم تنجح الجماعات الدينية فى تدجينه أو احتوائه بسبب ظروف اجتماعية وأوضاع طبقية معينة، نجحت صالات الديسكو وعصابات الإدمان والمخدرات التى انتشرت إلى حد الاصطفاف أمام بعض المدارس الثانوية بالأحياء الراقية والنوادي الكبرى بالعاصمة ، ليغرق فى داء الأدمان أو الاغتراب الذى ألحت عليه وعززت سطوته أجهزة الأعلام الرسمية عبر التكرار اللزج لأعمال درامية محلية وأجنبية شديدة التدنى الأخلاقي والقيمى ( الجريء والجميلات ، نوتس لاندنج ، فالكون كريست ... الخ) .
سابعا: ومقابل كل هذا كان الجهاز البيروقراطي الذى يدير العملية التعليمية هو فى جوهره جهاز محافظ ومعاد للتغيير، علاوة على السمات الأساسية للبيروقراطية المصرية من حيث الافتقار إلى الموهبة والأبتكار والخيال والتعامل الكسول مع تغيرات الزمن وتفاعلات العصر ، يكفى أن نشير إلى أن عدد العاملين فى وزارة التربية والتعليم قد زاد من أقل من 400 ألف شخص مابين مدرس وادارى وعامل عام 1970 ، الى 650 ألف عام 86/1987 ، منهم نحو 382 ألفا من المدرسين والنظار والباقى عمالة مكتبية وادارية وسعاة (6)، ثم زاد عدد العاملين فى وزارة التربية والتعليم عام 1996 إلى 1.5 مليون مدرس وموظف وعامل، أى ان نسبة الموظفين والسعاة من اجمالى العمالة بالوزارة تتراوح ما بين 30% إلى 35% (7) ، وهو نفس العدد الراهن فى عام 2017 ، هذا الجيش الادارى الضخم يستقطع نسبة لابأس بها من ميزانية الوزارة ، ويؤثر على الحوافز المقررة للقائمين بالعملية التعليمية فعلا .
المهم أن هذه الأوضاع الكارثية هى التى كانت قائمة حتى مطلع التسعينيات ، ويحفظ للوزير الأسبق ( د. حسين كامل بهاء الدين ) أنه قد نجح فى جذب اهتمام وانتباه النظام السياسى فى ذلك الوقت بفرعيها فى رئاسة الجمهورية وفى رئاسة مجلس الوزراء الى مخاطر هذا الوضع على الأمن القومى المصرى (8) .
محاولات للإصلاح
وفى أعقاب زلزال أكتوبر 1992 وبعد اجتماع عاصف لمجلس الوزراء المصرى خصص لمناقشة تقرير حول الأوضاع التعليمية عموما ، والأبنية المدرسية تقرر زيادة الاعتمادات المخصصة لإنشاء المبانى التعليمية من 819 مليون جنية فى الخطة الخمسية الثانية ( 87/88 _ 91/1992 ) ، إلى ثلاثة مليارات جنية فى الخطة الخمسية الثالثة ( 92/1993 –96/1997 ) ، ثم زيدت فى الخطة الخمسية الرابعة (97/98 –2001/2002 ) الى 23و6 مليار جنيه (9) .وتحددت احتياجات المباني التعليمية خلال السنوات العشر (1992- 2002 ) بنحو 19947 مدرسة موزعة كالتالى :
1- مدارس مطلوبة لمواجهة الزيادة السكانية 3686 مدرسة .
2- مدارس مطلوبة لمواجهة تعدد الفترات 5408 مدرسة .
3- مدارس مطلوبة لمواجهة كثافات الفصول 1191 مدرسة .
4- مدارس مطلوبة لمواجهة الأحلال 5180 مدرسة .
5- مدارس مطلوبة لمواجهة المتسربين 4482 مدرسة .
وخلال السنوات الثماني الممتدة من عام 1992 الى 1999 نجحت هذه الجهود فى بناء 6534 مدرسة جديدة بخلاف 1980 مدرسة بنظام الفصل الواحد فزاد عدد المدارس فى مصر إلى 32150 مدرسة كما جرى صيانة نحو ثلاثة آلاف مدرسة قديمة (10) .
بيد أن هذه الزيادات لم تتمكن من ملاحقة التزايد المستمر فى أعداد الطلبة ، ومواجهة حالات التسرب حيث زاد عدد التلاميذ فى جميع مراحل وأنواع التعليم قبل الجامعى من 1و12 مليون تلميذ عام 91/1992 ، الى 7و14 مليون تلميذ عام 98/1999 ، منهم نحو 8 مليون تلميذ بالمرحلة الأبتدائية وحدها ، و1و4 مليون بالمرحلة الإعدادية ، علاوة على مليون تلميذ بالمرحلة الثانوية ، ونحو 7و1 مليون تلميذ بالتعليم الفنى بأنواعه .
ولم تتوقف جهود الإصلاح عند زيادة الاعتمادات المخصصة للمنشآت التعليمية ، بل لقد زادت الاعتمادات المخصصة للوزارة ككل والعاملين فيها فى محاولة - يبدو أنها مازالت متعثرة - لتعويض المدرسين عن حرمان طويل من أجور متناسبة مع جهودهم المفترضة فى التعليم من ناحية ، ومع تدنى مستوى معيشتهم من ناحية أخرى .
وهكذا زادت مخصصات موازنة الوزارة من 2.3 مليار جنية عام 90/1991 الى 10.7 مليار جنية عام 99/2000 ، توجه منها نحو 70 % فى المتوسط الى الأجور والمرتبات
وترادف مع ذلك ثانى أكبر حملة لأرسال بعثات من المدرسين للتدريب والتعليم بالخارج ، حيث بلغ عدد من أرسلوا لتلقى التدريب من المدرسين بالولايات المتحدة وفرنسا وإنجلترا وغيرها منذ عام 91/1992 وحتى عام 1999 نحو 5288 معلما ، وجرى تدريب 374 ألفاً آخرين داخليا خلال نفس الفترة .
وصاحب ذلك استعادة نظم التغذية المدرسية - برغم تواضع مكوناتها والفساد المصاحب لها- حيث زادت الاعتمادات المخصصة لها من 1و30 مليون جنيه عام 90/1991 ، استفاد منها حوالى 4و2 مليون تلميذ الى 218 مليون جنيه ، واستفاد بها ما يزيد على 7و8 مليون تلميذ (11) .
والحقيقة أنه برغم بعض التحسن فى الأداء التعليمى الحكومى وتنظيم عدة مؤتمرات قومية شارك فيها كبار الخبراء وأساتذة التربية من كافة التيارات والاتجاهات الفكرية لتطوير المناهج والمقررات التعليمية ، وبداية أدخال أجهزة الكمبيوتر والمعلوماتية فى النظام التعليمى ، فمازال هذا النظام يعانى من " سلب الروح " التى هى مناط فعال وجوهر أى نسق تعليمى ومناسب لروح العصر حيث :
1- عانى فى المدارس الحكومية - خاصة فى المرحلين الابتدائية والإعدادية - من ارتفاع نسبة كثافة الفصول حيث تبلغ هذه الكثافة ما بين 46 تلميذ/ فصل إلى 80 تلميذ / فصل ، مما يحيل العملية التعليمية إلى جحيم لا يطاق سواء للمدرس أو للتلميذ .
1- ويترتب على ذلك بالضرورة انتشار مجموعات التقوية ، وتتعزز الدروس الخصوصية ، بما يؤدى إلى انهيار قيم القدوة والأستاذية لدى الطفل ، فالمدرس بالنسبة للتلميذ فى هذا العمر المبكر هو أحد أهم خطوط الدفاع القيمية والرمزية فى مدركات آخذة فى التشكل فى وسط جماعى ، وفى إطار عملية تنشئة اجتماعية أوسع مدى وأكثر تاثيرا . لقد عبر الدكتور حسين كامل بهاء الدين وزير التربية والتعليم الأسبق بشجاعة عن هذه الحقيقة بقوله ( لقد تظاهر المجتمع بانه يوفى هؤلاء المعلمين أجورهم ، وهم بدورهم تظاهروا بأنهم يؤدون عملهم ، والتظاهر المتبادل حقق كارثة ) (12) .
2- وزاد الأمر سوءا أن نصف مدارس مصر ( أى نحو 5و12 ألف مدرسة بكثافة تزيد على 5 ملايين طفل وتلميذ ) كانت تفتقر الى أية مقومات إنسانية للعملية التعليمية والتربوية ، وهو ما يجرى محاولة علاجه بصورة مكثفة وأحيانا متعجلة ، وإن كان ذلك لم يحل دون ترك جراح غائرة فى نفوس هؤلاء الأطفال والنشء بفعل الإهمال الذي تعرضوا له لسنوات طويلة ماضية .
3- وبرغم نسب القيد فى التعليم الابتدائي قد تحسنت من 87 % عام 1988 الى نحو 97% عام 1998 فإن نسب التسرب فى التعليم الابتدائي مازالت تدور حول معدل 15% ، وتزداد هذه النسبة بين الإناث خاصة فى محافظات الوجه القبلى والبحرى وبعض الاحياء الفقيرة بالمدن المصرية ، ويبلغ عدد المتسربين فى الريف عام 1993 نحو مليون طفل أضيفوا إلى رصيد الارتداد للأمية فى مصر (13) ، حيث يقدر عدد الأميين فى مصر من سن عشر سنوات فأكثر بنحو 19 مليون إنسان عام 1995 يشكلون 34% من سكان مصر (14).
4- ويقدر عدد الأطفال فى الفئة العمرية (2_ 6 سنوات ) الذين لا تتوافر لهم خدمة تربوية بنحو 5و4 مليون طفل بخلاف 400 ألف طفل آخرين موجودون فى دور الحضانة .
5- وعزز من هذا المناخ السلبى على العملية التعليمية وسط ثقافى وإعلامى يقدم نماذج مشوهة على الصعيدين النفسى والأخلاقى وترادف كل هذا مع انهيار كامل وشامل للأنشطة التربوية فى المدارس الحكومية ، وكثير من المدارس الخاصة مثل الأنشطة الرياضية والفنية والأدبية والمسرحية والثقافية والعلمية .. الخ ، تحت وطأة الإلحاح المستمر والممجوج بالاستعداد للامتحانات فأصبحت المدارس بمثابة مأوى عشوائي للتحصيل والتلقين التعليمى المتدنى .
6- ولسوء الحظ فقد أتى التغيير الوزارى فى عام 2000 برئيس للوزراء ( د. عاطف عبيد ) لم يكن متحمسا أبدا لتخصيص مبالغ مالية كبيرة لبناء مدارس حكومية جديدة ، وكان بوصلة توجهاته تشجيع المستثمرين على بناء المدارس الخاصة وما أسماه المدارس التعاونية ، فعادت المشكلة لتكبر من جديد ، وبدأنا فى التراجع مرة أخرى .
إعلان