لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

​السلام الإيجابي والتخطيط للمستقبل

​السلام الإيجابي والتخطيط للمستقبل

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

09:00 م الإثنين 02 يوليه 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

صدر منذ فترة مؤشر السلام العالمي للعام 2018، والذي ينشره بصورة دورية معهد دراسات الاقتصاد والسلام ، ويشير هذا المؤشر إلى كون العالم أصبح أقل سلامًا، خاصة مع تراجع حالة السلام في عدد 92 دولة من الدول التي يغطيها التقرير.

ولم يكن وضع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أفضل من الوضع في العالم، حيث بها خمس دول من العشر دول الأقل سلاما في العالم وهي ليبيا واليمن والصومال والعراق وسوريا، كما أن باقي دولها تتصدر قائمة الخمسين دولة الأقل سلاما في العالم.

كما يشير التقرير إلى تدني حالة السلام في قطر بسبب الإجراءات التي اتخذت ضدها من قبل الرباعي العربي مصر والإمارات والبحرين والسعودية.

ورغم هذا التقييم لحالة السلام في الشرق الأوسط، إلا أن التقرير يشير إلى أن هذه المنطقة شهدت تحسنًا نسبيًا في مجالين؛ الأول خاص بحالة اللاجئين والنازحين وتعدد البرامج والمبادرات الخاصة بتحسين ظروفهم المعيشية في الدول الشرق أوسطية التي انتقلوا إليها.

ويتعلق المجال الثاني بتأثير الإرهاب، حيث يشير التقرير إلى أنه خلال الفترة التي يغطيها خسر تنظيم داعش 90% من إجمالي الأراضي التي نجح في السيطرة عليها في 2015 في العراق بصورة رئيسية وفي سوريا بصورة أقل.

وما يلفت الانتباه في هذا التقرير، هو أنه يميز بين نوعين من السلام وكلاهما مكمل لبعضهما، النوع الأول هو السلام السلبي والقائم على غياب العنف والشعور بالعنف، ويتم قياسه من خلال عدد 23 مؤشرًا موزعة على 3 مجالات رئيسية هى حالة الصراع في داخل الدولة وفي علاقاتها الخارجية، والأمن المجتمعي ويقاس بغياب العمليات الإرهابية والعنف المحلي وانخفاض معدلات الجريمة، والمجال الثالث وهو حجم الإنفاق العسكري في الدولة وما يرتبط به من نوعية الأسلحة المتوافرة فيها وحجم العاملين في مؤسساتها العسكرية.

والنوع الثاني هو السلام الإيجابي والذي يشير إلى السياسات والمؤسسات والمبادرات التي تتبناها الحكومات من أجل رفع مستوى السلام في مجتمعها، ويتم قياسه من خلال عدد 24 مؤشرًا في ثمانية مجالات هي كفاءة وفعالية الحكومة، والتوزيع العادل للموارد، والتدفق الحر للمعلومات، والعلاقات الجيدة مع دول الجوار، ومستوى رأس المال البشري وانتشار ثقافة قبول حقوق الآخر وانخفاض معدل الفساد ووجود بيئة أعمال جيدة.

وفي تقييم التقرير لحالة السلام الإيجابي في منطقة الشرق الأوسط انتهى إلى أن المنطقة تعد من المناطق التي ينخفض فيها معدل السلام الإيجابي بسبب انخفاض تصنيف دولها بالنظر إلى المجالات الثماني السابقة.

والنقطة المهمة في هذا التقرير، أنه في الوقت الذي تهتم فيه معظم الدول بقياس وتحليل مؤشرات السلام السلبي، وتقدير تأثيره على أمنها القومي، يلفت هذا التقرير الانتباه إلى السلام الإيجابي باعتباره هدفًا من الممكن أن يتم تضمينه في الخطط الخاصة بالدول ويتم تطوير سياسات من أجل تحقيقه.

كما أن التقرير يشير لنقطة مهمة جدا ومرتبطة بضرورة تقدير التداعيات غير المقصودة للإجراءات التي قد تتخذها الدول من أجل تحسين حالة السلام الايجابي فيها، فمثلا قد ينتج عن تسحين مستوى التعليم دون أن يصاحب ذلك تحسين فرص الحصول على الوظائف انخفاض حالة السلام في الدولة بسبب تأثير ذلك السلبي على مجالات أخرى مثل معدل الفساد في الدولة.

إن السلام الإيجابي يقوم في جوهره على قدرة الدولة والمجتمع على امتصاص الأزمات وتطوير آليات للتعامل معها resilience، وتحقيقه يتطلب التخطيط له بصورة ملائمة وتكريس الموارد المطلوبة لتنفيذ تلك الخطط.

إعلان

إعلان

إعلان