لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

عودة القطاع العام

د. جمال عبد الجواد

عودة القطاع العام

د. جمال عبد الجواد
09:01 م الجمعة 31 أغسطس 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

مازالت مصر تبحث عن حل لمشكلات القطاع العام. الكثير من شركات القطاع العام تخسر، فيما قيمة الأرباح التي تحققها الشركات الجيدة منها لا تتناسب مع حجم الاستثمارات التي تم ضخها في هذه الشركات، ولا مع قيمتها السوقية. رئيس الوزراء ووزير قطاع الأعمال وعدوا الرئيس السيسي باستكمال خطة إصلاح القطاع العام قبل نهاية هذا العام. لاحظ أننا نتحدث عن خطة الإصلاح وليس عن الإصلاح نفسه. لن نسعد أو نرضى حتى نرى الخطة وقد تم تنفيذها؛ ونرى القطاع العام وقد كف عن استنزاف أموال دافعي الضرائب والخزانة العامة التي تذهب لتمويل شركات خاسرة، ودفع أجور لعمال في شركات لا تنتج، وأرباح لعاملين في شركات لا تربح.

مازلنا نبحث عن حل لمشكلات القطاع العام، ومع هذا فإن القطاع العام يواصل التوسع. قبل إقالته بأيام قليلة أعلن اللواء السيد نصر، محافظ كفر الشيخ، عن البدء في إنشاء مصنع سخا للألبان باستثمارات قدرها 300 مليون جنيه، على أن يتم الانتهاء من إنشاء المصنع الجديد خلال عام واحد. ولأن الشيء لزوم الشيء، أعلن المحافظ أنه سيتم إنشاء مزرعة للثروة الحيوانية بسعة 1500 رأس ماشية، لتوفير مستلزمات الإنتاج لمصنع ألبان سخا، بالإضافة إلى إنشاء 25 مركز لتجميع الألبان. ولأن المحافظات والمحليات عندنا لا تفوتها فائتة عندما يأتي الأمر لملف التخطيط الذي تحمل فيه محلياتنا دكتورهات فخرية وماسجتيريهات فولاذية، فإن مشروع مصنع الألبان يشمل أيضا 13 منفذًا لتوزيع منتجات مصنع ألبان سخا، فالمصنع الحكومي الجديد سيربي الأبقار، ويجمع الألبان، ويصنعها، ثم يعيد بيعها للمواطنين في تخطيط رائع تجيد البيروقراطية المصرية حبكه وسبكه.

قال المحافظ المنتهية خدمته أن مصنع الألبان الجديد سيتم تشييده على أنقاض مصنع الألبان القديم المهجور منذ عشرين عاما، حتى تحولت معداته إلى خردة، وتهالكت مبانيه. سيتم هدم ما بقي من المصنع القديم، وإزالة أنقاضه، لإنشاء المصنع الجديد مكانه. لقد كان هناك مصنع قديم للألبان تابع للمحافظة نفسها، وتحول المصنع في أيدي البيروقراطية إلى خرابة، ولم يقل لنا أحد أن المسئولين عن الخراب خضعوا للحساب، أو أننا نعرف لماذا خرب المصنع في المرة الأولى، ولماذا لن يخرب في المرة الثانية، ولماذا لن تضيع الاستثمارات الجديدة كما ضاعت الاستثمارات السابقة.

ما هو موجود من القطاع العام يمثل – في أغلبه - هدرا للموارد الاقتصادية؛ وبينما الدولة على أعلى المستويات مازالت تبحث عن حل لهذه المشكلة، يأتي البعض ليضيف إلى المشرحة مزيدا من القتلى. الحجم الراهن لمشكلة القطاع العام في مصر أقل بكثير مما كانت عليه المشكلة حتى التسعينيات، عندما تم التخلص من عدد كبير من وحدات القطاع العام، كان القسم الأعظم منها عبارة عن مصانع متوسطة الحجم، وحظائر تسمين مواشي، وبطاريات تربية فراخ وأرانب، ومنافذ بيع، كلها مملوكة للمحافظات ووحدات الإدارة المحلية. القدر الأكبر من فساد القطاع العام وسوء إدارته كان يحدث في الوحدات التابعة للمحليات، والذي وعدنا محافظ كفر الشيخ بإضافة مصنع جديد له. أتمنى لو أن محافظ كفر الشيخ الجديد ينهي هذه المغامرة قبل أن نذهب بعيدا في التورط فيها.

إعلان

إعلان

إعلان