لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

رسائل فيلم الضيف حول الإرهاب والتطرف

د. إيمان رجب

رسائل فيلم الضيف حول الإرهاب والتطرف

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

09:01 م الثلاثاء 22 يناير 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تظل الأفلام السينمائية أداةً مهمةً لتثقيف الناس ولفت انتباههم لعدد من القضايا الموجودة في المجتمع، وفيلم الضيف المعروض خلال هذه الفترة في السينما أحد مثال مهم على ذلك؛ ليس بسبب معالجته الدرامية لشاب مصري اتجه لممارسة الإرهاب، وهي قضية استهلكت في أفلام عديدة، عُرضت طوال السنوات الماضية، وإنما بسبب محاولته تغيير الصور النمطية السائدة عن المتطرفين الذين يمارسون الإرهاب.

وفي إطار ذلك يقدم الفيلم أربع رسائل رئيسية:

الأولى أنه لم يعد هناك نموذج نمطي لشكل الإرهابي ومظهره؛ حيث إن بطل الفيلم هو شاب مصري درس الهندسة في الخارج، وعاد ليعمل محاضرًا في إحدى الجامعات الدولية بمصر، ويرتدي زيًا عاديًا يماثل ما يرتديه معظم الشباب المصري، باستثناء "دقن خفيفة" لديه، وبالتالي فإن تعرضه لثقافات متعددة لم يحصنه أمام مواجهة الفكر المتطرف الذي اقتنع به، وانعكس في رؤيته للمسيحيين، وهو ما اتضح بجلاء في رد فعله، حين علم أن فريدة، الفتاة التي تقدم لخطبتها، هي لأب مسلم وأم مسيحية.

وتنصرف الرسالة الثانية إلى أن من يؤمن بالأفكار المتطرفة- مهما يبلغ مستوى تعليمه- فإنه لا يكون قادرًا على تقبل مناقشته في تلك الأفكار من قبِل شخص مختلف عنه، وهو ما عبرت عنه المشاهد المختلفة في الفيلم والتي كان يناقش فيها دكتور يحيى والد فريدة- وهو يعرف بأنه مفكر وكاتب- الشاب أسامة في أفكار مختلفة تكشفت أثناء حوارهم، وتعلقت بالعلاقة مع المصريين المسيحيين وتقبل الآخر والتسامح وممارسة الإرهاب وغيرها.

كذلك كشفت تلك المشاهد عدم قدرة الشاب أسامة على الرد على الحجج التي ساقها دكتور يحيى، بل كانت علامات التوتر تظهر على وجهه وعلى ردود فعله الجسدية كلما واجهه دكتور يحيى بحجة مستقاة من كتب "ابن تيمية" و"ابن عثيمين".

وتتعلق الرسالة الثالثة بأن الانسياق وراء الأفكار المتطرفة لا يتطلب الانضمام لعضوية تنظيم معين، حيث تجنب الفيلم طرح كون أسامة عضوًا في أي من التنظيمات الإرهابية المعروفة، كما أن ذلك لا يتطلب أن يكون هناك اعتناقٌ لفكرة كبيرة ذات طابع ديني، مثل فكرة الخلافة الإسلامية مثلًا؛ حيث كان من الواضح أن سبب قرار الشاب أسامة قتل الدكتور يحيى هو ما يعتقده من دور الدكتور يحيى في تعذيب أحد الشخصيات، وأنه جاء لينتقم لتلك الشخصية من الدكتور يحيى، لاقتناع الشاب أسامة بحقه في ذلك، وأنه المخاطب بالآية القرآنية التي استخدمت بصورة مكثفة في العديد من المشاهد وهي "قم فأنذر".

وهذا النوع من القناعات لا يستند بالضرورة إلى حقائق، بل أحيانًا يكون مستندًا لأوهام وعدم معرفة الحقائق بصورة كاملة أو نتيجة لروايات منقوصة أو مغلوطة.
أما الرسالة الرابعة والأخيرة، فتنصرف إلى استباحة الشاب (أسامة) أمورًا عديدة، تنطوي على الخداع والكذب؛ بهدف دخول بيت دكتور يحيى حتى يقوم بقتله، فاتجه لإقناع الفتاة (فريدة) بأنه يحبها، وسيتقدم لخطبتها من والديها شريطة ان ترتدي الحجاب.
واتضح في مشاهد متعددة أنه ادّعى ذلك ليصل لغايته، وهو ما تأكد بتهديده بقتلها إذا لم يقم الدكتور يحيى بتسجيل فيديو يعلن فيه تراجعه عن كل أفكاره التي يزدري من خلالها الدين الإسلامي، وفق قناعة الشاب (أسامة).

هذه الرسائل الأربعة التي يقدمها فيلم الضيف تستحق النقاش على نطاق واسع، لأنها تعكس في أجزاءٍ كبيرة منها أبعادًا مختلفةً للواقع المَعِيش.

إعلان

إعلان

إعلان