لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أصحاب الهمم (22).. معبود الجماهير

د طارق عباس

أصحاب الهمم (22).. معبود الجماهير

د. طارق عباس
09:14 م الخميس 19 ديسمبر 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

رائع أن تمتلك موهبة، تحفظها وترعاها وتطورها وتنميها؛ لتكون سفيرك للناس، تعرفك بهم وتعرفهم بك، وتنقلك من مجرد شخص موجود إلى شخص مؤثر وفعال، رائع أن تقدر إبداعك وتؤمن به وتتماهى معه إلى الدرجة التي يكون فيها انعكاسًا لما في داخلك ومفتاحًا لاكتشاف شخصيتك، رائع أن تبلغ من الشعبية الحد الذي تنتظر فيه الجماهير طَلتك ويحلقون معك في فضاء العشق والحب والنغم، رائع أن تتحلى بأجمل زينة الإنسان "الفن" فتمارسه حرًا شجاعًا صادقًا شهمًا رمزًا للوفاء والنقاء والصفاء والإبهار والإكبار وحسن الخلق وفضائل الأعمال، رائع أن تعيش محبًا للحياة مهما كانت معاناتك فيها ومشكلاتك معها، مهما فقدت من حواس وابتليت بإعاقات وأمراض؛ لأنك لكل ما سبق، إذا استسلمت لنقاط ضعفك وخوفك، واخترت الهم والغم والأسى والألم والإحساس بالضعة، فستعتد ظلمة نفسك وسيتأسس وجدانك على مخاصمة الرقة والجمال، رائع أن يشار إليك بالبنان وأن تشغل أخبارك حيزًا كبيرًا من اهتمام الناس لكونك موجودًا بعملك وبإبداعك وبإثراء مخزون خيالك وخبراتك، وما أروع المغني والكاتب والملحن والمنتج الأمريكي "ليتل ستيفي وندر" العازف على قيثارة الأمل والحالم بالتميز والعاشق للفن والمحترم للجمهور والحاصد لنجومية جعلته طرازًا فريدًا ومتفردًا في تاريخ الغناء الأمريكي.

اسمه الحقيقي "ستيفلاند كاردوي جودكنز" من مواليد ولاية "ميشيغان" الأمريكية، وذلك في 13 مايو 1950، كان في الترتيب بين إخوته "الثالث" وشاء قدره أن يولد قبل أوانه، ما تسبب في اعتلال شبكية عينيه ومجيئه للدنيا كفيفًا.

ولأن الله لا يظلم خلقه فقد عوض ستيفي عن فقدان حاسة البصر بقوة عظيمة في حاسة السمع، تلك الحاسة التي كانت سبيله إلى الغوص في عالم الموسيقى والنغم، من خلال صوته المتميز، وقدرته على إجادة عزف العديد من الآلات الموسيقية مثل: "الأكورديون، الجيتار، البيانو، الهارمونيكا، الدرامز" وغيرها، احترف وندر الموسيقى وهو في الثامنة من عمره، إذ كان يغني مع الكورس بإحدى الكنائس، وقد تصادف أن استمع إليه شخص يدعى "روني نايت" عندما كان يبحث عن مواهب يمد بها شركة إنتاج أمريكية شهيرة اسمها "موتاون"، وأُعجِبَ كثيرًا بالصوت والأداء حتى أنه وقع مع وندر عقدًا بعمل العديد من الأغاني منها: "evey things alight" وقد حقق هذا الألبوم نجاحًا مدويًا رفع من أسهم ستيفي الفنية وزاد شعبيته بشكل ملحوظ، شجعه على أن يعيد بصوته تسجيل أغنية لكبار المغنيين "بوب ديلان"، ومع حلول سنة 1967عمق صلاته بالمطربين وزاد تعاونه معهم بمشاركتهم تأليف وتلحين وغناء أعمال فنية متميزة، بل وبدأ ستيفي في الإنتاج لنفسه، والحقيقة أن الرجل حرص كل الحرص على ألا تكون مضامين أغنياته عاطفية فقط، بل جعلها متنوعة في التعبير عن قضايا اجتماعية وأخلاقية ودينية مهمة مثل: "التسامح والرحمة ونبذ العنصرية والتغني بالطبيعة والدعوة للعدل والمساواة، وفي الفترة من سنة 1968–1970 قدم ستيفي أغنيات جديدة ناجحة منها: "for once in my life"، ثم بعد ذلك تعاون مع زوجته "سيريتا رايت"، في تأليف وغناء عدد من الأغاني الكلاسيكية مثل: "Iwas Meet to love her , superstition".

من فرط شعبية وندر تم تصنيفه ضمن الفنانين الأكثر مبيعًا في التاريخ كما أُختير عضوًا في لائحة شرف كتاب الأغاني في سنة 1983، ثم رشحته الأمم المتحدة رسولاً للسلام سنة 1909، وفي نفس السنة شارك في حفل تنصيب أوباما رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية.

حصل ستيفي وندر على أكثر من 25 جائزة، منها : "نيشان الفنون والآداب برتبة قائد، جائزة إنجاز العمر، الجائزة الفخرية للروك، وسام الحرية الرئاسي، وجائزة مركز كندي الثقافي".

من أشهر أقواله: (جوهر الموسيقى هو الذي يمدنا بالذكريات، وكلما طال تواجد الموسيقى في حياتنا، حصلنا على عدد أكبر من الذكريات).

لا يزال ستيفي وندر إلى الآن يملأ الدنيا غناءً، ولا يزال نور قلبه يفيض علينا حبًا وفنًا وجمالاً.

إعلان

إعلان

إعلان