لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

هذه الورقة التي لعب بها العرب.. وكسبوا!

سليمان جودة

هذه الورقة التي لعب بها العرب.. وكسبوا!

سليمان جودة
09:00 م الأحد 31 مارس 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

سليمان جودة

نقلت وكالة رويترز عن الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو، ما يفيد بأن العرب يملكون في أياديهم الكثير من الأوراق السياسية، وأنهم قادرون على اللعب بها عند الضرورة، وأنهم قادرون أيضاً على توظيفها في إحراز الكثير من الأهداف في أكثر من مرمى!

فالرئيس بولسونارو تسلم رئاسة بلاده في أول يناير الماضي، وعندما كان في عز السباق الرئاسي آخر ٢٠١٨، كان لا يتوقف عن إبداء إعجابه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وكان يعتبره قدوته في الكثير من الأفكار، وكان من الطبيعي- والحال هكذا- أن يمشي على درب ترامب في بورصة الوعود الانتخابية، ولذلك وعد بأنه سوف ينقل سفارة بلاده في إسرائيل، من تل أبيب إلى القدس إذا فاز!

فلما فاز صرح بما معناه أنه ملتزم بوعده الانتخابي في هذه النقطة بالذات، وأنه فقط ينتظر الوقت المناسب للوفاء بما وعد، وأرسل ابنه عضو مجلس النواب إلى واشنطن، من أجل لقاء مع جاريد كوشنر، زوج ابنة ترامب ومستشاره الخاص، لإيصال رسالة إلى البيت الأبيض بهذا المعنى!

ولم يشأ بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، أن يُفوّت الفرصة فقام بزيارة إلى البرازيل، بعد أن تسلم بولسونارو مهام عمله بأيام، للسعي إلى نقل الفكرة من مجرد وعد انتخابي أطلقه صاحبه في وقت الدعاية الانتخابية إلى قرار يجري اتخاذه، ثم إلى حقيقة حية على الأرض!

ولكن في هذه الأثناء كلها كانت هناك في المقابل حركة سياسية عربية تقاوم وترفض، فقررت القاهرة تأجيل زيارة كان من المقرر أن يقوم بها إليها وزير الخارجية البرازيلي، وكان ذلك دليلاً حياً على حيوية هذه الحركة، ثم كانت هناك خطوات أخرى على المستوى العربي، أدت إلى أن يخرج بولسونارو على الصحفيين، صباح الأربعاء، ٢٧ مارس، ويعلن أنه لن ينقل سفارة بلاده، وأنه بالكثير قد يفتتح مكتباً تجارياً لبلاده في القدس !

ومعروف أنّ "قد" في اللغة تفيد الاحتمالية.. أي أن افتتاح مكتب تجاري برازيلي في القدس، رغم أنه الحد الأدنى ربما يحدث أو لا يحدث!

فماذا جرى حتى يتحول الرئيس البرازيلي في رأيه إلى هذه الدرجة؟!

الحقيقة أن ما جرى هو أن دولاً عربية هددت بوقف استيراد اللحوم البرازيلية، إذا ما قرر بولسونارو الانتقال بوعده الانتخابي، من مجرد كلام قيل على سبيل اللعب على أعصاب الناخب، ودغدغة مشاعره إلى خطوة فعلية في الواقع.. وقد كان تهديدٌ كهذا كفيلاً بدفع الرجل إلى مراجعة نفسه، بل إلى التراجع عما كان قد قال به في لحظة اندفاع انتخابية!

فما كاد التلويح بوقف استيراد لحوم البرازيل يصل إلى هناك حتى كان قطاع الزراعة البرازيلي قد أصيب بالفزع، لأن مجمل صادراته إلى الأسواق العربية يصل إلى خمسة مليارات دولار سنوياً، وهو رقم كفيل بإصابة ذلك القطاع في مقتل، لو توقف المستوردون العرب عن المجيء باللحوم البرازيلية إلى المستهلك العربي!

وما كاد الفزع الذي أصاب القطاع يصل إلى بولسونارو، حتى كان من جانبه قد حسبها بالورقة والقلم، وحتى كان قد خرج علينا بما خرج به في شأن السفارة!

وهذا أمر- على كل حال- يبعث على شيء من الأمل، بعد أن كان توقيع ترامب على قرار اعتراف إدارته بسيادة إسرائيل على الجولان السورية قد بدد الكثير من الأمل!

وهذه الورقة هي أقل الأوراق التي نملكها كعرب؛ ففي أيادينا غيرها الكثير والكثير، ولكن المهم هو كيفية اللعب بها وتحريكها على الطاولة من مربع إلى مربع.

إعلان

إعلان

إعلان