إعلان

 نداء من صانعه: اقتلوا فيسبوك وحاسبوا مارك!

محمد حسن الألفي

نداء من صانعه: اقتلوا فيسبوك وحاسبوا مارك!

محمد حسن الألفي
09:00 م الثلاثاء 14 مايو 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

من هو أكبر تاجر رقيق في عصرنا الحالي؟ كم عدد عبيده؟ كم دولة يسيطر عليها؟

ثلاثة أسئلة تتفرع منها عشرات الأسئلة، لكن الإجابة يعرفها الجميع، ويتعايش مع تداعياتها الجميع.

مارك زوكربيرج اللطيف الرقيق هو أكبر نخاس معاصر، وعدد عبيده يتجاوز المليار من البشر، والحكومات الخاضعة له بلا حصر، بل هو مسيطر على شعوب الدول والحكومات بأكثر مما تفعل أو تستطيع الدول بكل قوتها وقواتها.

وبسبب من هذه السيطرة المتوحشة بيد شخص واحد احتكر القوة بلا محاسبة، فإن كريس هيوز، المؤسس المشارك لفيسبوك، كتب مقالا في الـ"نيويورك تايمز الأمريكية" يجب تحليله والنظر فيه، لأن المقال يُعد وثيقة إقرار بالندم واعترافًا بارتكاب جريمة معلوماتية ضد الطبيعة البشرية.

قال كريس هيوز- وهو حاليا رئيس مجلس إدارة مشارك في "مشروع الأمن الاقتصادي"، وكبير مستشاري معهد روزفلت الأمريكي- إن مارك شاب طيب ووديع، لكنه يمتلك وحشًا لا يستطيع السيطرة عليه، وإن المنصات العملاقة الثلاث (فيسبوك، واتس آب، إنستجرام) صارت أسلحة خارج السيطرة، بل إن هذه المنصات تهدد الديمقراطية في مقتل، وخلقت عادات استعبادية جديدة، أدت إلى تفكيك الأسر، والتباعد الاجتماعي، فضلا على بث ملايين الأخبار الكاذبة، والشائعات، وعدم الحفاظ على بيانات وأسرار عشرات الملايين من مستخدمي المنصات.

تفجرت أول فضيحة كبرى لشركة فيسبوك في صيف ٢٠١٧، وساءت معها سمعة الشركة ومارك معًا، حين تسربت من الشركة حسابات عشرات الملايين لصالح شركة استشارات سياسية، بهدف التأثير على أصوات الناخبين.

قال "هيوز" إن خمسة عشر عامًا مرت منذ شارك في تأسيس فيسبوك، وقت أن كان هو ومارك طالبين بجامعة هارفارد، واليوم يدعو للقضاء على هذه المنصة لشعوره بالغضب ولشعوره بالمسئولية.

منبع الشعورين الأخيرين أن مارك بدأ يفقد القدرة على ترويض هذه القوة الجبارة وسلطته عليها؛ لأن مارك لم يعد يأخذ رأي أحد سوى "مارك"!

الفريق الذي معه يطاوعه، ويجاريه، ولا يتحدى أفكاره، ولم تعد له سلطة الإشراف على ما يبث من محتوى.

مارك وحده يحدد من يظهر ومن يختفي، ويتحكم في الإعدادات، ويسمح بوصول رسائل، ويمنع وصول رسائل

أخطر من هذا كله هو ما أتاحته هذه الثورة الإعلامية الهائلة- وهذه وجهة نظري أنا- من منفذ واسع النطاق، بلا حسيب ولا رقيب للمتطرفين قوميا ودينيا وعرقيا، وللمجانين عسكريا وسياسيا وجنائيا وعاطفيا والسيكوباتيين.

يجد الإرهابي وهؤلاء جميعًا ضالتهم المنشودة: محطة تليفزيونية مباشرة، وجريدة فورية، يراسلون من يرغبون، ويتحالف مع أفكارهم.

وأبعد من ذلك وقع؛ فقد أخرجت المنصات- ومعها تويتر- وزارات الخارجية من التعامل مع الرأي العام، وأخذت جزءًا واسعًا من وظيفتها، وبات رؤساء الدول ومعارضوهم يخرجون على الملايين بقرارات وآراء وتوجهات تجاوزت الهيئات الدبلوماسية والجهات الأمنية ذاتها.

من أجل هذا كله، لا بد من القضاء على احتكار المعلومات. القضاء علي فيسبوك وواتس وإنستجرام.

ويبرر "هيوز" دعوته هذه بأن حصر القوة في قبضة فرد واحد يخالف التقاليد الدستورية الأمريكية التي حفظت للدولة استمراريتها، بالتوازن بين السلطات، ما بين الكونجرس بغرفتيه والرئيس والقضاء.

هذا التوازن يختل حاليا بسبب سيطرة مارك الهائلة على المحتوى وعلى الوقت وعلي البوابة: من يدخل ومن يخرج!

كان مارك مولعا باستخدام لفظة الهيمنة Domination منذ الأيام الأولى حين يصف طموحهما من وراء بناء مشروع فيسبوك.

ويختتم "هيوز" بأنه يجب على الحكومة الأمريكية أن تحاسب مارك على أخطائه في فيسبوك، لكن المشرّعين الأمريكيين للأسف يغضون الطرف عن هذه الأخطاء؛ لأنهم مستخدمون للمنصات!

صرنا حقا مدمنين للمعلومات، ما صدق منها وما كذب، واختطفَنَا أناسٌ وهميون لا نعرفهم، من أحضان أقرب الناس إلينا.

تلك هي الكارثة الحقيقية .

إعلان

إعلان

إعلان