لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"الجونة".. السينما في مواجهة الـ"كورونا"

الكاتب الصحفي محمد سمير فريد

"الجونة".. السينما في مواجهة الـ"كورونا"

محمد سمير فريد
07:00 م الإثنين 16 نوفمبر 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تحت شعاره الدائم "سينما من أجل الإنسانية"، اختتم "مهرجان الجونة" دورته الرابعة في بداية الشهر الجاري بنجاح باهر وسط ظروف إنسانية عالمية صعبة يعاني منها الجميع بسبب انتشار وباء الـ"كورونا" منذ بداية العام الحالي.

وكالعادة، صاحب النجاح التنظيمي والفني الكبير جدل مستمر وانتقادات، بدأت مع إعلان تكريم النجم الفرنسي جيرارد ديبارديو، وانتهت بمحاولة تحميل المهرجان مسؤولية إصابة عدد من المشاركين فيه بفيروس "كوفيد-١٩"، مرورًا بتعليقات لا حصر لها حول "فساتين" وملابس السجادة الحمراء.

ومن واقع مشاركتي في المهرجان ومتابعتي ما نشرته الصحف والمواقع العالمية بعد أسبوعين من الختام، سأحاول نقل أبرز مشاهداتي هناك، وكيف تناولت وسائل الإعلام الأجنبية إقامة "مهرجان الجونة" وأهم أحداثه.

أكثر ما تأثرت به شخصيًا كان اللمسة الإنسانية المؤثرة في حفل الافتتاح مع تجسيد قيمة الوفاء حينما عرضت الشاشة صور الراحلين من نجوم السينما عام ٢٠٢٠ مع غناء الصوت الأوبرالي الشجي المتميز فرح ديباني، بعد الإعلان عن تخصيص جائزة باسم الراحل خالد بشارة -الذي يعني الكثير من الاحترام والقيم الاحترافية والعملية لكل من عرفه- أعقبها فقرة شعبية مبهرة تكريمًا للراحل محمود رضا، مؤسس فرقة رضا للفنون الشعبية.

وكانت الفقرة التي حظيت بإجماع واهتمام وسائل الإعلام العالمية في الافتتاح هي تكريم الممثل الفرنسي الشهير جيرارد ديبارديو، حيث نقلت صورته وهو يرتدي الكمامة، ونقلت عنه كلمته التي ألقاها بالفرنسية، وأبدى فيها إعجابه بمصر وجمالها ونيلها وفنانيها الذين خص منهم يوسف شاهين ووصفه بـ"المدهش جدًا"، إضافة إلى مقارنته "مهرجان الجونة" بـ"مهرجان كان" الشهير ووصف الأول بانه "مهرجان لا يقدم فقط جوائز محترمة، وإنما يتميز عن "كان" بأنه يقدم تمويلًا للموهوبين الشباب؛ ليستطيعوا الاستمرار في صناعة الأفلام". وكان اللافت في تغطية الصحف الفرنسية كلمة ديبارديو ما ذكرته صحيفة "لا باتري" (la patrie) بأن تحية الممثل الفرنسي في بداية كلمته حين قال بالعربية "السلام عليكم" تم اعتبارها رد فعل على موقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من الرسوم المسيئة للرسول (ﷺ).

وكان أكثر ما لفت نظري في المدينة انتشار سيارات الإسعاف ووجود عيادات متنقلة أمام معظم فنادقها، وحينما سألت علمت أن ١١٠ أشخاص من وزارة الصحة كانوا في الجونة، بقيادة الدكتور خالد مجاهد، مستشار وزيرة الصحة، المتحدث الرسمي للوزارة للإشراف على الملف الصحي في المهرجان، والذي تضمن توفير ١٠ عيادات متنقلة وأكشاك للأدوية ومستلزمات الوقاية والتحليل لكل الضيوف الأجانب. أما إدارة المهرجان، فقد تعاونت مع فريق الوزارة بعقد بروتوكول للصحة والسلامة مع مستشفى الجونة، وحرصت على مراعاة التباعد الاجتماعي والتأكيد على ارتداء الكمامات التي تم توفيرها لكل المشاركين وفحص درجة حرارتهم ووجود وسائل التعقيم في كل مكان، مع إجراءات لوجستية أخرى، مثل زيادة مساحة السجادة الحمراء وزيادة عدد المداخل في مركز المؤتمرات الذي استضاف معظم الفعاليات وسط أجواء مفتوحة في الهواء الطلق.

وشهد المهرجان زخمًا كبيرًا من الفعاليات حيث عرض ٩١ فيلمًا من ٤٠ دولة، مع ندوات لنجوم وصانعي الأفلام قبل أو بعد العديد من العروض. واستضافت منصة الجونة السينمائية "سينجونا" ٦ حلقات نقاشية و٧ محاضرات وورش عمل، إضافة لدورها المعتاد منذ نشأة المهرجان بتوفير الفرص للمخرجين والمنتجين العرب لإيجاد الدعم الفني والمالي لصناعة أفلام جديدة والتنافس على جوائز قيمتها ٣٤٠ ألف دولار، منها ٣٠ ألف من المهرجان و٣١٠ آلاف من الجهات المانحة.

وسائل الإعلام العالمية احتفت بمهرجان الجونة وفعالياته وانعقاده وسط مخاوف "كورونا"، وكان من أبرزها ما ذكرته مجلة "فارايتي" (Variety) - بأنه "أول مهرجان كبير في الشرق الأوسط منذ تفشي وباء كورونا"، واعتبرت أنه "يدشن إعادة انطلاق لصناعة السينما العربية بعد انتشار الوباء"، مشيرة إلى "اختيار ١٨ مشروعًا لأفلام من: مصر والبحرين والسودان والسعودية ولبنان والجزائر والأردن وتونس والمغرب وفلسطين"؛ للمشاركة في فعاليات منصة "سينجونا" والتنافس على جوائز قيمتها مئات آلاف الدولارات. ولفتت المجلة العريقة إلى أن المهرجان عرض العام الحالي فيلمي "٢٠٠ متر" و"الرجل الذي باع جلده" اللذين كانا ضمن المشاريع المختارة التي دعمتها "سينجونا" في الدورات السابقة.

وأشارت إلى مراعاة المهرجان الإجراءات الصحية اللازمة وعددت منها قياس درجات الحرارة للمشاركين وتوفير وسائل الوقاية وإقامة الفعاليات الرئيسية في مكان مفتوح والحفاظ على التباعد الاجتماعي، إضافة إلى إجراء تحليل "PCR" لكل الضيوف الأجانب، وهو الأمر الذي قالت "فارايتي" أنه لم يتم اتخاذه من قبل مهرجاني فينيسيا وسان سيبستيان.

من جانبها، ذكرت مجلة "فوربس" (Forbes) العالمية المتخصصة في الاقتصاد: "لا شك أن الجونة أصبح أكبر مهرجانًا مرصعًا بالنجوم في مصر والشرق الأوسط". وأضافت "الحدث الذي استمر ٩ أيام، استضاف أكبر نجوم الفن في المنطقة مع باقة من المجتمع الدولي للسينما مع العديد من العروض والندوات والمناقشات المتعلقة بالصناعة". ولفتت إلى أن "السجادة الحمراء شهدت مشاركة مصممي الأزياء الأكثر شهرة وموهبة في المنطقة"، مشيرة إلى أن المهرجان "يوفر -إلى جانب الجزء الخاص الأساسي له وهو صناعة السينما، الفرصة لمصممي الأزياء الشباب الموهوبين وللعلامات التجارية الأقل شهرة- الفرصة للعرض على منصة عالمية، مع استفادتهم من صخب وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي حول المهرجان؛ لتعويض ميزانيات التسويق الكبيرة التي لم تعد متاحة".

ومن كندا، كتبت "الأخبار الكندية" (the Canadian news) أن "المهرجان الشاب أراد إحياء فن السينما في مواجهة وباء "كوفيد-١٩" الذي أوقف صناعة الأفلام". وأضافت ان "المهرجان عرض ٦٣ فيلمًا روائيًا، و١٨ فيلمًا قصيرًا، و١٠ أفلام وثائقية خلال ٩ أيام مع اتخاذ إجراءات وقائية وصحية صارمة".. ونقلت عن مؤسس المهرجان نجيب ساويرس قوله: "قررنا استمرار المهرجان؛ لأن الحياة يجب أن تستمر، فهو رسالة أمل ورسالة سعادة ورسالة تحدٍ.. وهو نفس ما تمثله السينما".

وأخيرًا، لفت نظري كثرة مقارنة وسائل الإعلام العالمية "مهرجان الجونة" الذي اختتم دورته الرابعة بأكبر مهرجانات السينما العالمية وهو "مهرجان كان السينمائي الدولي"، حيث قالت شبكة (TV 5 Monde) الفرنسية إن انعقاد الدورة الرابعة لـ"كان العالم العربي" بمثابة رسالة دعم لعالم السينما.. وبدورها، أشادت مجلة "باري ماتش" (Paris match) بنجاح انعقاد "كان العالم العربي" رغم المخاطر والظروف الصعبة بسبب فيروس كورونا، مشيرة إلى عدم انعقاد سوى مهرجانات تعد على أصابع اليد الواحدة هذا العام في العالم مثل فينيسيا وتورنتو وسان سيبستيان.. أما مجلة "فارايتي" فقد ذكرت أن "مدينة الجونة أقامت هذا العام مركزًا للمؤتمرات مشابه لـ"قصر مهرجان كان"، بمساحات مفتوحة واسعة؛ لإقامة العروض السينمائية والموسيقية.

إعلان

إعلان

إعلان