لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

الابتكار والاستثمار الأخضر

د. غادة موسى

الابتكار والاستثمار الأخضر

د. غادة موسى

أستاذ مساعد - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 

08:21 م السبت 21 نوفمبر 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع


يتجه العالم نحو كل ما هو "أخضر". وأصبحت الأولوية في التمويل للاستثمار الأخضر. أو بعبارة أدق للتمويل الأخضر.
ويقصد بالتمويل الأخضر كل نشاط مالي منظم لتمويل لمشروع أو فكرة لها مخرجات تساعد على الحفاظ على البيئة وتحقيق استدامتها.
وخلال السنتين الماضيتين، نشط القطاع المصرفي في أوروبا في تمويل المشروعات الزراعية ومشروعات الكهرباء ووسائل المواصلات التي لا تستخدم البنزين او الغاز بصفة خاصة.
وقد كان هذا الاتجاه، منذ عشر سنوات، اختياريا. أما الآن، فقد تحول من مجرد اتجاه إلى سياسة ملزمة لدول الاتحاد الأوروبي. بل أكثر من ذلك، فقد أصبحت معظم السلع تلتزم بمعايير بيئية. كما أصبح اتباع الاشتراطات البيئية في إنتاج السلع الغذائية تحديدًا من أهم معايير نفاذ منتجات دول العالم النامي إلى أسواق دول العالم المتقدم.

ولا يقتصر الأمر على المنتجات والسلع الغذائية، حيث امتد الاتجاه إلى المنتجات والأجهزة الصحية. وهنا تم الربط بين استيفاء الاشتراطات البيئية والابتكار. فإنتاج المنتجات من آلات ومعدات تساعد على تحقيق شرط الاستدامة البيئية والاجتماعية وتقلل من التكلفة الاقتصادية يمثل مطلبا عالمياً، فمما لا شك فيه أن الابتكارات التي تساعد على الحد من التلوث، وتلك القادرة على التنبؤ بتقلبات الطقس أو التنبؤ بالأمراض عند الفرد ستحظى بالدعم المالي قبل السياسي.

وقد بدأ البنك الدولي بالفعل في الاستثمار الأخضر منذ خمس سنوات. وقدر قيمة سوق الأسهم الخضراء بحوالي ٢.٣٦ تريليون دولار بحلول عام ٢٠٢٣. واعتبر ان تمويل وتشجيع الابتكارات ذات المخرجات البيئية من شأنه المساعدة في القضاء على الأوبئة والفيروسات وتحسين سياسات التخطيط التنموية.
كما يرى العديد من الخبراء أن الاتجاه نحو الاستثمار الأخضر يرضي رغبات كل من الرأسماليين ومناصري البيئة معا. وهي اللحظة التاريخية الأولى التي تلتقي فيها أهداف الفريقين.

ويعمل البنك الدولي حاليا على تشجيع هذا الاتجاه من خلال زيادة حجم القروض المخصصة للمشاريع ذات المنتجات أو المخرجات الخضراء، وأيضًا من خلال حفز التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص في دول العالم من أجل تيسير تمويل هذا النوع من المشروعات المرتكزة على الابتكار.
ومن أمثلة تلك المشروعات: مشروعات الطاقة الخضراء والمتجددة، ومشروعات الحفاظ على التنوع البيولوجي، مشروعات الحد من التلوث البيئي، مشروعات الاقتصاد الدائري الذي يعيد تدوير كافة المنتجات، مشروعات الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية وللأراضي.
وكافة هذه المشروعات يجب ان تتضمن عنصرا ابتكارياً، فالاتجاه الآن ليس نحو المزيد من الإنتاجية، بل نحو المزيد من الابتكار. والأسواق الصاعدة هي الأسواق التي تملك الحجم الأكبر من الابتكارات التي تساهم في تقديم حلول لأزمات الطاقة النظيفة وعلاج الأمراض والعلاج عن بعد واستخدام الموارد المحدودة بكفاءة.

وقد تنظر دول العالم النامي إلى تلك التوجهات الدولية باعتبارها خاصة بدول العالم المتقدم التي لا تملك القدر الكافي من الموارد الطبيعية أو البشرية. وهو رأي قد تكون له وجاهته من الناحية النظرية. أما من الناحية العملية الواقعية فالابتكار خصيصة بشرية ، كما يرتبط بشكل أكبر بمرحلة عمرية معينة (٢٠- ٣٥ سنة أو أكثر) . وهي أعمار شعوب دول العالم النامي.

ومن ثم يصبح تشجيع الابتكار ووضع السياسات التي تشجع على الاستثمار فيه وتمويله من بين الأولويات التي يجب أن تضعها دولنا ومؤسساتنا التمويلية نصب أعينها. كما يجب أن يكون مفهوم الابتكار واضحا ً لديها. فالابتكار عملية ذهنية تستخدم مسارًا ومنهجا علميا غير تقليدي لإيجاد حلول غير تقليدية لمشاكل تقليدية أو غير تقليدية.
كما يتوجب علينا أن ننتقل سريعًا من الحديث عن الابتكار إلى تمويل وتطبيق الابتكار.

إعلان

إعلان

إعلان