لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

ترامب والزمن والفيروس

محمد حسن الألفي

ترامب والزمن والفيروس

محمد حسن الألفي
07:00 م الثلاثاء 25 أغسطس 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

نعم... لقد اجتمع الثلاثة في واقعة ملفتة للعقل، فكلهم فلتة بارقة في التاريخ المعاصر. جاء ترامب منتهكًا كل التوقعات السياسية والأيديولوجية، بل والنفسية، وحتى آخر لحظة قبيل إعلان فوزه، كانت حكومات العالم تتوقع استمرار حكم الديمقراطيين، لكن بقيادة هيلاري كلينتون. مع ذلك فاز ترامب، بفضل تجسيده للشعبوية السياسية، وإطاحته بالنخبة المتوارثة للسياسة والحكم في واشنطن لعقود متصلة. ناصب ترامب العداء للإعلام. كره الـ"سي إن إن"، وكره معظم الصحف واعتبرها ضده. كره الدولة العميقة، وكره وزارة الخارجية وهاجم مخابراته. نصيره الوحيد كان لسانه وإيماءاته وجماعات الشعبويين.. لكن النصير الأكبر كان... وأقول كان... نجاحه في إصلاح الاقتصاد الأمريكي، واعتصار خزائن الشرق الأوسط، العرب، وإجبار أوروبا الأطلنطي على دفع حصصهم المالية في المنظمات الدفاعية الكبرى في العالم.

تراجعت معدلات البطالة، وازدهر الاقتصاد.. وبات ترامب مزهوًا، والعالم مدرك أن عليه أن يتعامل لأربع سنوات أخرى مع رجل لا يمكن التنبؤ بقراراته.

ثم جاءه عدو من حيث لا يمكن أن يحتسب. لا هو بشر. ولا هو حيوان... ولا هو جان.. ولا هو كارثة طبيعية، بل فيروس حقير خطير... قلب الموازين على أحلامه. استهتر ترامب بالعدو الخفي، واستهان بتأثيراته المدمرة، والحق أنه كان رفض غلق الاقتصاد، ورأى أن تسير عجلة الاقتصاد مع عجلة الموت معًا، حتى لا يكون فقر وموت معًا أيضا. أليس هذا ما فعلته حكومات العالم بعد ثلاثة أشهر من الانهيار شبه المؤكد لاقتصادات الأغنياء... والمؤكد للفقراء؟!، فتحوا الاقتصاد بنسب متفاوتة.. وأخذوا بسياسة عش أو مت لكن عليك أن تعمل.

واليوم.. يجد ترامب نفسه مهزومًا تقريبًا من ضربات الفيروس المتلاحقة لآلاف الأمريكيين يوميًا، ورغم حزم التحفيز بمليارات الدولارات دعمًا للأسر الأمريكية، ورغم إصرار ترامب على أنه سيهزم الفيروس.. إلا أن موعد الثالث من نوفمبر يبدو كالمقصلة المهيأة للإطاحة بعنق ترامب سياسيًا.

وإنقاذا لورطته، وتعاملاً مع ضغوط الوقت، وتردي الأصوات الراغبة في استمراره لصالح بايدن الديمقراطي، وقبل يومين، ضغط ترامب على هيئة الغذاء والدواء FDA لإجازة بلازما الدم من المتعافين علاجًا.

ولم تمضِ ساعات بعد حصوله علي ترخيص البلازما، حتى فاجأ ترامب هذه الهيئة العلمية ذات المصداقية الدولية، في تغريدة غريبة، بأنها واقعة تحت سيطرة عناصر معادية له مما أسماه بالدولة العميقة. واتهم ترامب هذه العناصر بأنها ترجئ الإعلان عن نجاحات الأمصال أو العقاقير قيد التجريب، إلى ما بعد الثالث من نوفمبر، أي بعد بدء الانتخابات الرئاسية. معنى هذا الاتهام أن الـ"FDA" ضالعة في العملية السياسية وتشارك الإعلام في خطة الإطاحة بالرئيس الجمهوري. أزعج هذا الهجوم دكتور ستيفن هاهن رئيس الهيئة والصديق المقرب لترامب.... ونفى تمامًا هذه الاتهامات، ونفى أن تكون بالهيئة عناصر مخابراتية أو مناهضة من أي جهة، وأن الهيئة خاضعة فقط للمعايير العلمية، لصالح صحة وسلامة المواطن الأمريكي.

الوقت يداهم ترامب. الفيروس يواصل حصد الأرواح في صفوف الشعب الأمريكي. الاقتصاد يتراجع، وطلب استمارات معونة البطالة يتصاعد بالملايين.. وتبدو كل الظروف رافضة لفوز ترامب... إلا ترامب نفسه .!

مع ذلك.. لا يمكنك التنبؤ... فدخول ترامب إلى المكتب البيضاوي قبل أربع سنوات كان عملاً خرق كل الحسابات..

كل شيء جائز. بعد شهرين وبضعة أيام تبدأ المعركة الفاصلة... نحو البيت الأبيض.

إعلان

إعلان

إعلان