لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

حوكمة التغيّر المناخي

د. غادة موسى

حوكمة التغيّر المناخي

د. غادة موسى

أستاذ مساعد - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 

07:01 م السبت 09 أكتوبر 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

قد يتساءل البعض عن العلاقة بين الحوكمة والتغير المناخي. فهل ثمة علاقة بينهما؟ الإجابة: نعم. يحتاج التعامل مع التغير المناخي إلى حوكمة جيدة، من حيث النظر في سياسات إدارته ومجابهة مخاطره من جهة، ومن حيث مراجعة البنية المؤسسية وقدرتها علي استيعاب والتعامل مع تلك المتغيرات.

ويعتبر حوكمة التغير المناخي تحديا في حد ذاته، حيث يتعامل واضعو السياسات مع حالة واضحة من عدم اليقين لما يمكن أن يحدث. كما يتعامل واضعو السياسات مع مؤسسات ذات طبيعة خاصة وهي مؤسسات البحث العلمي التي لا تُعنى بإصدار اللوائح والتنظيمات في هذا الشأن بقدر اهتمامها بدراسة التغير المناخي علمياً ومعملياً وتداعياته على الإنسان والحياة على الأرض وكل ما يتعلق بالنشاط الاجتماعي والسياسي.

ويلعب البُعد السياسي دورا حاسما في حوكمة التغير المناخي. فلا تعتبر الدول المتقدمة هي الفريق الرئيسي في هذا الملعب؛ إذ تعتبر الدول الآخذة في النمو شريكا رئيسيا لها. لأنه غير مسموح أن تتحمل الاخيرة مسئولية ما يحدث بمفردها، إذ إنها لم تتسبب في المشكلة الاساسية. فحركة التصنيع وتجريف ثروات الارض لم تكن بأيدي تلك الدول ولا بأدواتها. لذلك لا يجب تحميلها مسئولية ما حدث ويحدث، ومن ثم لا يجب نقل تداعيات التغير المناخي المادية إليها! كما لا يجب إقصاؤها عن أية إجراءات لحوكمة التغير المناخي. لذلك فإن الصراع حول المصالح والتقنية ومصادر القوة للتغلب على "التسونامي" الكوني الذي نعيشه واقعاً لا محالة.

وحتى تطرح دوائر صنع القرار موضوع التغير المناخي وتناقش مؤسساتنا تداعياته يجب التفكير أولا - وكما سبقت الإشارة في المقال السابق- في طريقة الإنتاج وأسلوب الاستهلاك، وبصفة خاصة في قطاعات الزراعة والطاقة والنقل والمواصلات.

لذلك فإن حوكمة التغير المناخي تتطلب في المقام الأول دراسة مصالح كافة الاطراف وإحداث تحول في تلك المصالح في اتجاه التوافق. لأن الهدف النهائي ليس فقط بناء اقتصاديات صامدة ومقاوِمة، وإنما تحقيق الاستقرار المجتمعي. وهذا الأمر يتطلب ليس فقط وجود الإرادة السياسية، ولكن بناء تحالفات بين أصحاب المصالح المدركين لمخاطر التغير المناخي، والوصول لتوافق مع المعارضين، خاصة وأن المعارضين لمنتجات الثورة الصناعية الرابعة أو الذكية لا يمتلكون تقنياتها، ويظل اعتمادهم كثيفا على مخرجات الثورة الصناعية الأولى والثانية! ومن بين المتطلبات أيضاً لتحسين سياسات حوكمة التغير المناخي دراسة أفكار الفاعلين في المؤسسات الرسمية وغير الرسمية وشبكات مصالحهم. بالإضافة إلى مراجعة الحقوق والمسئوليات على المستويين المحلي والدولي. ومن الأهمية بمكان أيضاً دراسة التوقعات الفردية والمجتمعية وكيفية إدراك الناس للتغير المناخي من أجل وضع سياسات تشاركية وبناءة .

لقد كان يُنظر لقضايا وموضوعات المناخ والتغير المناخي في الماضي باستهانة وعدم اهتمام. يكفي أن نعلم أنه بدءا من عام ٢٠١٠ لقي حوالي نصف مليون فرد مصرعهم، بالإضافة لخسارة اقتصادية قُدرت وفقا لمرصد المناخ الألماني بـ ٣.٥ تريليون دولار بسبب موجات الحر التي اجتاحت مناطق في أوروبا وآسيا والأمريكيتين. وقد تسببت هذه الظواهر في تحول ديموغرافي كبير من خلال نزوح وهجرة السكان من المناطق التي شهدت حرائق او فيضانات. كما تسببت في هلاك مزارع ومحاصيل وأزمة غذاء.

أدعو مرة أخرى من خلال هذه المنصة إلى وضع استراتيجية مصرية متكاملة الأركان لمواجهة التغير المناخي في إطار تحقيق الاستدامة. كما أدعو لإنشاء مرصد مناخي لمتابعة تأثير التغير المناخي على الإنسان والأرض في مصر الحبيبة.

إعلان

إعلان

إعلان