عن تصفية الحديد والصلب.. أكمل يا توفيق

أستعيد الآن تفاصيل متابعتي لشاشات التداول بالبورصة المصرية، وأسترجع بيانات السوق في 21 فبراير 2006 عندما قرر مجلس إدارة شركة الإسكندرية للحديد والصلب تحويلها إلى شركة العز الدخيلة للصلب – الإسكندرية.. واستحوذ رجل الأعمال أحمد عز على ما يزيد على أربعة ملايين من أسهم الشركة، تبعها في 5 مارس بعقد جمعية عمومية غير عادية لشركة الدخيلة تمت خلاله الموافقة على استحواذ شركة العز على الدخيلة.

ونشأت إمبراطورية عز "حديد عز" التي كانت بمثابة اغتيال حقيقي للشركة بل لسوق الحديد بالكامل لن أتوقف كثيرًا، فقضيتها قد انتهت وأغلقت أبوابها.. لكن أستدعيها فقط بسبب الضجة المثارة على قرار تصفية الحديد والصلب المصرية.

في نفس الوقت الذي كان يخطط عز للاستحواذ على الدخيلة عزيزي القارئ.. كان الشقيقان هشام وهاني توفيق يطلقان "عربية أونلاين " كأول شركة للتداول الإليكتروني بالبورصة المصرية تتيح للمستثمر اتخاذ قراره بيده.. وقتها كان الأمر غريبًا وجديدًا.. فكرة وموضوعًا وتبعتها شركات عدة.. الآن أصبح العالم أجمع عن بعد، حتى أن فكرة نزولك العمل أصبحت أمر غير مرغوب فيه تخوفًا من كورونا الوباء الذي يقتل الملايين من المواطنين حول العالم.

تصفية الحديد والصلب قرار صائب جدًا، ولو كان جمال عبدالناصر حي لن يتردد لحظة في إغلاقها.. وأنت ستقرر ذلك، بعد أن تطلع للحظات على الأوراق وتبحث عن بيانات الشركة وتقرأ الميزانيات بعيدًا عن حنينك الناصري، أو حنينك العاطفي، أو حتى حنينك للزعامة.. فلا تبحثوا عن زعامة كاذبة في قضية الحديد والصلب.

لو أردنا التحليل الاقتصادي فربما يكن الأمر أسهل كثيرًا عندما تعلم أن أرباح شركة الدخيلة كانت في نفس عام الاستحواذ 2.3 مليار جنيه، بينما أرباح شركة الحديد والصلب التي تربط الناصريين بحنين الماضي.. كانت تحقق أرباحًا 56 مليون جنيه وفق اعتماد الجمعية العمومية، لكن في الحقيقة كانت أرباحًا وهمية نتيجة إعادة تقييم الأصول وليس أرباحًا إنتاجية، "فعلى مدار سنوات استخدمت 4 مليارات جنيه من إعادة تقييم الأصول " حتى لا تظهر الحقيقة.. النقطة السابقة يحتاج أن يحال المسؤولون عنها إلى النيابة العامة ابتداء من المحاسب وحتى أكبر مسؤول بالشركة.

أزيدك بالمعلومات.. د.مدحت نافع وهو أحد قيادات البورصة وأعتز أنني التقيته مرات عديدة ووقف كثيرًا ضد قضايا التلاعب بالبورصة لدوره مديرًا للرقابة على السوق بداية من التلاعب في شركة النيل لحليج الأقطان وغيرها.. تولى رئاسة الشركة القابضة المعدنية التي تتبعها شركة الحديد والصلب.. في 2018 أي قبل عامين من الآن، ورفض اعتماد الميزانية بعد اكتشاف التلاعب فيها، فظهرت الحقيقة أن الشركة تحقق خسائر وانكشف المستور..

أنا لا أتحدث؛ تبريرًا لقرار التصفية.. ولكن في الحقيقة إذا أردت أن تكشف الحقيقة وتحاسب المتهم الحقيقي، فعلى الدولة إحالة أوراق الشركة بالكامل منذ أكثر من 10 سنوات إلى النيابة مع انتداب متخصصين من الجهاز المركزي للمحاسبات ومتخصصين من المحاسبين المستقلين؛ لتحديد المتهم الحقيقي.. واتركوا من يفكر في المستقبل ينفذ خططه..

رسالتي الأخيرة إلى وزير قطاع الأعمال هشام توفيق.. أكمل كما أنت ولا تزعجك عواطف الناصريين فلهم مبرراتهم، ولا تنزعج من الباحثين عن الزعامة.. أكمل كما أنت يا توفيق.