لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

عزة الحسيني وسيد فؤاد.. الفنان بدرجة محارب في مدينة الشمس

د. أمــل الجمل

عزة الحسيني وسيد فؤاد.. الفنان بدرجة محارب في مدينة الشمس

د. أمل الجمل
07:00 م السبت 06 فبراير 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

أربعة آلاف إصابة يومياً- تقريباً- تُسجلها دولة الإمارات حالياً، في ظل تفشي الموجة الثانية من جائحة كوفيد ١٩. إنه رقم مرتفع جداً مقارنة بعدد السكان، مع ذلك نجد مدينة دبي لا تزال تُشجع على السياحة فتقدم تيسيرات عديدة في تأشيرة دخول أراضيها، وتُعيد تمديد التأشيرات بطرق ميسرة؛ للحفاظ على كونها مركز جذب سياحيا، كما سهلت أمور الحصول على الجنسية الإماراتية. لماذا؟ وكيف تفعل ذلك على الرغم من الهجوم العالمي عليها مؤخراً بسبب سياسة عدم الإغلاق وتصوير السياح على شواطئها في حالة من السعادة وهم ينعمون بكل سبل البهجة والاسترخاء؟!

لأنها مدينة تجارية في المقام الأول، تعتمد على الاستثمارات والسياحة، فقررت أن تستقبل أعدادا كبيرة من الزوار، بأن تتأقلم مع تبعات الفيروس وتتفادى الإغلاق التام لاقتصاد لا يزال في مرحلة التعافي على غرار الكثير من اقتصادات دول العالم، لذلك- وبالتوازي مع فرض الإجراءات الاحترازية والالتزام بها وفرض الغرامات على مَنْ يخالفها- لا تدخر حكومة دبي جهداً في أن تكون قِبلة للسياح حول العالم، وملاذا للراغبين في الاستمتاع بحرارة شمس معتدلة في فصل الشتاء المميز لها.

انشطار مهرجان برلين

على الرغم من أن موعد إقامته يتزامن مع درجة حرارة تكاد تقترب من الصفر، وعلى الرغم من الارتفاع الكبير في عدد الإصابات ووفيات كورونا، فقد أعلنت إدارة مهرجان برلين السينمائي عن تنظيمه أوائل مارس، لكنها حاولت تكييف نفسها في ظل الجائحة.. إذا ستنقسم الفعاليات إلى اثنتين بدلاً من واحدة.

الفعالية الأولى تبدأ من ١- ٥ مارس؛ حيث تقوم لجنة التحكيم بمشاهدة الأفلام وتحديد الجوائز، ثم في يونيو حيث الصيف وارتفاع درجة الحرارة- والمتوقع أن تتراجع ذروة كوفيد ١٩- سيأتي دور الجمهور لمشاهدة الأفلام، وتسليم الجوائز للفائزين أمام الجهمور في احتفال ضخم يليق بتاريخ المهرجان العريق.

كذلك مهرجان تسالونيكي في اليونان سيُقام في موعده، وإن كانت بعض فعالياته سيقام على أرض الواقع، والبعض الآخر سيقام افتراضياً مثل ورشة عمل البرودكاست، وغيرها.

أرض الفراعنة

أما نحن في مصر، فلدينا ميزة تخصنا، وتميزنا عن كثير من بلدان العالم. لدينا طقس بديع في جنوب مصر. لدينا معابد وآثار قادرة على جذب آلاف السياح. لدينا شواطئ من أجمل وأروع شواطئ العالم ويمكن أن تكون ملاذاً ومركز جذب قويا للسياح من شتى بلدان العالم.

على صعيد موازٍ، لدينا مهرجان مهم رسخ اسمه ومكانته عربياً وأفريقيا، وجعل لنفسه هوية واضحة المعالم، وأصبح نافذة تزداد أهميتها يوماً بعد يوم مع القارة السمراء. أتحدث عن مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية الذي يتولى مسئولية تنظيمه- وأصحاب فكرته الأساسية- السيناريست سيد فؤاد والفنانة عزة الحسيني

أهم ما يميز هذا المهرجان إصرار أصحابه على الحلم، وعلى تطوير أنفسهم على الرغم من أن إمكانيات المهرجان لا تُقارن بميزانية المهرجانات الكبرى، مع ذلك هناك محاولة للاستفادة من أجواء البيئة بالأقصر مدينة الشمس التي تمتلك نحو ثلث آثار العالم، وإبراز خصوصيتها، واستغلال أجواء المعابد، حتى إنه عندما تم توقيف عرض الأفلام في الدورة التاسعة مارس٢٠٢٠، ومع ظهور حالات كوفيد بين بعض السياح في الأقصر، لم يستسلم سيد فؤاد وعزة الحسيني، وواصلا إقامة الندوات وعقد المؤتمرات الصحفية مع النجوم الكبار- المصريين والعالميين- الذين حضروا المهرجان مثل جيمي جون لوي، وميمونة نداي، إحدى أهم الممثلات في أفريقيا، والتي شاركت في لجنة تحكيم المسابقة الرسمية في مهرجان كان السينمائي الدولي، فجاءت الصور وفي خلفيتهم معبد الأقصر ساحرة، وكانت من أجمل وأسرع سبل الدعاية السياحية الذكية.

كذلك، لا ننسى زيارة هؤلاء النجوم وفي مقدمتهم جيمي جون لوي، لمعابد الكرنك ومقابرها الجنائزية، وحضور فعاليات عروض الصوت والضوء، لا شك أن كل ذلك يُسهم بشكل أو بآخر في جذب أنظار العالم إلى أرض الكنانة.

روح المحارب

عقب انتشار خبر ظهور حالات كورونا بين وفد سياحي، ووقف العروض كإجراء احترازي في الدورة التاسعة، نجد أنه في الوقت الذي شعر فيه البعض بالقلق، فقرروا السفر بأسرع ما يمكن، بينما ظل فريق عمل المهرجان يعمل بروح قتالية حتى اليوم الأخير للمهرجان لإتمام المهمة على الرغم من إلغاء العروض السينمائية.

المدهش أن عزة وسيد منذ بداية المهرجان كانا كمن يسابق الزمن، وكأن الحاسة السادسة أخبرتهما بما سيكون، فأقاما في الأيام الثلاثة الأولى كثيراً من الندوات والتكريمات ومناقشة الكتب، والمؤتمرات الصحفية، واصطحبا بعض النجوم والنجمات للجامعات في لقاء مع الطلاب. وحتى بعد أن صدر قرار رئيس الوزراء بوقف العروض، والورش، واصلا عقد المؤتمرات في الهواء الطلق في قلب المعابد الفرعونية.

بعدها ولشهور توقفت المهرجانات واحدا تلو الآخر، وكان أبرزها مهرجان كان السينمائي، وكارلوفي فاري، إلى أن عاد مهرجان فينيسيا وخاض المغامرة الكبرى، على الرغم من أن إيطاليا كانت من أوائل وأكثر الدول تضررا. فشجعت جرأة فينيسيا المهرجانات الأخرى على تكرار المغامرة بشجاعة محسوبة.

اثنا عشر عاماً من الحلم

لكل ما سبق، أشد على أيدي السيناريست سيد فؤاد والفنانة عزة الحسيني، وأُحيي قرارهما بمواصلة عملهما في المهرجان لإخراج الدورة العاشرة إلى النور، وتفكيرهما في سيناريوهات متعددة.

أُقدر خطواتهما المدروسة الباحثة عن بدائل لاستمرار المولود الذي سيبلغ هذا العام من العمر اثنى عشر عاماً، وليس عشرة أعوام فقط.

لن أحسب عمر المهرجان بعدد الدورات التي أقيمت بالفعل، ولكني سأحسب عمر المهرجان منذ تاريخ مولد الفكرة والمحاولات الأولى، حتى وإن لم تنجح؛ فلولا تلك المحاولات، ولولا الإيمان بالفكرة، وتصديق الحلم - ما جاءت لحظة المخاض.

مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية يمتلك في رصيده مزايا عديدة، المطبوعات واحدة منها، لن أقول إن كل المطبوعات كانت عظيمة، لكن نسبة كبيرة منها تُعد إضافة حقيقية للمكتبة السينمائية العربية، سواء المترجمة إلى العربية، أو العكس. وإن كانت الكتب المترجمة من العربي إلى الفرنسية لا تزال تحتاج لمزيد من الاهتمام. لماذا؟

لأنه من خلال الكتب المصرية المترجمة تُتيح الفرصة للآخر ليقرأ ويتعرف إلى السينما المصرية والمجتمع، وإلى الكثير جدا من شتى الجوانب، لا يكفي أن تُتَرجم كتب عن السينما الأفريقية إلى العربية.

نتائجها المستقبلية

أيضاً، لا شك أن الورش التي نظمها مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية لها دورها، سواء كانت للأطفال تحت رعاية وإشراف أستاذة الرسوم المتحركة شويكار خليفة، هذه السيدة التي كانت مساعدة لأبرز فناني الخدع في تاريخ التليفزيون المصري الرائع المبدع فهمي عبد الحميد، وفوازير فطوطة، وشريهان، ونيللي خير شاهد على ذلك.

أقول الورش التي قدمتها هذه الفنانة برعاية مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية من المؤكد أنها تركت بصمتها على عدد من أبناء وبنات محافظة الأقصر، وسيثبت المستقبل ذلك، حينما تظهر آثار هذه البصمة، ربما بعد عقد أو عقدين من الزمان.

كذلك الورش النقدية والفنية التي نظمها المسؤولون بالمهرجان للشباب والتي قدم بعضها المخرج العالمي هايلي جريما- لا شك أنها واحدة من الآثار الرائعة.

لكن يظل التساؤل: لماذا لم تستمر هذه الورش؟ وهل المخرجون المصريون يبخلون عن أبناء الأقصر بمنحهم بعض أفكارهم وخلاصة تجاربهم؟

هل يُعقل أن المخرجين العالمين يفعلون ذلك بينما يرفض أبناء الوطن؟

أين الجانب التطوعي من بعض المخرجين العظام في مسيرة السينما المصرية؟

لن أقول إن كل خطوات المهرجان مُكللة بالنجاح، وإنه ليس هناك أي هنات. الحقيقة أنه لا يوجد مهرجان في مصر خالٍ من الهنات والملاحظات، لكن فريق عمل مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية يتأمل خطواته، ويكتشف الأخطاء التي وقع فيها، ويسعى لتصحيحها، ويُطور نفسه.

والحقيقة أيضاً أنه حتى الآن لم يولد مهرجان في العالم مكتملاً من دون أن يختبر أشياء واقتراحات فيُبقى على بعضها أو يستبعد الآخر، لأجل أن يُطور نفسه. مهرجان دبي السينمائي نفسه بكل مكانته الكبيرة ظل يبدل في المسابقات والجوائز، حتى استقر على شكلها النهائي.

في النهاية أقول إن اختيار وموافقة الفنان- أو كما يُحب أن يطلق على نفسه «الرقاص» ساخراً من ثقافة المجتمع البالية- القدير محمود حميدة على أن يظل الرئيس الشرفي للمهرجان هذا في حد ذاته ثقة كبيرة ومستحقة بعزة الحسيني وسيد فؤاد، كذلك وجود الفنانة ليلى علوي وغيرها من النجوم والنجمات، سواء في اللجنة العليا أو كحضور، في أثناء فعاليات المهرجان يمنحه مجددا طاقة إيجابية وقُبلة حياة.

لذلك أتمنى من الجهات الداعمة للمهرجان، ومن وزارة الثقافة والسياحة المصرية أن يُواصلوا دعمهم لهذا المهرجان السينمائي الذي يُمثل أحد أفضل سبل الدعاية العالمية لمصر التي تمتلك إرثاً حضارياً وأثرياً لا يمتلكه بلد آخر في منطقتنا العربية والأفريقية.

إعلان

إعلان

إعلان