لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

حتمية فض رابعة وأساطير الإخوان

د. أحمد عمر

حتمية فض رابعة وأساطير الإخوان

د. أحمد عبدالعال عمر
07:00 م السبت 17 أبريل 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تخيل نفسك قائد قطار يسير على سرعة كبيرة عند منعطف خطير، وتتحمل المسؤولية الأخلاقية والقانونية عن أمن وسلامة القطار، وعن أمن وسلامة ركابه من نساء ورجال وأطفال. ثم فجأة ظهر أمامك على شريط القطار مجموعة من البشر المغيبين الذين دلس بعض تجار السياسة والدين عليهم، واستثمروا في جهلهم وغفلتهم، وأقنعوهم بضرورة إيقاف القطار، والاستيلاء عليه بالقوة، ثم قيادته واستخدامه في نصرة الإسلام والدفاع عنه.

أظنك عند تلك النقطة لن تفعل إلا أمرين، ثانيهما مترتب على الفشل في أولهما:

الأمر الأول: تهدئة السرعة، وإرسال رسائل التحذير إلى قيادات المعتصمين على شريط القطار، بضرورة فض الاعتصام، وعدم التدليس على البسطاء والمغيبين، والتضحية بدمائهم، وتعريض أمن وسلامة القطار بأكمله للخطر، وإعلامهم أن القطار حتمًا ولا بد أن يمر في اتجاهه المرسوم، الذي أجمعت عليه إرادة أغلبية ركاب وقيادات القطار.

الأمر الثاني: فض الاعتصام بقوة القطار والقانون، وجعله يسير في طريقه الآمن المرسوم، وتفضيل سلامة القطار وجميع ركابه ومُقدراته على سلامة مجموعة من المغيبين الذين يحمل ذنبهم من دلس عليهم، وأقنعهم بالأوهام، وأوقفهم في طريق القطار.

هذا ما حدث في مصر بالضبط يوم 14 أغسطس 2013، عندما اتخذت مؤسسات الدولة المصرية وأجهزتها الأمنية قرار فض اعتصامي رابعة والنهضة بالقوة. وهما الميدانان اللذان اعتصم فيهما أنصار جماعة الإخوان رافضين إرادة الشعب في إسقاط حكم الإخوان.

ويقيني الشخصي الذي يطمئن إليه ضميري الإنساني والوطني أن فض اعتصامي رابعة والنهضة بالقوة، بعد استنزاف الخيارات السلمية، والذي تابعناه جميعًا في الحلقة الخامسة من مسلسل "الاختيار 2" كان قدرًا لا مهرب منه، وقضاءً أخف من قضاء، وأن قيادات جماعة الإخوان تتحمل المسؤولية عن ضحاياها من مؤيديها المغيبين أو من رجال الشرطة.

والثابت اليوم أن قيادات الجماعة برفضهم فض الاعتصام بشكل سلمي قد أرادوها مذبحة، لكي يستثمروا فيها سياسيًا من أجل الضغط على الدولة عامة والمؤسسة العسكرية خاصة، ومن أجل تحويلها لمظلمة تاريخية، وملحمة للصمود والفداء الإخواني تعيش كأسطورة في نفوس أتباعهم، وتضمن وحدتهم خلف قيادات وأدبيات الجماعة.

ويؤكد لنا ذلك ما نشره في حينه على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" الدكتور محمد محسوب، وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية، في سنة حكم الإخوان، عندما قال: "إننى حذرت محمد البلتاجي مرارًا بشأن خطته للاحتكاك بالجيش لتوريطه بقتل المتظاهرين".

وأضاف: "لكنه مصمم على المضي في خطته.. حسبي الله ونعم الوكيل في من يستحل الدم".

وهذا يعني أن قيادات الجماعة استهانت بدم أتباعهم، وأرادوا أن يجعلوا من أحداث رابعة "كربلائية إخوانية زائفة"؛ ولهذا تاجروا في الوهم واستثمروا في جهل وغفلة أتباعهم، وغيرهم من خائبي الآمال المخدوعين بخطابهم الديني والسياسي، وحشدوهم في رابعة والنهضة وكل شوارع مصر بعد 30 يونيو 2013، وقدموا دماءهم قربانًا على مذبح حلمهم المستحيل لاستعادة السلطة والاستمرار في حكم مصر.

ولهذا فإن خطاب المظلومية والكربلائية الإخواني حول أحداث رابعة والنهضة خطاب زائف مضلل؛ لأن ما حدث في رابعة لم يكن صراعًا بين أهل الحق من الإخوان وأتباعهم، وأهل الباطل من رجال الدولة والخارجين من الشعب على حكم محمد مرسي، بل كان امتدادًا لصراع الإخوان المستمر على السلطة وتمسكهم بها على غير إرادة أغلبية الشعب، ولهذا رفضوا كل سبل الوساطة لفض الاعتصام بشكل سلمي، وإخراج المعتصمين من الميدان، وذهابهم إلى بيوتهم سالمين حقنًا للدماء.

وبناء عليه، فإن فض رابعة بالقوة كان ضرورة حتمية لا مهرب منها، حتى لا يتحول الاعتصام إلى نموذج يتم تعميمه في مواضع ومحافظات أخرى، بهدف كسر هيبة وإرادة الدولة المصرية، ونشر الفوضى في أرجائها، وفتح الباب للحرب الأهلية، والتدخلات الخارجية، وتعريض وحدة واستقرار مصر، وأمن وسلامة شعبها ومقدراتها للخطر.

إعلان

إعلان

إعلان