بلومبرج: تميم قطر.. "من شابه أباه فما ظلم"
كتبت- رنا أسامة:
تحدّثت وكالة "بلومبرج" الأمريكية عن سياسة قطر الخارجية المُناهضة لجيرانها العرب، والتي أفضت إلى أزمتها الأخيرة الجارية مع الخليج، والدور الخفي الذي يلعبه الشيخ حمد بن خليفة (الأمير الأب)، في الأزمة، في مقال للكاتبة دونا أبونصر بعنوان "الابن مثل أبيه: قطر تدفع ثمن فتحها جبهة عداء ضد السعودية".
واستهلّت الكاتبة مقالها بالقول: "عندما سلّم الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني مقاليد السلطة إلى نجله عام 2013- في خطوة غير معهودة بين قادة الخليج- قال إن الوقت حان (لفتح صفحة جديدة) في قطر، وكانت التوقّعات أن يُشكّل تنازله، تغييرًا في المسار الذي ستمضي فيه البلاد، بأن يعدُل خلفه الأمير الشاب عن مواقف السياسة الخارجية لوالده التي أغضبت الجيران والحلفاء، والتي شملت، بين أمور أخرى، دعم الإخوان المُسلمين في مصر".
وتابعت: "غير أن استراتيجية الأمير الأب في التعامل مع الجميع، بدأت ترتدّ على نحو مذهل تحت حكم نجله الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مع دخول المُقاطعة القطرية -التي تقودها المملكة العربية السعودية- أسبوعها الخامس دون أن تظهر أي إشارة تُنبّي بحلول نهاية وشيكة لها، إذ يقول السعوديون إن لا شيء قد تغير حقًا في قطر، وإن الأمير الأب ما يزال يدير الأمور سرًا".
الأمر الذي أكده المحلل في شؤون الشرق الأوسط، سامي نادر، بقوله: "الشيخ تميم يدفع ثمن حفاظه على سياسات والده، برغم أنه أعطى انطباعًا بأنه سيُعيد ضبط موضع قطر، إلا أن الأزمة أظهرت أن سياسات الأب لا تزال راسخة تمامًا في الموقف القطري".
وأشارت الكاتبة إلى انعكاس الاعتقاد نفسه في وسائل الإعلام السعودية، تعزيزًا لفكرة أن الأمير الأب "ما يزال يدير السلطة من وراء الستار"، التي حرصت في قصصها وتقاريرها عن قطر، على استخدام صورة مُركّبة تجمع بين حمد (65 عامًا) وتميم (37 عامًا)، في إشارة على أن الأمير الأب لا يزال يسحب السلاسل من وراء ستار.
ولفتت في السياق ذاته إلى اهتمام وسائل الإعلام في المنطقة بتسليط الضوء على تقويض قطر للمنطقة، وهو ما تؤكده تسجيلات صوتية، يُعتقد أنها من عام 2003، يقول فيها الشيخ حمد للعقيد الليبي الراحل معمر القذافي إنه في حال نجح الأمريكيون في العراق، "سيأتي الدور على المملكة العربية السعودية"، وإن قطر تدعم الأبواق الإعلامية التي تهاجم المملكة.
من جهة أخرى، عرجت الكاتبة إلى "الظهور المحدود" للشيخ حمد على العلن، بحضور الفعاليات الخيرية والاجتماعية، منذ تنازله عن الحكم. وباستثناء الصلاة مع نجله في نهاية شهر رمضان الشهر الماضي، لم يكن له أي ظهور علني منذ أن قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها الدبلوماسية وروابطها التجارية مع قطر في الخامس من يونيو الفائت.
وأُصيب مؤخرًا بشرخ في ساقه استدعى تدخّلًا جراحيًا، بحسب ما كشفه أعضاء الأسرة الحاكمة لقطر، الخميس الماضي. ونشر نجله الثاني جوعان بن حمد، صورتين لأبيه مستلقيا على السرير، في تغريدة على تويتر جاء فيها: "تعرض الوالد لشرخ في الساق يستدعي تدخلا جراحيا بسيطًا.. أجر وعافية يا بومشعل".
توتر مُتصاعد
جاء قطع دول عربية بقيادة المملكة العربية السعودية علاقاتها مع قطر- أكبر مُصدّر للغاز الطبيعي المُسال في العالم- على خلفية اتهامات للدوحة بزعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، بدعمها وكلاء إيران من المليشيات الشيعية، والمُتشددين السُنيين من تنظيميّ القاعدة وداعش، في اتهامات نفتها المشيخة بشدة.
بيد أن ما يجري، بحسب الكاتبة، يذهب أعمق داخل الأسرة الحاكمة وفي الطريقة التي تُدار بها السياسة القطرية، ما يجعل من الصعب التنبؤ بالطريقة التي يُمكن أن تنتهي بها الأزمة، لاسيما بعد "الاتفاقات السرية" بين قطر وبعض جيرانها، وفقًا لما كشفته وثائق مُسرّبة بدأت نشرها شبكة سي إن إن الأمريكية، الإثنين.
وأشارت إلى أن التوتر في المنطقة يعود في واقع الأمر إلى يونيو 1995، عندما قام حمد، ولي العهد آنذاك، بإزاحة والده في انقلاب، وتسلّم زِمام الحكم. وحينها وإدراكًا لإمكانات موارد الغاز الطبيعي الشاسعة في قطر، شرع الأمير في الإصلاحات والاستثمارات والتحركات الرامية إلى تمكين شبه الجزيرة التي تقع حدودها البرية الوحيدة مع السعودية.
وبحلول الوقت الذي تولى فيه الشيخ تميم، ارتفع دخل الفرد في قطر حتى وصل إلى 130 ألف دولار، أي ما يقرب من ضعفه في السعودية، وحصل على حق استضافة كأس العالم لكرة القدم 2022.
سياسة "المتناقضات"
ومن الناحية السياسية، أشارت الكاتبة إلى اعتماد قطر على سياسة "الجمع بين المتناقضات"؛ فقالت إن الشيخ حمد كوّن علاقات مع الجميع، بما في ذلك إيران و"حزب الله" اللبناني، إلى جانب الإسلاميين السُنة مثل "حماس". وقد فتحت إسرائيل مكتبًا تجاريًا في منتصف التسعينات في فيلا من طابقين في شارع هادئ في الدوحة، لكنها أُجبرت في وقت لاحق على إغلاقها في عام 2000 بضغط من إيران والسعودية.
ونقلت عن بول سالم نائب رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن، قوله إن قطر كانت تريد أن تميّز نفسها كمركز دبلوماسي، ومركز لتبادل المعلومات في العالم يمكنه حل المشاكل.
وأضاف: "لقد أقاموا علاقات طيبة بشكل استثنائي مع الجميع، إيران وإسرائيل وطالبان وأمريكا وروسيا، التي كانت جزءا من علامتهم التجارية القديمة".
وأشار سالم إلى تصريح الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، رئيس الوزراء السابق في عهد الأمير الأب، في مقابلة مع تشارلي روز بثت في مايو 2014: "ما حدث في قطر هو انتقال السلطة إلى الابن في حين أن الأب قوي".
فيما قالت الباحثة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إيميلي هوثورن: "لا أحد يعرف حقًا مدى مشاركته، إن وُجِدت، على الرغم من أنه لا يزال يُحترم في قطر. وهو شخصية أبوية".
وأضافت: "سيكون له وجود ثابت في الخلفية. وطالما مازال حيًا، سيكون له حضور مؤثر في قطر".
فيديو قد يعجبك: