واشنطن وبيونجيانج.. مغامرة سياسية خطيرة وسط تهديدات بالحرب
كتب - عبدالعظيم قنديل:
نشرت مجلة "ناشيونال ريفيو" الأمريكية تقريرًا، تقول فيه إن كوريا الشمالية تسعى إلى اختصار الطريق لتحقيق أهدافها عبر امتلاك الأسلحة النووية، وذلك للوصول إلى اقتصاد متماسك وتأثير اقليمي، علاوة على اهتمام عالمي.
وأشار المجلة، في تقرير على موقعها الإلكتروني، إلى أن قيادة كوريا الشمالية التزمت منهج "الانفجار الوشيك"، والذي أصبح عائق أمام الغرب لاتخاذ خطوات استباقية، خلافًا لما حدث مع صدام حسين في العراق ومعمر القذافي في ليبيا، منوهًا إلى أن سياسات بيونج يانج اعتمدت على رعاية صينية وترسانة صاروخية قوية، ولذلك فإن موقف بكين المبهم واحتمال وقوع هجوم على سيول يضرب بموازين القوى العسكرية التقليدية عرض الحائط.
ما هو الهدف النهائي لكوريا الشمالية؟
ووفقًا للتقرير، فمن الواضح أن المشهد الدائم للأزمات المتكررة، بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، يمكن أن يختبر بشكل دوري مبدأ "الانفجار الوشيك"، حيث تسعى القوى الدولية إلى تجنب "صب الزيت على النار"، لاسيما مع تراخي الموقف الأوروبي الذي يضع في الحسبان مصالحه الاقتصادية مع الصين، بينما تحاول بكين اقناع الجميع بالابتعاد عن اختبار حكمة "بيونج يانج".
ومن المتوقع، أن يستمر الصراع، بين واشنطن وبيونج يانج، إلى أجل غير مسمى، الأمر الذي قد يدفع بلدان أخرى لمحاكاة خطوات كوريا الشمالية، ما يهدد الأمن والاستقرار الدوليين في ظل لعبة "من يضغط الزناد أولًا"، ولكن لن يتم التوقف عن هذه اللعبة إلا عن طريق اختراق حقيقي في الدفاع الصاروخي يبطل كل القدرة الهجومية الكورية الشمالية، أو حتى ترى الصين التكاليف المتزايدة تفوق فوائدها التي لا يمكن إنكارها حتى الآن.
مكاسب الصين
وبحسب التقرير، تستفيد الصين من اطالة أمد الصراع، حيث تدرك بكين أهمية استغلال اى شئ يزعج واشنطن ويهدد مصالحها الاستراتيجية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، لاسيما وأن النظام الصيني يعتبر الرابح الأكبر من التوترات المستمرة بين اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان والولايات المتحدة.
كما أكدت المجلة الأمريكية أن الصين تدرك سلبيات هذه المقامرة الخطيرة، علاوة على أنها لا تريد حربا تجارية مع الولايات المتحدة، لكن انهيار كوريا الشمالية سيضع بكين في معاناة كبيرة من تدفق اللاجئين، مشيرًا إلى امتلاك الادارة الأمريكية لوسائل عديدة لممارسة ضغط على القيادة الصينية، حيث تمتلك بكين هاجس تقليدي من حصول كل من اليابان وكوريا الجنوبية على أسلحة نووية.
وربما كان بإمكان بعض الدبلوماسيين الأمريكيين تقديم خطة من عشر خطوات، تبدأ بحظر دخول طلاب الصفوة الصينية وتنتهي بيابان نووية، مما يدفع إلى تقديم حلول فاعلة لحل الأزمة من خلال دبلوماسيتها الخاصة، حيث ستعيد بكين رسم دورها كلاعب دولي مسؤول.
معركة كوريا الجنوبية
وألمح التقرير إلى أن كوريا الشمالية تعرف أنه بدون الولايات المتحدة لن تمتلك اقتصاد قوي، ويكون وجود مؤسسات اقتصادية مثل "كيا" و"سامسونج" مجرد امنيات، ولكن هذا الاعتراف ليس دائما ضمن الطبيعة البشرية، لافتًا إلى أن الولايات المتحدة ليست على استعداد للمقامرة بمصير الأمريكيين في جبهة سيول ضد كوريا الشمالية، ولذلك تسعى كوريا الجنوبية إلى التعلق ب"خيط الإبرة".
وبنظر أكثر عمقًا، فإن كوريا الجنوبية لديها مخاوف من تكاليف انهيار كوريا الشمالية، لكن حلم توحيد شبه الجزيرة الكورية ليس قوي بما فيه الكفاية ليدفع سيول إلى تقديم تنازلات إلى الشمال، حيث تنظر كل من اليابان والصين والولايات المتحدة بحذر إلى المدى الصاروخي الجديد لبيونج يانج، وذلك حسبما أفادت صحيفة "ناشيونال ريفيو" الأمريكية.
هواجس اليابان
وإذا استمرت الأزمة، فمن المحتمل أن تلجأ اليابان إلى خيارات غير معتادة، حيث تعتقد طوكيو أنه بصفتها حليفا غير نووي لأمريكا، فإنها تستحق المزيد من الضمانات النووية، خاصة وأن اليابانيين غير مقتنعين بأن الولايات المتحدة لا تزال تعتبر طوكيو المعادل الأخلاقي لسان فرانسيسكو، على الأقل ليس عندما يدخل لاعب مارق جديد مثل بيونج يانج في لعبة مصيرية، علاوة على ذلك، لا تثق القيادة اليابانية في وعود كوريا الجنوبية بالتصدي لكوريا الشمالية، حيث تخشى أن يختار الكوريون اتفاقا بين الكوريتين أو حتى التوحيد على جبهة واحدة ضد اليابان، وذلك حسبما أوردت "ناشيونال ريفيو".
كما أضاف التقرير أن اليابان ستقرر، في نهاية المطاف، الحصول على رادع خاص بها، والذي قد يتمثل في الحصول على قوة ضربات نووية محمولة جوا، منوهًا إلى أن طوكيو قلقة بشأن ما إذا كانت تحت المظلة النووية الأمريكية.
روسيا وتصفية الحسابات
وكشف التقرير عن أن موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتجاهل عواقب وجود قوة نووية أخرى على حدوده، لكنه يرى أن أي صراع للولايات المتحدة يعد جزء من تصفية حسابات لانهيار الاتحاد السوفيتي، ولذلك فإن بوتين يستمتع بلقاءات كوريا الشمالية على المدى القصير والمضادة للغرب.
وبحسب التقرير، فإن بوتين لا يحتاج إلى مساعدة أمريكية في أماكن أخرى، ولذلك فهو لا يرى حاجة للمساهمة في حل معضلة كوريا الشمالية، حتي وإذا توافرت له أدوات لممارسة ضغط على بيونج يانج.
تكرار المشهد مع إيران
وتطرقت المجلة الأمريكية إلى أن النموذج الإيراني قد يصبح أكثر خطورة، لاسيما وأن بيونجيانج لم تدفع ثمنًا باهظًا في حصولها على السلاح النووي، موضحة أن أحد الأسباب الأكثر إلحاحا لوقف كوريا الشمالية هو إقناع إيران بأن اقتناء بيونج يانج لقنبلة نووية كان خطأ لا يمكن تكراره.
وقد يتكرر "صراع العروش" في الشرق الأوسط عندما تبدأ الدول بالتفكير في الردع النووي ضد دولة مارقة.
فيديو قد يعجبك: