إعلان

إيكونوميست: لماذا يميل بعض رجال الشرطة لقتل المشتبه بهم؟

08:47 م الأحد 11 مارس 2018

كتب - هشام عبد الخالق:

نشرت مجلة "إيكونوميست" البريطانية، تقريرًا مطولًا حول جرائم الشرطة في عددٍ من البلدان، وموافقة بعض مواطني هؤلاء الدول لتلك الأفعال.

وقالت المجلة، في بداية تقريرها: "تقتل الشرطة في الولايات المتحدة ما يقرب من 1000 شخص سنويًا، وهو ما لا تفعله أي دولة أخرى، لدرجة أن الشرطة الفنلندية أطلقت ست رصاصات فقط في عام 2013 بأكمله، أقل من نصف عدد الرصاصات التي أصاب بها أحد شرطيي شيكاغو الصبي الأسود لوجان ماكدونالد في 2014 أثناء سيره في الشارع".

وتأتي الشرطة في أمريكا - بحسب المجلة - جنبًا إلى جنب مع مثيلتها في بعض الدول الفقيرة، ولكن الشرطة في السلفادور أكثر فتكًا بـ 22 ضعف، وفي ريو دي جانيرو - إحدى مدن البرازيل التي يعيش بها 17 مليون نسمة فقط - قتلت الشرطة في 2017 عددًا أكبر من الذي قتلته الشرطة الأمريكية كلها طوال العام، وفي دول مثل كينيا، نيجيريا، والفلبين، من المستحيل أن تعرف عدد الأشخاص الذين تقتلهم الشرطة كل عام ولكنه رقم كبير للغاية.

وتساءلت المجلة، لماذا يميل بعض رجال الشرطة للقتل؟ يكون هذا في بعض الأوقات بسبب خوفهم على حياتهم أو حياة المارة، وبشكل عام كلما انتشرت جرائم القتل في الدولة، ازدادت دموية الشرطة، حيث تقتل الشرطة الأمريكية أفرادًا أكثر من مثيلتها في الدول الغنية الأخرى؛ لأن عدد الأشخاص الذين يطلقون النار باتجاههم أكبر، فالشرطة الأمريكية أكثر دموية من الألمانية بـ 36 مرة، ولكنهم أيضًا أكثر عرضة للقتل منهم أثناء أدائهم عملهم بـ 35 مرة.

فارق كبير آخر يتمثل في الحوافز، فالشرطي الذي يقتل بشكل غير قانوني في أمريكا وأوروبا يكون أكثر عرضة للمعاقبة، ولكن في عدد من الدول النامية، تشجع السلطات الشرطة على القيام بعمليات إعدام للمجرمين خارج نطاق القانون، ويكون هذا للتخلص من المتطرفين أو لقمع الجريمة، ويشيد مواطنو الدول بهذه الإجراءات وبالشرطة.

- الفلبين:

وتقول المجلة، في الفلبين على سبيل المثال، يحث الرئيس رودريجو دوتيرتي علنًا الشرطة على قتل المشتبه بهم في تجارة المخدرات وكذلك متعاطيها، وكل ذلك من أجل الوفاء بوعد قطعه أثناء حملته الانتخابية للرئاسة بأن يجعل جثثهم تغطي خليج مانيلا لـ "تغذي السمك"، ومنذ أن أصبح رئيسًا في مايو 2016، قُتل أكثر من 12 ألف شخص في عمليات قتل خارج نطاق القضاء، طبقًا لجماعات حقوق الإنسان، ولكن الشرطة تقول إن مجموع ما تم قتله 3850 شخص في الفترة من يوليو 2016 حتى سبتمبر 2017، وهو رقم أقل من الذي ذكرته جماعات حقوق الإنسان ولكنه ما زال رقمًا كبيرًا.

إميلدا هيدالجو، والتي تعيش في أحد الأحياء الفقيرة بمدينة كويزون بمانيلا، قالت إن "الشرطة قتلت أخيها العام الماضي، لورود معلومات أنه يتعاطى الميثامفيتامين، نحن نعيش في خوف هنا، حيث تطلق الشرطة النار أحيانًا على المارة أيضًا ومن الممكن أن يُقتل أي شخص في أي مكان".

إليزابيث ماجو، إحدى بائعات الطعام في مدينة كويزون، تقول إن الشرطة قتلت نجلها الذي تواجد في المكان الخطأ في الوقت الخطأ، مضيفة أن أول ما تفعله الشرطة عند القيام بالعمليات أنها تطفئ كاميرات المراقبة والأضواء.

وتصر الحكومة - كما توضح المجلة - على أن قتل المجرمين قلل من معدلات الجريمة في البلاد، ولكن من الصعب التأكد من هذا، لأن معظم عمليات القتل كانت إعدامات، وحصول الشرطيّ على رخصة للقتل يتيح له إمكانية تهديد المدنيين وترويعهم، ويقول مسؤول محلي: "أصبح الابتزاز الآن أكثر تفشيًا، لأن الشرطة يمكنها اختيار من تقتله ومن تودعه السجن".

وعلى الرغم من كل ذلك، ما زال ثلاث أرباع الفلبينيين يوافقون على طريقة الحكومة في التعامل مع المجرمين، حتى هؤلاء المتضررين من الحملة الوحشية التي تقوم بها الحكومة يؤيدون تلك الطريقة أحيانًا، حيث أن كلًا من هيدالجو وماجو تؤيدانها.

- تايلاند:

وتتابع المجلة، بدأت حملة أخرى على المخدرات في تايلاند عام 2003، ولكنها كانت فاشلة، وكشف تقرير علني بعد أربع سنوات من الحملة، أنه في الأشهر الأولى منها، كان نصف عدد حالات القتل خارج نطاق القضاء، والتي بلغت 2819 حالة، متعلقًا بأشخاص لا علاقة لهم بالمخدرات.

ويشتكي القرويون، في بعض الأحيان، من أن الإدمان ما زال سيئًا مثل أي وقت مضى، ويأمل بعضهم أن تعود الحكومة للعنف مرة أخرى، ويقول أحد المزارعين: "إذا قتلت كلبًا هل ستعتذر لعائلته؟ لا، ونفس الحال مع تجار المخدرات".

- السلفادور:

في 2015، أعلن نائب الرئيس السلفادوري، أنه يمكن لرجال الشرطة أن يطلقوا النار على أعضاء العصابات دون خوف من العواقب، وتقول مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القانون، أجنس كالامارد، إن إن مثل هذه "الحصانة الضمنية" تحفز الشرطة على الإفراط في تعصبها.

ارتفع عدد أعضاء العصابات الذين قتلتهم الشرطة والجيش، بعد أن أعلنت الحكومة سياسة "القبضة الحديدية" 15 مرة، من 39 في 2013 لـ 603 في 2016، وتضاعفت جرائم القتل في نفس الفترة، وارتفعت نسبة المشتبه بهم القتلى إلى قتلى الشرطة ما يقرب من ثمان مرات، حيث كانت 15 إلى 1 في 2014 على الترتيب، إلى 113 إلى 1 في يونيو 2017.

وتقول المجلة، تم اعتقال أكثر من 600 ضابط سلفادوري العام الماضي، بسبب مزاعم انتمائهم للفرق التي نفذت الإعدامات، ولكن لم يتم مقاضاة أي منهم أو حتى إقالته، وحصل بعض الصحفيين على محادثات برنامج "Whatsapp" الجماعية، والتي أظهرت تبادل الضباط لمقاطع فيديو لتعذيب المشتبه بهم، واحتفالهم بالتخلص من أعضاء العصابات، وتبادلوا النصائح حول كيفية زرع الأدلة، وتم اعتقال الضباط الذين كانوا في تلك المحادثة الجماعية ولكن تم إطلاق سراحهم بعدها بثلاثة أيام.

وتتابع المجلة، لمواجهة العنف الذي تقوم به الشرطة، كان هناك اقتراح بأن يرتدي ضباط الشرطة كاميرا ملتصقة بالزي الرسمي، ولكن أظهرت دراسة في واشنطن، ارتدى فيها نصف الضباط كاميرا الزي والنصف الآخر لم يرتدي الكاميرا، أنه لا فارق بين المجموعتين في استخدام القوة، وهذا لا يعني أن ارتداء كاميرات الزي ليس أمرًا غير مفيد، بل قد يعني أن الشرطة الأمريكية تتبع القواعد، لذلك لم يتغير سلوكهم عند مراقبتهم، ولكن قد تكون الشرطة في الدول الأخرى مختلفة، وقد تُحسن كاميرات الزي في الدول الأخرى من سلوك المواطنين أيضًا وليس الشرطة فقط.

تحتاج الشرطة - حسب المجلة - إلى تدريب أفضل في استخدام الوسائل غير القاتلة لإيقاف المشتبه بهم، مثل مسدسات الصعق الكهربائي، ويحتاج ضباط الشرطة، في الدول الفقيرة، لمرتبات أفضل حتى لا يتحولوا لقتلة، وعواقب أكثر فعالية عند إساءة استخدام سلطاتهم، ونظام قانوني فعّال يكونوا تحت سُلطته، حتى لا يواجهوا خيار قتل المشتبه به أو رؤيته يشق طريقه خارج السجن بالرشوة.

واختتمت المجلة تقريرها بالقول: "الأهم من كل ذلك، تحتاج مثل هذه الدول إلى قائد يرى أن حياة المدنيين مهمة، وأن معاقبة المتهمين مهمة القضاء وليس رجال الشرطة".

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان