"تهاجمه علنًا تحالفه سرًا".. كيف تتعامل أمريكا مع نظام الأسد؟
كتب - هشام عبد الخالق:
نشر موقع "ديلي بيست" الأمريكي، مقالًا لمراسله في أسطنبول، روي جوتمان، حول الحرب في سوريا والتحالف بين الإدارة الأمريكية ونظام الأسد.
وقال جوتمان في بداية مقاله: "كشف التدخل التركي في منطقة عفرين الواقعة شمالي سوريا، حقيقة أساسية حاول البنتاجون أن يبقيها سرًا لوقت طويل، وهي أن قوات سوريا الديمقراطية التي تعتمد عليها الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم داعش في شرقي سوريا، متعاونة مع نظام بشار الأسد".
وتابع الكاتب، أصبح هذا واضحًا بعد أن خسرت قوات سوريا الديمقراطية عددًا من الأماكن في جيب عفرين السوري، لصالح القوات التركية، وطلبت الدعم من نظام الأسد.
أرسل الأسد حينئذ "قواته العامة"، وهم خليط من الميليشيا غير المدربة، ولكن استخدمت تركيا سلاح المدفعية الخاص بها لتشتيت شمل بضع المئات من الجنود الذين أرسلهم الأسد.
العملية التركية، والتي تعتمد على قوات أرضية من المتمردين العرب بشكل كبير، لم تنتهِ بالسرعة التي قررها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عندما أطلق العملية التي أسماها "غصن الزيتون" في 20 يناير.
كان سبب تأخر القوات التركية في السيطرة، يتمثل غالبًا في الأمطار، الطين، والتضاريس الجبلية، وتسيطر تركيا على ما معدله 5 قرى يوميًا في الوقت الذي تحاصر قواتها مدينة عفرين، وأكملت قوات المتمردين السوريين تطويق المدينة يوم الإثنين، ولكن قد يتطلب الإطاحة بالأكراد داخل المدينة بعض الوقت، لأعدادهم التي تتجاوز المئات، واستعدادهم للقتال حتى الموت.
ويقول الكاتب، لم تمر قوات سوريا الديمقراطية بأيام هينة أيضًا، حيث فشلوا في استعادة أي من القرى التي خسروها حول عفرين، ويبدو أنهم في موقف حرج حاليًا، فالأسبوع الماضي، تخلى إخوانهم الأكراد في حلب عن السيطرة على منطقتين في أكبر مدن سوريا، وسلموا إياهم إلى نظام الأسد، واتجهوا بعد ذلك إلى عفرين.
ويتابع، دمرت المدفعية التركية قافلة من قوات سوريا الديمقراطية من حلب، وعلى الرغم من ذلك، تمكن بضع مئات من أكراد حلب من دخول عفرين، بل ويقال إنهم يقاتلون الآن على الخطوط الأمامية، لكن كل هذا لم يكن كافيًا، حيث يطلب المسؤولون الكرديون المساعدة.
ويقول صيام محمد، مسؤول بالذراع السياسي لقوات سوريا الديمقراطية، للموقع الأمريكي: "لم نتلقَ الدعم من الحكومة السورية، ونحن ندعو الحكومة السورية للمحافظة على سيادتها وحماية حدودها التي تتدخل فيها تركيا"، ولم يرد المتحدث الرسمي باسم قوات سوريا الديمقراطية على طلب التعليق من الموقع.
انتقدت الولايات المتحدة العملية التركية في عفرين، لأت قوات سوريا الديمقراطية تركوا الخطوط الأمامية في شرق سوريا لينضموا لإخوانهم في شمال سوريا، ولكن الشكوى الأمريكية لم تجد لها آذانًا صاغية في أنقرة.
بالنسبة لتركيا، والتي كانت تحارب التمرد الكردي لأكثر من 30 عامًا، فإن الهجوم في عفرين حاز دعم عدد كبير من الأحزاب باعتبارها خطوة نحو ضمان سلامة الأراضي التركية في المستقبل.
وقد أعلن الأكراد في شرق سوريا وعفرين، مرارًا وتكرارًا في السنوات الأربع الماضية، عن هدفهم في توحيد الأراضي ذات الأغلبية الكردية المنتشرة في شمال سوريا، في شريط واحد متاخم للحدود التركية، وتقول تركيا إن هذا سوف يضغط على الأكراد في تركيا للانفصال، وتشكيل دولة كردية.
السبب الآخر في أن أمريكا لم تجد لها آذانًا صاغية في تركيا، هو أن التدخل بقيادة الولايات المتحدة ضد داعش في سوريا، مبنيّ على مزاعم حول حلفاء الولايات المتحدة الأكراد، الذين يعطون أفكارًا خاطئة عن الواقع السياسي.
وادّعت كلا إدارتي ترامب والرئيس السابق باراك أوباما، - خلافًا للأدلة المتوفرة - أن القيادة الكردية لقوات سوريا الديمقراطية، مستقلة عن حزب العمال الكردستاني والذي تصنفه كلًا من تركيا، الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة منظمة إرهابية، وكان هدف حزب العمال الكردستاني تفكيك تركيا.
الأسبوع الماضي، فشل المتحدث باسم البنتاجون في إجابة سؤال لأحد المراسلين، حول إذا ما كانت الولايات المتحدة أصبحت حليفة لنظام الأسد، نظرًا لتعاون قوات سوريا الديمقراطية مع النظام، وقال ردٌ مكتوب لوزارة الدفاع الأمريكية في وقت لاحق: "المجموعات الكردية المسلحة في عفرين ليسوا شركاء من أجل هزيمة داعش، والشراكة الأمريكية مع قوات سوريا الديمقراطية "محدودة" في نطاق عمليات هزيمة داعش".
وكما قد يكشف هذا - حسب قول الكاتب - كان يجب على الولايات المتحدة أن تتجنب الواقع، للحفاظ على الخيال التي صنعته أن هناك عدة مجموعات من قوات سوريا الديمقراطية.
الفصيل الكردي السوري الذي يسيطر حاليًا على المدن الكردية في سوريا وعفرين، هو في الحقيقة فصيل حزب العمال الكردستاني في سوريا، ولكنه مرّ بعدة تغيرات في الاسم مؤخرًا بناء على طلب الجيش الأمريكي، من وحدات حماية الشعب لقوات سوريا الديمقراطية، ولكن كل هذه الفصائل المختلفة التي تطلق على نفسها لقب قوات سوريا الديمقراطية، لا تزال تتبع قيادة حزب العمال الكردستاني، الذي مقره جبل قنديل في العراق.
ليس هناك دليل أفضل من ذلك - أن الفصائل الكردية المختلفة تتبع حزب العمال الكردستاني - سوى ردود فعل قوات سوريا الديمقراطية في جميع أنحاء سوريا عند سماعها بخبر التدخل التركي في عفرين، حيث انتقل عدد من القوات الكردية التي تقاتل تنظيم داعش مع الولايات المتحدة في شرق سوريا، إلى عفرين لمساندة إخوانهم الكرديين، ومغادرة القوات الكردية في حلب الأسبوع الماضي كان مثالًا آخر على التنسيق الكردي للذهاب لنجدة عفرين الواقعة تحت السيطرة الكردية.
وأيضًا من الأشياء التي تتغاضى عنها الولايات المتحدة، هو كيف استطاع مسؤولو الفصيل السوري لحزب العمال الكردستاني السيطرة على شمال سوريا في المقام الأول، حيث لم يكن هذا عن طريق الانتخابات أو الإرادة الشعبية، حيث أعطاهم إياها الأسد بنفسه في أواخر 2012، مع المدفعية، والأسلحة، والمدرعات، ومراكز الحدود، والمكاتب، ولكن النظام احتفظ بسيطرته على المطار في القامشلي، وهي المدينة الرئيسية في شمال شرق سوريا، وبؤرة كبرى لاستخبارات القوات الجوية السورية، التي تُعد أكبر قوة أمنية في البلاد.
الذراع السياسي لوحدات حماية الشعب الكردية، حزب الاتحاد الديمقراطي، هو واحد من الأحزاب الكردية المتعددة، وأقلها شعبية، وعلى الأقل غادر أكثر من نصف مليون كردي كانوا تحت سيطرة الحزب إلى إقليم حكومة كردستان في شمال العراق، وغادر مئات آلاف آخرين إلى تركيا وأوروبا الغربية، وقال مسؤول في الخارجية الأمريكية في عهد أوباما، إن المنطقة تحت سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي أصبحت أشبه بـ "دولة شمولية صغيرة".
واختتم الكاتب مقاله قائلًا: "اتّحدت الولايات المتحدة مع النظام السوري بقيادة الأسد، أثناء تحويلها للجناح السوري لحزب العمال الكردستاني، إلى حليف لها ضد داعش".
فيديو قد يعجبك: