قرآن ولحن الحياة.. قصة صمود الطفلة شام "40 ساعة" تحت أنقاض الزلزال بسوريا
كتبت- سارة أبو شادي
"يا شام انتي شامنا. بيكِ بنينا أحلامنا. الكل ظلمه وشامنا. يا موت يا تشريد" لحن غناه قبل سنوات شاب سوري لوطنه الذي أصابه ويلات الحرب، واليوم تعيد إحياؤه طفلة أثناء حصارها أسفل ركام منزلها المُهدم، ليكون بمثابة "لحن الحياة تحت الأنقاض" كما أطلقته الصغيرة رفقة منقذيها.
"كانت قوية وصحتها كويسة وقت طلعناها".. حميد قطيني أحد رجال الدفاع المدني السوري، والذي شارك ورفاقه في عملية خروج الطفلة شام وغيرها من أسفل أنقاض منازلهم المُهدمة جراء الزلزال، في بلدة أرمناز الواقعة بريف إدلب الغربي، يسرد لمصراوي حكاية شام تلك الصغيرة التي ظلت لساعات تحت الأنقاض تُغني وتُرتل القرآن لتحيا ويحيا معها أمل النجاة من جديد.
40 ساعة قضتهم الصغيرة رفقة عائلتها أسفل الأنقاض، بدا عليها القوة لم تفقد أبدًا الأمل، خرجت جميع عائلاتها وتركوها وحيدة لساعات طويلة، لكنّ إيمان الصغيرة بالحياة هو من دفعها للصمود، فقدت أمها وشقيقتها الكبرى وانتظرها في الخارج والدها وشقيقها عمر .
منذ قدوم شام إلى الحياة وهي تتنقل بين مدينة وأخرى هربًا من ويلات الحرب التي يعيشها وطنها، قبل عدة أعوام عاشت الفتاة في قرية تلمنس التي تقع بريف إدلب الشرقي، لكن وبسبب الحرب قررت عائلتها الخروج من بلدتهم مودعين أحبائهم هربًا من الموت نحو مكان آخر أكثر أماناً، لتستقر العائلة في ريف إدلب الغربي لم تُدرك حينها أنّ الموت سيلاحقهم هناك.
بدأنا نتكلم معاها من قبل ساعتين من إيجادها" 10 سنوات هم عمر الفتاة ، كانت الأصغر بين أشقائها، وفي يوم الكارثة ذهبت لسريرها من أجل النوم، كان الجو شديد البرودة، فوضعت غطائها فوقها لتحتمي به، سمعت صراخ أمها من بعيد لكنّ النوم قد غلبها فلم تنتبه لأي شئ، حتى انطفأت أنوار المنزل وساد الظلام في كل مكان، حتى صوت أمها اختفى هو الآخر لتجد الصغيرة نفسها أسفل حجارة كبيرة منعتها من الحركة.
في مساء الثلاثاء وبعد نحو 40 ساعة، وصلت قوات الدفاع المدني إلى شام، بعدما أنقذت والدها وشقيقها وانتشلت جثمان شقيقتها ووالدتها، ولم يتبقى في المنزل سوى شام، والتي كانت تنام وفوقها نحو 3 طوابق حيث كانت الصغيرة تسكن رفقة عائلتها في الطابق الأول من المنزل المنهار.
على مدار ساعتين حاول فيها رجال الدفاع المدني إنقاذ الفتاة، قاموا بتهدئتها وأوصلوا لها الأكسجين، غنوا معها وطالبوها بترتيل القرآن، تفاعلت معهم شام كانت تساعدهم في التفكير بطريقة لخروجها، وطالبتهم أيضًا بقارورة مياة لتروي جوفها الذي لم تدخله المياه ليومين ، كانت تبتسم أحيانًا وتبكي أخرى ، لكنّها في النهاية كانت صامدة وقوية تحدّت الخوف والألم وخرجت إلى الحياة من جديد.
اليوم تنام شام على سرير داخل إحدى غرف العناية المشددة في مستشفى بإدلب، تداوي جروحها وتُضمد آلامها، فالفتاة مصابة بإصابات شديدة في قدميها التي علقت تحت الأنقاض لفترة طويلة، لكنّ بعد أيام ستخرج شام ستتذكر ما ألم بها وعائلتها ستتذكر قوتها التي كانت حديث العالم أجمع، ستخرج شام لتكمل لحن الأغنية التي لم تٌغني منها إلا بضع كلمات قليلة فقط.
فيديو قد يعجبك: