بالصور| أسير وعلم دام 4 سنوات بسيناء.. تفاصيل عملية فدائية أذلت إسرائيل في 1969
-
عرض 16 صورة
-
عرض 16 صورة
-
عرض 16 صورة
-
عرض 16 صورة
-
عرض 16 صورة
-
عرض 16 صورة
-
عرض 16 صورة
-
عرض 16 صورة
-
عرض 16 صورة
-
عرض 16 صورة
-
عرض 16 صورة
-
عرض 16 صورة
-
عرض 16 صورة
-
عرض 16 صورة
-
عرض 16 صورة
-
عرض 16 صورة
السويس - حسام الدين أحمد:
بعد هزيمة يونيو 1967 أُسدل ليل كئيب على بلادنا، التي كانت تبحث في عتمة الظلام عن نهار واضح المعالم، يُمهد لنصر لابد يأتي، وشرف يعيده أبناء مصر ببطولات تكشفها الأيام.
"وضح النهار"
الزمن: 5 نوفمبر 1969
المكان: الضفة الشرقية لقناة السويس
الأبطال: 14 فدائيًا من أعضاء منظمة سيناء العربية التابعة لإدارة المخابرات الحربية.
المهمة: تدمير دورية إسرائيلية وأسر جندي ورفع علم مصر على أرض سيناء المحتلة.
الزمن المقدر للعملية: 14 دقيقة
كان الرجال في الصفوف الأولى التي استقبلت الجنود الشاردين العائدين من سيناء بعد هزيمة يونيو 1967، ينقلونهم بين المدقات الجبلية في الأرض المحتلة، ويعبرون بهم القناة في قوارب صيد إلى مستشفى السويس للعلاج، وهم يرون انكسارًا وهزيمة لا تصفهما أي كلمات.
غيب الموت إما بالاستشهاد دفاعًا عن الوطن أو بالمرض 12 من منفذي عملية "وضح النهار"، إحدى قصص بطولات رد الكرامة التي انتهجها الشعب منذ النكسة وحتى نصر أكتوبر العظيم.
يحكي عبد المنعم قناوي، أحد اثنين أمد الله في عمرهما من أبطال العملية، مشاهد الإعداد والتنفيذ لـ "وضح النهار"، فيقول: "الاستعداد لمعركة التحرير بدأت مبكرًا.. بعد التدريب بدأنا ننفذ عمليات إزعاج للجانب الإسرائيلي، برصد الموقع الإسرائيلية نهارًا ومهاجمتها ليلاً.. ندمر مخازن الزخيرة ومستودعات وقود، ونقطع أسلاك الاتصال، مع وضع الألغام في الطرق والمدقات التي يستخدمها العدو في منطقة شرق القناة".
"بعد كل عملية تلحق خسائر بالقوات الإسرائيلية يخرج قادتها في الصحف والإذاعة ويدعوا أن العمليات تخريبية وينفذها مرتزقة"؛ يقول قناوي، الذي يضيف "كان لابد من أحداث تغيير في المشهد، لذلك كانت تعليمات الرئيس جمال عبد الناصر بتنفيذ العملية نهارًا، والعودة بدليل مادي يثبت العبور، أسير مثلاً، وترك أثر يؤرقهم ويرمز للكرامة (رفع العلم) بالضفة الشرقية للقناة على خط بارليف".
الاستعداد
يروي قناوي الملقب بـ"صقر السويس" كيف استعد وزملاؤه للعملية: " زادت ساعات التدريب، وتنفيذ عمليات استطلاع لاختيار منطقة العمليات، فوقع الاختيار على المنطقة المواجهة لمعدية الشط وتبعد 8 كيلومترات شمال مدينة السويس.. اخترنا أحدى الدوريات التي تمر صباح كل يوم بعد مع شروق الشمس وتضم عربتين مجنزرة ودبابة وقوتها 18 فردًا؛ 3 ضباط و15 مجندًا".
اليوم السابق
كان قناوي أحد أفراد مجموعة الاستطلاع، ويحكي: "كان كل فردين يتسلقوا نخله مرتفعة غرب القناة، من قبل شروق الشمس، لرصد تحركات العدو، على الطريق المواجهة لهم، لنعلم متى يتحرك وعدد القوات ومواعيد التحرك، من شروق الشمس وحتى غروبها".
يروي قناوي: "كنا أوقات نتأخر في أعمال الرصد حتى حلول الظلام، كنا نشاهد أضواء ونسمع أصوات لعربات ومجنزرات تتحرك ولا نراها من خلف الساتر الترابي، دفع ذلك قائد الفدائيين مصطفى أبو هاشم للاستئذان للعبور واكتشاف الأمر فكان ذلك يوم 4 نوفمبر قبل العملية بيوم".
"سبح أبوهاشم ومحمود عواد، وكانا بطلين في السباحة، القناة ومرا إلى خلف خطوط العدو ثم عادا منتصف الليل ومعهما ميكروفون وتعلو وجههما ابتسامة"؛ يتذكر كيف قناوي كيف استقبلوا زميليهما العائدين من خلف خطوط العدو.
العدو يخدعنا
يقول الفدائي قناوي: "العدو كان يخدعنا، نصبوا قواعد خرسانية صغيرة، وثبتوا عليها مصابيح كاشفة بزوايا مختلفة، ليظن من يراها أن كول سيارات قادم من عمق سيناء، ونشروا مكبرات صوت تبث تسجيل لأصوات تحركات الدبابات والعربات المجنزرة، وما كنا لنكتشف ذلك لولا أبوهاشم ومحمود عواد".
موعد العملية
يخبرنا قناوي أن قائد السرية بقرية عامر التي كانوا يرصدون منها تحركات العدو، أبلغ قائده فاستدعى مدير المخابرات الحربية المجموعة إلى مكتبه في السويس.
"أمام العقيد بدر حميدة، مدير المخابرات روى مصطفى أبو هاشم ومحمود عواد ما شاهداه في أرض سيناء، نظر إلينا ضابط المخابرات سألنا مستعدون لتنفيذ عملية في النهار؟ فكان رد المجموعة: تمام يا فندم، فأخبرنا أن موعدها فجر الغد"؛ يحكي قناوي مشهد تحديد وقت العملية.
أمر الرئيس
"نلنا قسطًا من الراحة، ثم أخبرنا مدير مخابرات السويس بتعليمات العملية التي أمر بها الزعيم عبد الناصر... نعبر فجرًا ونزرع ألغامًا ثم نستهدف دورية وندمرها ونعود بأسير حي وننصب العلم المصري على خط باريف"، يقول قناوي.
نصف الذخيرة
يتذكر قناوي تعليمات التسليح "التسليح العادي هو 4 خزائن مثبته في بُل على حزام الآيش بالإضافة الى خزنة معمرة بالبندقية الآلي، لكن العقيد حميدة عارض ذلك حتى يكون إطلاق النار بحساب".
"مش عايز فرح العمدة، كل واحد خزنتين، وأول طلقة تخرج من سلاح مصطفى أبو هاشم محدش يضرب قبله، 4 قنابل وسلاح آر بي جي معاه 2 قاذف" هكذا كانت التعليمات كما يسرد قناوي.
العشاء الأخير
يبتسم قناوي متحدثًا عن الليلة الأخيرة: "مدير المكتب طلبلنا كباب من عند رجب لولا الكبابجي، كان العشاء الأخير ولازم يكون حاجة فخمة محدش عارف هيرجع ولا لأ، العملية مواجهة العدو واشتباك بالذخيرة وجهًا لوجه، وبعد ما أكلنا توجهنا لنقطة الانطلاق بقرية عامر".
أبطال المجموعة
يذكر قناوي أسماء زملاءه في العملية: مصطفى أبو هاشم قائد العملية، ومحمود عواد، وأحمد العطيفي، شكلوا مجموعة اقتحام يمنى. وسعيد البشاتلي، وإبراهيم سليمان ومعهم قناوي في مجموعة اقتحام يسرى. أما مجموعتي حماية وقطع الطريق يمين ويسار فضمت فايز حافظ أمين، وأشرف عبد الدايم، ومحمود طه، وفتحي عوض الله، وعبد المنعم خالد، وميمي سرحان، وغريب محمد غريب، وحلمي حنفي شحاته. وكان تسليح آخر فردين قاذف آر بي جي.
الوصول
يحكي قناوي المشهد عقب وصولهم شرق القناة: "قرب الشاطئ نزل مصطفى أبو هاشم وميمي سرحان، كانا السباحين المهرة في المجموعة، لفوا حبل على وسطهم وثبتوا وتد على الشاطئ وسحبونا، كان الفدائيين المشاركين مقسمين إلى مجموعات وكل واحد عارف دوره".
"صلينا الفجر على الشاطئ، على اليمين واليسار فردين تأمين، على الساتر وضع العدو عدة أوتاد بين كل منها 5 أمتار، موصولة ببعضها بسلك إعصاري رفيع وكأنه شعرة من الرأس، حال ملامسته يصدر تنبيهًا بعبور شخص الضفة الشرقية للقناة"؛ يصف قناوي المشهد أسفل الساتر الترابي.
إنذار
حدث خطأ غير مقصود أثناء العبور، بحسب قناوي، إذ لمس أحدهم بالخطأ السلك الإعصاري، فأصدر إشارة إنذار بالنقطة الحصينة 149 شمال الموقع المستهدف.
ويفسر قناوي إن جنود الدورية لم يعرفوا ما إذا كان الذي عبر مازال على أرض سيناء، أم نفذ عملية وغادر، لذلك توجهوا جنوبًا لتمشيط الطريق أسفل الساتر الترابي.
"لم ننتظر وضعنا الأشراك والألغام الأرضية وبعضها كان لغمين فوق بعضهما، حتى أصبحت دورية التمشيط على مرمى البصر، وكانت تضم عربيتين نصف جنزير، على غطاء محرك العربة الأولى جلس جنديين من سلاح المهندسين الإسرائيليين وأمامهما كلبي حرب، لتمشيط الطريق واستكشاف أي أثر".
الروح الإيمانية
يصمت قناوي قليلاً، ثم يعاود الحديث: "الروح الإيمانية كانت عالية، كنا نعلم يقينا أن الله سينصرنا، فالرياح كانت من الغرب للشرق، ومن فضل الله أن توقفت الرياح وإلا شمت كلاب الدورية رائحتنا وكشف أمرنا، قبل تدمير الدورية الهدف".
لم يكن المخطط في العملية استهداف الدورية المفاجأة، وفق قناوي، وهذا لسببين؛ الأول قلة عدد أفردها، والثاني أن الدورية المقصودة كانت على بعض عشرات الأمتار منها، ولم تكن مجموعة "وضح النهار" مستعدة لمواجهة دوريتين، فانتظرا وصول هدفهم الذي يحمل عدد أكبر من جنود العدو.
وصول الهدف
استكملت دورية النقطة 149 طريقها "وصل التحذير بعبور عناصر من غرب القناة، إلى الدورية الهدف، كان ذلك سببًا في أن يترجل جنديين وضابط العربة الأولى ويسيرا في المقدمة مشكلين رأس حربة وإلى جوار كل منهما كلب حرب مدرب على كشف الألغام وتقفى الأثر، حتى رأى أحدهما لغمًا، كانا لغمين فوق بعضهما في الحقيقة ليحدثا أكبر قدرة تدميرية في الدورية".
تغير تكتيكي
يحكي قناوي بعض التغييرات التكتيكية التي كانت لتؤثر على دقة التنفيذ لولا عناية الله "لما كنا نراقبهم من النخل، كانت المسافة بين العربية الأولى والثانية 4 أمتار تقريبًا، ومثلها بين العربية الثانية والدبابة".
يشير قناوي إلى أن خطة العملية كانت استهداف مجموعتي الاقتحام العربتين، بينما المجموعة الحامية تدمر الدبابة بقذيفة آر بي جي.
"بعد إنذار العبور، تغيرت المسافة بين مركبات العدو فوصلت إلى 10 أمتار في محاولة لتأمين الدورية وكشف أكبر مساحة ممكنة، لذلك كان التعامل وفق الخطة الموضوعة صعبًا للغاية لأن أماكن ارتكاز الفدائيين كانت بعيدة عن الأهداف وغير مباشر لها مما يصعب تدميرها"؛ يقول قناوي.
"عندما انحني جندي سلاح المهندسين لينبش الأرض، وقبل أن يلمس اللغم أطلق علية النار مصطفى أبو هاشم فصرخ وسقط قتيلاً".
كانت هذه إشارة لباقي أفراد المجموعة للتعامل بالأسلحة، وفق ما يوضح قناوي، الذي يضيف: "أجرت مجموعة الاقتحام الأولى التفافًا للهجوم على العربة الثانية، التي كان يستقلها الضابط وسائق و4 جنود في الصندوق جالسين حول مدفع جرينوف، ففر بعض الجنود في العربة الأولى إلى حفر برميلية بالطريق".
قنابل الجولف
في مشهد لسرعة البديهة وقلب نقاط قوة العدو ضعفًا، استمرت العربة الأولى في التقدم فأعاقت رؤية الحفر البرميلية، وحالت بينها وبين المجموعة الفدائية "اعتبرناهم حفر جولف، وكانت القنابل بحوزتنا هي الكرات ألقيناها على الجنود الإسرائيليين داخل الحفر البريميلية"؛ يقول قناوي.
يصف المشهد الذي مر عليه 50 عامًا: "كنا نشد الفتيل وندحرج القنبلة بدبشك البندقية تسقط في الحفرة ولما نسمع صريخ مع الانفجار نعرف إن الحفرة كان فيها جندي ومات".
تقدمت الدبابة من مؤخرة الدورية، فبادرتها مجموعة حماية قطع الطريق بقذيفة آر بي جي أطلقها الفدائي حلمي حنفي "صوت الانفجار الشديد كان شديد، فهلع الجنود في العربة الثانية، وفر أحدهم هاربًا وهو يصرخ، واستطاعت مجموعة الاقتحام يمين ضرب السيارة الثانية في المؤخرة، فقتلوا من في الصندوق"؛ يقول الفدائي السويسي.
الثانية تفرق
"الثانية تفرق كتير في الوقت ده" يرتفع صوت قناوي وهو يروى كيف كانوا على شفا الموت، لولا عناية الله التي لازمتهم في العملية "كان فاضل العربية الأولى، همّ أحد الجنود بكشف الغطاء القماش وجهز مدفع الجرينوف، كنا في مرمى الإطلاق القريب لكن حركة لا إرادية من محمود طه غيرت الوضع".
ويذكر قناوي ما فعله زميله الفدائي طه: "كان أصغر المشاركين في العملية 21 سنة، كان معاه علبة صفيح، رماها في الصندوق بشكل لا إرادي، جنود العدو افتكروها قنبلة وجريوا وسابوا سلاحهم فاصطدناهم".
استطاع الفدائيون أبطال هذه العملية، هذه الليلة، قتل 14 جنديًا و3 ضباط، وأسر جندي من سلاح المهندسين الإسرائيلي كان مترجلاً أمام الدورية والعودة به.
9 دقائق
"كل ده عملناه في 9 دقائق فقط" تلمع عينا قناوي قبل أن يستكمل: "لو حد كان قالنا تنفذوا في المدة القليلة دي كنت هقول مستحيل، لكن توفيق الله يكسر حاجز الزمان".
العلم
"مصطفى أبو هاشم كان عارف إننا هنثبت العلم فجهز مكانه في ليلة الاستطلاع الأخيرة قبل العملية"؛ يتذكر قناوي الحفرة التي صنعها قائد العملية بعمق زراع، وهم وزملاؤه بتثبيت علم بطول 6 أمتار على خط بارليف.
لهذا العلم قصة يحكيها قناوي: "حاولت قوات العدو طوال 4 سنوات إسقاط العلم، لكن القناصة المصرية تكفلت بكل من حاول، إذ تم تكليف القناصة في برج المراقبة المقابل غرب القناة باستهداف أي فرد يحاول إنزاله، وأسقطوا 12 جنديًا حاول ذلك".
الأسير
لم يزل الخطر بمغادرة أرض سيناء، هذا ما يؤكده راوي الملحمة، الذي أكمل سرده قائلاً: "العدو أرسل طائرتي سكاي هوت خلفنا في طريق العودة إلى السويس، حينها هاج الأسير وأخرج خنجر من حذائه وجرح به محمود عواد المكلف بحراسته، ثم جرح قائد اللنش وكاد أن يصيب جسم اللنش المطاطي، إلا أن تدخل إبراهيم سليمان بضربه بدبشك السلاح أفقد وعيه وأكملنا مهمتنا عائدين ومعنا واحد منهم".
فيديو قد يعجبك: