لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مصر: ''يختنون الذكور صباحا والنساء في الليل''

04:52 م الإثنين 26 نوفمبر 2012

مصر - دويتش فيلة:

رغم الحظر القانوني إلا أن ختان الإناث في مصر عاد لينتشر مجددا بشكل يثير الدهشة. كما يعمل الإسلاميون على إعادة إضفاء الشرعية على ختان الإناث وفي المقبل تتعالي الأصوات التي تطالب بمنعه.

تعيش أم محمد في القاهرة، في مكان متواضع يلقي فيه الآخرون قمامتهم. ولكنها تعودت على ذلك فقد عاشت طوال حياتها بين القمامة والبؤس، كما تقول السيدة المصرية بشجاعة. شيء واحد فقط لا تستطيع نسيانه، فقد مثّل لها معاناة شخصية لا تستطيع المرأة المسلمة تحملها حتى اليوم. عندما كانت في الثانية عشرة من عمرها، كانت تقريبا جميع العائلات في حيهم تحضر بناتها، اللواتي كن في نفس السن، لعند الحلاق. وتسترسل أم محمد في الحديث: ''لم نكن نعرف لماذا، كنا سعيدات، لأن كل فتاة تحصل قبل ذلك على ثوب أبيض جديد''، كما جرى تزيين يديها بالحناء للاحتفال بذلك اليوم. كانت الفتيات فخورات بذلك، ولكن بعد ذلك جاءت الصدمة. ''قام الرجل الغريب بخلع ملابسنا فجأة. ثم أحضر سكين الحلاقة''.

''لماذا تفعل عائلتي ذلك بي؟''

ثلاثة أيام استمرت بالنزف. في النهاية جلب والدها رمادا من عند الخباز لسد الجرح. ومن خلال هذا الوسخ تفاقمت الأمور نحو الأسوأ. وتضيف السيدة البالغة من العمر اليوم 47 عاما، والدموع في عينيها: ''أتذكر دائما بأنني كنت أسأل نفسي دائما: لماذا تفعل عائلتي ذلك بي؟''. بل إن إحدى فتيات حيها ماتت آنذاك على الفور بعد العملية.

وبعد تكرار مقتل العديد من الفتيات، تم في عام 2008 حظر ختان الإناث في مصر بقوة القانون. ومذّاك باتت عقوبة السجن تهدد الأطباء والقابلات ممن يقومون بذلك بطريقة تقليدية في الأرياف. وكذلك مفتي الديار المصرية أعلن بوضوح في إحدى الفتاوى، بأن ختان الإناث غير متوافق مع قيم الإسلام.

ختان الفتيات بسعر مضاعف

ولكن منذ قيام ثورة 25 يناير، عادت عمليات ختان الفتيات للازدياد فجأة، كما لاحظت ذلك أم محمد في المنطقة التي تعيش فيها. في أيام نظام مبارك، كان الناس يخشون العقوبات. ولكن الآن لم يعد الأطباء في حيها يتورعون عن إجراء عمليات الختان سرا، كما في السابق. وتقول أم محمد: ''يختنون الذكور في النهار. وفي الليل يقومون بختان الفتيات بسعر مضاعف. الجميع يعلم ذلك''.

وبإقدام ذهبت المرأة البسيطة بنفسها إلى الشرطة للإبلاغ عن الأمر. لكن رجال الشرطة أخبروها بأن لديهم مشاكل أهم، كما تقول الأم لثلاثة أطفال، التي يمكنها أن تجنب ابنتها معاناة وآلام الختان.

من المحرمات بالنسبة لمعظم المصريين، كما تقول أم محمد بصراحة: أن معظم الضحايا يعانين من الألم المزمن، ولديهن مشاكل جنسية وصعوبات أثناء الحمل والولادة. وهذا ما تؤكده أيضا طبيبة الأمراض النسائية في القاهرة الدكتورة أميمة إدريس، والتي تقدر بأن أكثر من 90 في المائة من النساء المصريات المتزوجات جرى ختانهن. وبعد الحظر القانوني لاحظ المرء انخفاضا في حالات الختان. ثم تقول الطبية: ''ولكن منذ تسلم الإخوان المسلمين وغيرهم من الإسلاميين السلطة في مصر عادت الأرقام لترتفع مرة أخرى. إنهم يشجعون العائلات على القيام بذلك مجددا''، رغم أنه حتى المسلمين المتدينين في المملكة العربية السعودية مثلا لا يقومون بختان فتياتهم ونسائهم.

الإسلاميون يسعون لإضفاء الشرعية على الختان

السلفيون وممثلون عن جماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي لها الرئيس المصري  الحالي محمد مرسي، يطالبون رغم ذلك بإعادة تشريع ختان الإناث. بالمقابل قامت منظمة نسائية ألمانية، بجمع توقيعات وصلت إلى  12000 توقيع ضد ختان الإناث في مصر. وقامت، في أوائل نوفمبر، بتسليم هذه التواقيع، إلى جانب عريضة، للسفير المصري في برلين.

ولكن الإسلاميين بدأوا فعلا في بعض المناطق باتخاذ إجراءات على أرض الواقع، كما تؤكد ميرفت التلاوي، رئيسة المجلس القومي للمرأة في مصر. فقد أخبرت قبل أسابيع قليلة، بأن جماعة الإخوان المسلمين وضعت في المناطق الريفية في محافظة المنيا حافلات على شكل عيادات متنقلة في خدمة أهل المنطقة. ''يتم تقديم عمليات ختان الإناث هنا كنوع من الخدمات الصحية، ومجانا''، كما تقول تلاوي. كما جرى لصق شعار ''حزب الحرية والعدالة''، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين على الحافلات.

المجلس القومي للمرأة أخطر على الفور المحافظ المحلي ووزارة الصحة في القاهرة بالأمر. ولكن المتحدثين باسم الإخوان المسلمين نفوا كل شيء واتهموا القرويين بأنهم زوروا شعار الحزب. ميرفت تلاوي، السيدة الأنيقة المسنة لا تمتلك سوى الضحك ردا على ذلك. فأهل القرية يعيشون حياة بسيطة جدا ومعظمهم لا يستطيع بالكاد القراءة. ولا يمكن أن يتصور قيامهم بعملية تزوير من هذا القبيل. والاحتمال الأرجح بالنسبة للتلاوي، هو أن الإخوان المسلمين يمولون حملات الختان غير القانونية في الأرياف.

وتعتبر القيادية النسائية بأن هذا العمل يمثل ''اعتداءا على الأطفال، إنه عمل بربري''، ثم تضيف: ''ولكن طالما أن الرئيس المصري لا يدين هذه الممارسات بشكل صريح، فإن الأصوليين سيواصلون أعمالهم هذه، وسيقودنا مرة أخرى إلى العصور الوسطى. أنا لا أعرف لماذا يكرهون النساء إلى هذا الحد''.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان