محمد بديع مرشد الاخوان دخل التاريخ.. لكن من اي باب؟
تحقيق - محمد أبو ليلة:
حينما نتأمل المشهد السياسي على مدار أكثر من عامين وتحديدا منذ يوم 16 يناير 2010 يوم أن أصبح الدكتور محمد بديع مرشدا عاما لجماعة الإخوان المسلمين سنجد بعض المتغيرات في مواقف وقرارات الجماعة إلى وقتنا هذا.
البعض اعتبر بديع أسوأ المرشدين حظا لما اتخذته جماعته من مواقف تتجنب فيها الصدام مع السلطة الحاكمة سواء في عصر مبارك وحتى بعد قيام ثورة 25 يناير, والبعض الأخر اعتبر بديع هو الأكثر حظا نظرا لمتغيرات كثيرة حدثت في تاريخ الجماعة بعد الثورة حيث أصبحت القوة السياسية الأكبر في الشارع المصري, والمسيطرة على اغلبية البرلمان.
مصراوي رصد أهم مواقف وقرارات مرشد الإخوان محمد بديع منذ توليه رئاسة مكتب الإرشاد وحتى الآن.
مواقف بديع التي انتقده البعض بسببها:
أرسل الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين برقية تهنئة للرئيس السابق حسنى مبارك في شهر مارس لعام 2010 يتمنى فيها الشفاء العاجل له ويهنئه بالعودة سالما إلى أرض الوطن, وقد أوضح في تصريحات تلفزيونية سابقة مع الإعلامية منى الشاذلي أن مبارك هو أب لكل المصريين وأن الجماعة تحب مبارك وتحترمه, كما أضاف بديع أن جمال مبارك من حقه الترشح لرئاسة الجمهورية وأنهم كجماعة الإخوان المسلمين غير معترضين على ترشيح جمال مبارك للرئاسة لأنه حق لكل المصريين.
كما رفضت جماعة الإخوان المسلمين بقيادة بديع النزول لمظاهرات يوم 25 من يناير لعام 2011.
وبعد اندلاع الثورة في 25 من يناير أعلنت جماعة الإخوان مع بعض الأحزاب المشاركة في يوم جمعة الغضب في 28 من يناير ولكن صدر قرار من مكتب الإرشاد لكل المشاركين من أعضاء الجماعة في هذا اليوم بألا يعتصموا ويكتفوا بالتظاهر فقط, وكذلك صدر قرار من مكتب الإرشاد بانسحاب الجماعة من ميدان التحرير يوم موقعة الجمل 2 فبراير.. وذلك حسبما أكد إسلام لطفي وكيل مؤسسي حزب التيار المصري وأحد شباب الإخوان المنشقين عن الجماعة بعد الثورة في تصريحه ببرنامج صباح دريم في يونيو الماضي.
وفى يوم 4 فبراير لعام 2011 وقبل تنحى مبارك عقد عمر سليمان اجتماعاً مع الإخوان المسلمين خرج بعده الدكتور سعد الكتاتنى (رئيس مجلس الشعب الآن) ليؤكد في وسائل الإعلام أن كلام عمر سليمان موضوعي، وأن هناك مخططاً لإحراق البلد يجب على الإخوان معاونة نائب مبارك في التصدي له، وأكد الكتاتنى أنه اتفق مع نائب مبارك على إلغاء الطوارئ والتشاور مع المتظاهرين لإخلاء الميدان وإجراء التعديلات الدستورية وانتخابات النقابات.
كما كشف الدكتور محمد حبيب النائب الأول السابق لمرشد الجماعة في تصريحات سابقة أنه من ضمن الصفقة التي عقدها الإخوان مع سليمان أن يتم الإفراج عن خيرت الشاطر وحسن مالك في مقابل إخلاء ميدان التحرير.
وبعد تنحى مبارك أصبح للمجلس العسكري شعبية في الشارع المصري فرفض الإخوان أن يسيروا في طريق انتقاد المجلس العسكري وساهموا في تحقيق بعض قرارات المجلس العسكري وخاصة في استفتاء 19 مارس 2011 دعم الاخوان والسلفيين قرار المجلس العسكري باستفتاء الشعب على التعديلات الدستورية وطالبوا المصريين بالتصويت بنعم للتعديلات من أجل الاستقرار وعودة الأمن للشارع مستغليين منابر المساجد والقنوات الفضائية الدينية في إقناع المواطنين بالموافقة على هذه التعديلات وأن من يقول لا للتعديلات يخرج على الشريعة الإسلامية إلى أن انتهت نتيجة هذا الاستفتاء بالموافقة على التعديلات الدستورية.
وبعد التعديلات الدستورية وقفت جماعة الإخوان المسلمين ضد معظم الدعوات التي دعا إليها الكثير من شباب الثورة والقوى الوطنية لعمل مظاهرات مليونية متوالية تطالب بالمحاكمات لنظام مبارك أو تطالب بإلغاء الطوارئ أو تطالب بحل المحليات وحل جهاز أمن الدولة, ولم يكفى الإخوان بالامتناع عن المشاركة في هذه التظاهرات ولكنهم أخذوا يحذرون من هذه المظاهرات المليونية وقاموا بتخوين الداعين والمشاركين في مليونية 27 مايو.
وشهد عام 2011 تقديم الكثير من شباب الجماعة وبعض قياداتها استقالتهم ومن ضمن هؤلاء الدكتور هيثم أبو خليل القيادي بالإخوان سابقاً الذي أوضح في تصريحات سابقة انه تقدم باستقالته من الجماعة اعتراضاً علي اللقاء السري الذي حدث بين جماعة الإخوان المسلمين وبين نائب الرئيس السابق عمر سليمان بعيداً عن اللقاء المعلن الذي تناولته وسائل الإعلام, وفى اعتصام 8 يوليو الذي دعت إليه القوى والحركات الوطنية من أجل تأجيل الانتخابات البرلمانية والبدء في إعداد الدستور وسرعة محاكمة مبارك وكل رموز النظام السابق, لم تشارك جماعة الإخوان المسلمين في هذا الاعتصام.
وانشغل الاخوان بفعاليات ومؤتمرات انتخابات مجلس الشعب 2011 التي تزامنت مع أحداث شارع محمد محمود في 19 نوفمبر الماضي التي راح ضحيتها 46 شخصا وأحداث مجلس الوزراء التي راح ضحيتها 16 شخصا في الاشتباكات التي دارت بين الشرطة والجيش من جانب والمتظاهرين من جانب اخر ولم تشارك الجماعة في هذه الأحداث وكان موقفها متذبذبا.
وقد سبقت هذه الانتخابات تصريحات لكثير من قيادات الإخوان تؤكد أن الجماعة ستنافس في الانتخابات على 30% من مقاعد البرلمان لأنهم يعملون وفقا لمبدأ المشاركة لا المغالبة, ثم انتهت انتخابات مجلس الشعب بفوز حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين بنسبة 47,5% من إجمالي مقاعد البرلمان.
وفى ذكرى 25 من يناير أعلنت جماعة الإخوان مشاركتها في فعاليات يوم 25 يناير ولكن كاحتفال بنجاح الثورة على حد قول الجماعة, على الرغم من دعوة الكثير من القوى والحركات السياسية للنزول في ذكرى الثورة للمطالبة بإسقاط حكم العسكر والقصاص من قتلة الشهداء وليس كاحتفال كما دعت الإخوان, والأكثر من هذا تبنى وسائل الإعلام الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين المتمثلة في جريدة حزب الحرية والعدالة دعوة للتخوين والإدعاء على بعض الحركات الشبابية بأن من يدعو للتظاهر ضد المجلس العسكري يقوم بتنفيذ مخططات خارجية.
وقد أعلنت الجماعة مرارا أنها لن ترشح أحد أفرادها لرئاسة الجمهورية وحينما قرر الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح القيادي في الجماعة خوض الانتخابات الرئاسية فصله مكتب إرشاد الجماعة معتبرين أنه خارج عن قرار الجماعة, ثم جاءت في أخر لحظة ورشحت المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين للانتخابات الرئاسية.
مواقف يعتبر بديع محظوظا لأنها حدثت في عهده:
على الرغم من عدم مشاركة جماعة الإخوان المسلمين في مظاهرات يوم 25 يناير ولكنها شاركت في جمعة الغضب يوم 28 من يناير لعام 2011.
وكان لشباب الإخوان المتواجدين في ميدان التحرير يوم موقعة الجمل فضلا كبيرا مع بعض الحركات الشبابية في التصدي للبلطجية الذين حاولوا اقتحام ميدان التحرير آنذاك.
وفي عهد بديع قامت ثورة 25 يناير وأصبحت جماعة الإخوان جماعة غير محظورة كما كان يطلق عليها نظام مبارك.
وبعد الثورة قامت الجماعة بتكوين حزب سياسي يعبر عن توجهاتها وأفكارها لأول مرة في تاريخها.
ونجح حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان بالفوز بـ 242 مقعد أي بنسبة 47,5% من إجمالي مقاعد البرلمان للمرة الأولى في تاريخ الجماعة.
كما فازت جماعة الإخوان بنسبة كبيرة من معظم النقابات المهنية.
وبات من المؤكد أن الحكومة القادمة ستحوز جماعة الإخوان المسلمين على نسبة كبيرة منها باعتبارها تمثل أغلبية في البرلمان.
واخيرا، فمن الممكن أن ينجح مرشح الإخوان في الانتخابات الرئاسية المقبلة وبذلك تفوز الجماعة بمعظم مؤسسات الدولة، فإذا تم ذلك تكون جماعة الإخوان قد استحوذت على السلطة التشريعية والتنفيذية ومؤسسة الرئاسة ويبقي فقط السلطة القضائية, وإذا حدث ذلك سيكون المرشد العام الحالي لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع هو الأكثر حظا بين مرشدي الجماعة على مر التاريخ.
اقرأ أيضا:
فيديو قد يعجبك: