لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مستشفى الصحة النفسية في العباسية.. حيث المعاناة للجميع

04:37 م الإثنين 10 يونيو 2013

كتبت-علياء أبوشهبة:

يتخوف منها البعض، ويعتقد البعض الآخر يعتبر أن دخولها وصم عليه أن يتهرب منه، وما بين هذا و ذاك يقف المرضى، بعضهم في عالمه الخاص، والبعض الآخر ينتظر الأمل في الشفاء، وسط دواء قليل و أطباء وموظفين تنقصهم أبسط حقوقهم الوظيفية. هذا هو الحال باختصار في مستشفى الصحة النفسية في العباسية.
 
''مصراوي'' رصد المشهد في مستشفى الصحة النفسية في العباسية، والتي تعد أكبر صرح مصري لعلاج الأمراض النفسية و العصبية و الإدمان بالمجان، ويقع في شارع صلاح سالم على بعد أمتار قليلة من ميدان العباسية.

مساحات خضراء

في مدخل المستشفى الذي يقع في مساحة 65 فدانا، تستقبلك بوابة أمنية، تليها بوابة أخرى تقع في بدايتها العيادات الخارجية، و على طول المستشفى توجد حدائق خضراء شاسعة الاتساع، يتجول بها المرضى في بعض الأحيان منفردين، و في أحيان أخرى يجلسون بصحبة أسرهم، أو يتجولون خارج أسوار المستشفى و يعودون مرة أخرى.

أُنشئ المستشفى عام 1883، ويخدم القاهرة الكبرى وعددًا من المحافظات، ويضم 1400 سرير، ويشمل أقساما تخصصية، منها الطب الشرعي والإدمان والأطفال والمراهقين والمسنين.
 
ويوجد به أقسام بالمجان وأقسام اقتصادية خاصة بالتأمين الصحي أو العلاج على نفقة الدولة أو العسكريين، وتبلغ قيمة المصروفات الشهرية ألف جنيه، ويوجد أقسام أخرى مصروفاتها أقل.

الهم واحد

تبدأ العيادات الخارجية عملها في التاسعة صباحا و تستمر رسميا حتى الثانية عشر ظهرا، ولكن يستمر العمل فيها بعد هذا الموعد. وأمام العيادات توجد استراحة بسيطة للمرضى وأسرهم.
 
في منتصف هذه الاستراحة تقريبا جلست أم إلى جوار ابنها الذي جاء للعلاج من الإدمان، ويرافقه صديق له، لتوجه إليه النصح بإتباع تعليمات الطبيب، لم تمر لحظات طويلة إلا وشاركها المحيطون بها النصائح، وحكى بعض المتعافين عن تجاربهم، بينما ظل الشاب موجها بصره إلى الأرض.
 
داخل العيادات جلست ''أم صباح'' تنتظر زوجها الذى جاء للحصول على تقرير طبي يفيد إصابته بمرض عقلي حتى يتمكن من الحصول على معاش والده المتوفى. لم تتضرر خلال حديثها من مستوى الخدمة المقدمة في المستشفى رغم أنه يصرف علاجا شهريا لزوجها يكون غير مكتملا في معظم الأحيان، ولكنها بكت عندما تذكرت ابنتها الوحيدة والتي ورثت عن والدها نفس مرضه.

قالت ''أم صباح'' إنها لم تجد علاج ابنتها إلا في مستشفى خاص، بعد أن كادت تفقد القدرة على الحركة بسبب العلاج الخاطئ الذى تناولته من قبل. وأكثر ما يبكيها أنها انشغلت عنها لوقت طويل بعملها الصباحي عاملة نظافة في إحدى حضانات الأطفال، إلى جانب عملها المسائي في كافتيريا إحدى المستشفيات.
 
علاج الإدمان

بينما كان ''حامد'' منشغلا بإنهاء إجراءات دخوله إلى المستشفى كان شقيقه الأصغر يساعده في حمل احتياجاته، قال لمصراوي إنه تعب كثيرا من تأثير المواد المخدرة على صحته، وأنه جاء بكامل إرادته للعلاج، مضيفا أنه استحسن معاملة الطبيب له، وكذلك الموظفين الذين ساعدوه على إنهاء إجراءات الدخول للمستشفى.
 
على أحد الأرصفة جلس شاب عشريني يداعب رفيقه و هو شاب يعانى من شلل دماغي و يجلس مبتسما على كرسيه المتحرك، هذا الشاب هو صديقه الذى جاء برفقته من أجل الحصول على شهادة مرضية بها وصفا لحالته الصحية، وأشاد كليهما بأسلوب معاملة الأطباء لهما.

شكاوى من الطعام

في إحدى الحدائق الواسعة جلس ''الحاج فرج''، بصحبة ابنتيه و أحفاده لتناول الطعام، وقال لمصراوي إنه دخل إلى المستشفى منذ شهر بسبب متاعب نفسية، وإن الأطباء يباشرون حالته التي تحسنت بالفعل، مضيفا بأنه يفكر في الخروج بسبب الطعام السيء الذى تحضره له إدارة المستشفى، كما تضرر أيضا من ملاءات الأسرة التي تهتكت من كثرة الاستخدام.

و بين المباني المتعددة توجد بناءة تغطيها رسومات الأطفال وبها ألعاب متنوعة و ألوان، هذا هو مقر العيادة النفسية للأطفال التي تختص بعلاج و تأهيل الأطفال، وذلك مقابل أسعار رمزية، حيث تقدم عدة أنشطة و جلسات نفسية.

شاركه شكواه مريض آخر رفض ذكر اسمه، معبرا عن ضيقه من وجبات الطعام الباردة ورفض إدارة المستشفى توفير جهاز لتسخين الطعام داخل العنبر بحجة خطورته على حياتهم، كما أشار إلى تضرره من السرير القديم المتهالك الذى ينام عليه.

وحدة لرعاية الأطفال

توضح دكتور هبة محمد صبري مدير عيادة الطب النفسي للأطفال بمستشفى العباسية للصحة النفسية أن العيادة خصصت هذا العام جانب من نشاطها للاحتفال بالأسبوع العالمي للتوعية بمرض فرط الحركة ونقص الانتباه لدى الأطفال، تحت شعار ''دي مش شقاوة ولا اهمال دي فرط حركة ونقص انتباه''، و ذلك من خلال تنظيم ندوات للتوعية و التعريف بالمرض و طرق علاجه في المدارس و مراكز الشباب و النوادي الاجتماعية و الوحدات الصحية و الكنائس، للمساعدة على اكتشاف المرض و علاجه.

إحدى طبيبات العيادة قالت إنهم يقدمون أفضل ما لديهم مقابل أجور زهيدة، وأدوية قليلة و غير مناسبة للمرضى، و أنهم شاركوا من قبل في إضراب الأطباء حيث توقفوا عن استقبال أي حالات جديدة واكتفوا فقط بمتابعة الحالات السابقة، لكن هذا الإضراب لن يجدى، وحذرت من تفاقم حدة غضب العاملين بسبب تأخر صرف مستحقاتهم فضلا عن عدم كفايتها.
 
وأشارت إلى تنظيم أنشطة رياضية و فنية للترفيه عن المرضى، مضيفة أن المستشفى يحاول محو السمعة السيئة التي اكتسبها على مدار السنوات الماضية بأنها ''السرايا الصفراء''.

و قال الدكتور أحمد حسين عبدالسلام، مدير إدارة مستشفيات الصحة النفسية السابق، إن أطباء المستشفى يعملون بإمكانيات بسيطة جدا، مضيفا أن وحدة علاج الإدمان قدمت خلال السنوات الماضية تطويرا كبيرا، سواء في مجال التوعية أو العلاج.

أضاف حسين قائلا إنه بناء على المذكرة التي تم رفعها من الأمانة العامة للصحة النفسية بطلب استخدام منشآت المعهد القومي للتدريب بالعباسية لصالح مستشفيات الأمانة العامة للصحة النفسية والمجلس القومي للصحة النفسية بلا مقابل مادي، تم بالفعل استخدامها في جميع أنشطة الصحة النفسية من تأهيل للمرضى ودورات علمية للأطباء والعاملين بقطاع الصحة النفسية بما في ذلك استخدام الفندق للإقامة بالمجان.

وجدير بالذكر أن الأرض المقامة عليها المعهد القومي للتدريب مقتطعة من أرض مستشفى العباسية وكذلك جميع المرافق القائم عليها المعهد من كهرباء ومياه وصرف صحي يتم ضخها من مستشفى العباسية للصحة النفسية.
 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان