مشاهد من اعتصام رابعة العدوية صبيحة جمعة 26 يوليو
كتب- حسين قاسم :
بعد الفجر بحوالي ساعتين، شوارع وميادين القاهرة لا تجد من يترجل بها ولكنها على يقين بأنها بعد عدة ساعات ستستقبل ملايين من المصريين من داعمي الجيش وأنصار الإخوان، قبل دقائق قليلة من بلوغ اعتصام رابعة ستقابل عشرات المدرعات والمجنزرات الخاصة بالجيش متراصة يعتليها بعض الجنود المتأهبين.
دعك من أن منطقة رابعة العدوية محاطة بالعديد من المباني الخاصة بالقوات المسلحة لذا فوجود أعداد من القوات أمر مبرر، إنما جمعة اليوم هي بناء على طلب الفريق السيسي لكل المواطنين الشرفاء لكي يفوضوا الجيش للتصدي للإرهاب إذن لابد من وجود انعكاس لهذا الجيش على أرض الواقع لذا كان انتشاره كثيف.
أمام بوابة دخول الاعتصام، يتعرض المواطن لبعض الإجراءات التقليدية من تفتيش و إبراز بطاقة ، ومن ثم يكون بقلب الاعتصام.
أنت الآن داخل اعتصام حاشد إلى حد كبير قارب على الشهر من قبل أنصار الرئيس السابق أو داعمي ''الشرعية''، حسب تعبيرهم، في نفس الوقت أنت في يوم استثنائي، هناك مباراة استعراض حشد أعداد لا بأس بها ستكون بين المعسكرين و ربما يتعدى الامر نطاق الحشد و يدخل في نفق استعراض القوة. إذن كيف استقبل معتصمي رابعة صبيحة ''جمعة الفرقان'' كما يسمونها أو جمعة ''تفويض الجيش'' كما يسميها المعسكر الآخر المعارض لمحمد مرسي الرافض لعودته؟
هتافات
المئات يلتفون في حلقه حول صبي صغير لم يتجاوز الثالثة عشر محمول على الأعناق وفي يده اليمنى مكبر صوت هاتفاً فيه والمئات يرددون خلفه، دقائق ويتناوب ''الهتًيفه'' على الميكروفون، محاولين إضفاء الحماسة على اعتصام أكثر من ثلثي من فيه مازالوا يغطون في النوم، و كانت من أبرز الهتافات التي كان يرددها المعتصمون :
''الشعب يُحيِ صمود الرئيس،
جابوا عدلي من غير دستور يسقط يسقط حكم الطرطور،
لا داخلية ولا عسكرية مرسي الريس ومعاه الشرعية،
سيسي يا سيسي يا واكل ناسك الصعايدة حيقطعوا راسك،
الداخلية كلاب مسعورة قتلوا اخواتنا فى المنصورة،
يا شهيد الشرعية حقك راجع على ايديا''
عشرات من الشباب و الأطفال مختلفي الأعمار يقومون بالجري خلف قائد واحد على الحدود الجانبية للاعتصام مرددين نشيد ما يحفظونه جميعاً، يصعب على من لا يعرفه أن يتبين كلماته بمجرد سماعة لأول مرة ، فيصيح طفل في عامه التاسع تقريباً ليكسر لحن النشيد موجهاً حديثه الى الجميع : '' كفاية جري أنا عطشت و الساعة لسه ستة الصبح''.
قراءة الصحف والقرآن
بغض النظر عن الوظيفة الإعلامية والتثقيفية للصحيفة، ستلاحظ أنه هناك العديد من المآرب الاخرى لها؛ فستجد من راح في سبات عميق ووضعها فوق وجهه يتلاشى بها ذباب الصباح، و آخر طواها جيدا لاستخدامها ك''هوّاية'' باحثاً عن بعض ''الطراوة''، وثالث يضعها أسفل أغراضه حتى لالا تتسخ من تراب الأرض.
ستلاحظ منذ الوهلة الأولى أن هناك صحيفتين فقط بعينهما هما ما يقتنيهما معتصمي رابعة، صحيفة الحرية والعدالة، وصحيفة الشعب، لدرجة أنك ستشعر من فرط كثافة انتشارها في الاعتصام أنها توزع مجانا، حتى تتعرقل بإحدى باعة الصحف الجائلين لتكتشف أنهم يقومون ببيعها وبالفعل يبيعون تلك الصحيفتين فقط، الحرية و العدالة بجنيه و نصف، والشعب باثنين جنيه ونصف.
وتتنوع بعد ذلك الجلسات الصباحية، تبدأ بقراءة القرآن مروراً بحلقات نقاش جانبية، وصولا لبعض حلقات تحفيظ القرآن من قبل الفتيات .
''غزوة بدر''
بمرورك داخل الاعتصام لن تجد حديث جانبي لا يخلو في نهايته من الحسبنه والدعاء على الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع، لدرجة أن رجلا كان يمشي بمفرده شارد قليلا، و يبدوا أنه كان يفكر في شيء ما وقف فجأة ليقول: ''حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا سيسي''، ثم مضي بعدها في طريقه.
امرأة ترتدي الخمار و تخرج من خيمتها ، مبتسمة الوجه لتوجه حديثها إلى كل من حولها بصوت عال واثق: أنا حاسّة إن النهاردة يوم النصر، و الله النهاردة حيكون يوم النصر''.
بدت كلماتها واضحة ومفهومه للجميع الذين راحوا يتحدثون عن غزوة بدر التي كانت في نفس اليوم ''17 رمضان'' - ''كم من فئة قليلة هزمت فئة كثيرة بإذن الله'' - ساد شيء من الحماس في هذا المحيط التي تحدثت فيه السيدة.
''أهلا أهلا بالثوار''
وسط هتافات ''أهلا أهلا بالثوار''، كان ذلك إشارة إلى وفود أعداد جدد من المنضمين للاعتصام و كان هؤلاء في ستة سيارات ميكروباص مكتظة براكبيها مكتوب على لوحات ثلاث منهم أجرة أسيوط و الثلاث الأخرى أجرة المنيا.
ويتعرضون هم أيضاً للتفتيش من رجال أمن الاعتصام ذوي الزي البرتقالي حاملي الشوم.
فيديو قد يعجبك: