لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

عبدالله السناوي: إذا نزعنا "ثورية" 25 يناير سقطت 30 يونيو - حوار

09:27 م الأحد 24 يناير 2016

عبدالله السناوي

حوار- أحمد جمعة وعبدالله قدري:

تصوير- فريد قطب:

حملنا معنا غضب قطاع كبير من الشباب نحو الإساءة المتكررة والمتعمدة في أحيان كثيرة لثورة 25 يناير. جلسنا ننتظره داخل أحد كافيهات منطقة الزمالك. وصلنا مبكرًا بنصف ساعة ووصل هو قبل الميعاد المحدد بنحو 15 دقيقة.

بادرنا الكاتب الصحفي عبدالله السناوي بأسئلتنا طوال ساعة كاملة. طلب غلق جهاز التسجيل عنده حديثه عند نقطة واحدة فقط، بينما انطلق يجيب على كل ما ورد بخطارنا. سألناه: لماذا يتخوف كل نظام من ثورة يناير؟

لم يرتفع صوته رغم الضجيج الذي حاوطنا، لكن صوته علا عندما قال: "يناير ستظل تطرح نفسها بقوة على الضمير العام وستنتصر في النهاية".

سألناه.. في الذكرى الخامسة للثورة، كيف ترى حال "25 يناير"؟

25 يناير يستدعي أمرين؛ الأول يتعلق بذكرى الثورة، وهل حققت أهدافها أم تعرضت لإجهاض، وهذا على مدى 4 مرات جرت فيها مظاهرات كبيرة منذ 2012. ففي البداية كان هناك احتجاج كبير على أداء المجلس العسكري، والطريقة التي أجري بها الاستفتاء على التعديلات الدستورية في مارس 2011، وفي هذا الوقت نظمت جماعة الإخوان مظاهرات مضادة تؤيد المجلس العسكري، وتبايع المشير طنطاوي "أميرًا وليس رئيسا" .

أما في 2013 كان هناك تخوف أكبر بعد هيمنة الإخوان على الحياة السياسية، ووقوفهم ضد حرية التعبير، وانفلات زمامها في التشويش على السلطة. وفي هذا الوقت طرحت فكرة الدستور أولا بقوة في التظاهرات، ولكنها حملت احتجاجات ضد الاخوان، ولم تكن الجماعة في ذلك الوقت تدعو المشير طنطاوي للانتخابات الرئاسية لأن موازين القوى قد اختلفت في الشارع، كما أنها حصلت على ما اعتبرته (ضوء أخضر) للادارة الأمريكية والقوى الإقليمية الأخرى للهيمنة على السلطة.

في العامين التاليين بعد الثورة لم يكن هناك تتطابق بين القوى المدنية والشباب الغاضب وبين جماعة الإخوان نتيجة افتراق تاريخي، وجرت تحرشات واعتداءات على بعض جماعات الشباب.

هل رحيل جماعة الإخوان عن السلطة أثر على مجريات 25 يناير؟

في الذكرى الثالثة عام 2014 بعد الإطاحة بالإخوان، حاولت الجماعة استعادة شرعيتها التي انتهت في 30 يونيو بالالتفاف على مظاهرات 25 يناير، حيث كانت هذه المظاهرات حكرًا على الجماعة، استنادًا على شرعية يناير، بينما هي في حقيقة الأمر اعتبرت في خطابها السابق أن ثورة يناير قد انتهت، وأن شرعيتها قد آلت إليها عبر صناديق الاقتراع. وبعد رحيلها حاولت أن تنُصب نفسها لشرعية يناير، وحينها كانت قد فقدت ظهيرها الشعبي.

عبدالله السناوي

 

ماذا عن ذكراها بعد انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي؟

في 2015 كانت مصر قد انتخبت عبدالفتاح السيسي رئيسا للجمهورية، وأصبحنا أمام وضع جديد. لكن نفس السيناريو تكرر، الجماعة المجهضة والضعيفة تحاول أن تخرج في هذا اليوم، وتتحدث عن يناير الذي خانت أهدافه عندما كانت في السلطة.

حاليًا اعتقد أن الوضع مختلف عن الـ 4 سنوات السابقة. يوجد أمامنا 3 حقائق رئيسية؛ الأولى أن الجماعة قد ضُرب عمودها الفقري وليس لديها القدرة على الحشد والتعبئة. الأمر الثاني أن أغلب "الشباب المسيس" لا يريد المشاركة في هذا اليوم، لأنهم لا يتحملون أن يسقط بينهم ضحايا جدد.

الأمر الثالث، أن الكتلة الجماهيرية والطبقة الوسطى والمناطق التي كانت قاطرة التحرك في 25 يناير و 30 يونيو، مثل القاهرة والاسكندرية، والمحلة والسويس، بها شباب غاضب، لكن القوى الجماهيرية الأكثر حكما أعطت دعمها للرئيس عبدالفتاح السيسي.

هل يعني ذلك أن تغيرًا قد طرأ على وضع الطبقة الوسطى التي ثارت في 25 يناير؟

الطبقى الوسطى المدنية لديها قضيتين أساسيتين؛ الحريات والتحول الى مجتمع ديموقراطي حر، وبناء دولة مدنية حديثة. لم يحدث ذلك حتى الآن، ولذا فهي متململة، ولا تبدي رضا كبير على هذا الملف. يُضاف إلى ذلك قضية العدل الاجتماعي التي تأخرت، وعدم محاربة الفساد بجدية، وقضايا أخرى تتعلق بمستويات المعيشة والعدل الاجتماعي.

الأمر الذي يتعلق بغلاء المعيشة موجود في قاعدة التأييد الأساسية للرئيس السيسي، لكن في الحالتين، طلب الاستقرار أو الحفاظ على القدر الذي تحقق من الاستقرار وعدم وضوح أي أهداف، فان هذه القوى لن تقبل ولا ترضى بأي انفلات كبير.

هذه الطبقة لا تريد أن تغامر بمستقبل البلد أو بالقدر الذي تحقق، وتمد في حبال الصبر حتى لا تنقطع كل الحبال. ولذا فهي غير مرشحة للانضمام في اي تظاهرات مهما كان حجمها، لكن هذا لا يعني "تفويضًا على بياض"، فإن لم تتحسن أحوالهم المعيشية وإذا لم يُضرب الفساد في مراكزه، واذا لم يتسع المجال العام لمصالحة الدولة مع شبابها، بما في ذلك الافراج عن المحبوسين بسبب قانون التظاهر فكل شيء محتمل في المستقبل.

عبدالله السناوي

 أتفهم من ذلك أن تغيرًا جديدًا قد يحدث في موازين القوى؟!

ليس لدي أدنى شك أنه لن يحدث أي تغيير دراماتيكي في موازين القوى أو تهديد حقيقي للنظام أو عدم استقرار الوضع الحالي. لكن قد تحدث بصورة رمزية بعض التظاهرات في بعض المناطق العشوائية أو الريفية، سيجري تفريقها سريعا، وقد يحدث أن يخرج بعض الشباب المسيس بطريقة رمزية كما حدث في ذكرى محمد محمود.

وإذا قُبض على أحد من هؤلاء الشباب في هذا اليوم، فلن يُحال للمحاكمة بسبب هذا القانون او التحقيق بتهمة التظاهر، لأن العادة منذ فترة طوية أن هذا القانون أصبح شبه معطل وبالتالي فغير معقول القبض على أعداد كبيرة لا مكان لهم في السجون بمجرد أنهم تظاهروا سلميا.

لماذا التخوف الدائم من الاحتفال بذكرى الثورة؟

استدعاء الذعر غير مبرر حيث يجب أن نحتفي بالثورة، ونقول ما الذي تحقق وما يجب أن نحققه. هناك شيء من المبالغة يحدث من اشاعة أن هناك انفجارا هائلا سيحدث أو فوضى واسعة مع بعض المؤامرات.

أظن أن المبالغة ربما من ضمن أهدافها، أن أجهزة بالدولة تُريد "إرهاب الرئاسة" حتى لا تُعيد النظر في قانون التظاهر، وحتى تقلل من إجراءات الإفراج عن الشباب المحبوسين، فمراكز القوى الجديدة تريد أن تقول إن الخطر كبير لأنها تطلب تفويضا للتضيق والقبض على الشباب، حتى وصلت إلى القبض بتهمة النية في التظاهر، أو مثلما حدث من القبض على "محب دوس" الشاب المسيحي من أمام الكاتدرائية، في الوقت الذي قدم فيه الرئيس السيسي التهنئة للمسيحين بأعياد الميلاد.

المبالغة في الفوضى أكثر من اللازم يعطي رسالة أن الدولة لم تستقر وأن النظام لا يحظى بشعبية حقيقية، وينال من الثقة العامة للدولة ومؤسساتها.

الثورة رفعت شعارًا أساسيًا بـ"الحرية".. كيف ترى وضع حقوق الإنسان والحريات العامة بعد 5 سنوات؟

ملف حقوق الإنسان عليه ملاحظات كثيرة، وقد تعهدت مصر في أكثر من اجتماع باللجنة العمومية لحقوق الإنسان بالاستجابة لأكثر من 300 ملاحظة، فبدلا من ان نستجيب من هذه الملاحظات تجري أمور عكسية.

وعلى سبيل المثال يجري التفزيع دائما من الإفراج عن الشباب المسيس المحكوم عليه في قانون التظاهر أنهم إن خرجوا للحياة العادية فإن الأمور ستنقلب، وهذا استنتاج خطير ويطرح تساؤلات لأنه كانت هناك أزمة حقيقية فيما يتعلق بـ"بنات الاتحادية"، فهل انقلب الكون عندما تم الإفراج عنهم؟!

أعتقد أن هناك ضيق أفق في هذه المسألة، ومن المفترض أن يتسع صدر النظام أكثر من ذلك، لأن مصالحة الدولة مع شبابها من مقتضيات الاستقرار والانتصار الحقيقي لقيم ثورة يناير المنصوص عليها في الدستور.

كما أن للبلد مصلحة حقيقية في الانتصار على الإرهاب، لكن الانفلات الأمني يؤدي عمليًا إلى نزع الظهير الشعبي من على الأمن في هذه اللحظة الحرجة، كما أن يسئ بفداحة إلى الدماء الطاهرة التي نزفت من ضباط وجنود الشرطة والجيش، لأن هذه الدماء هدفها طلب الاستقرار، بينما تغول بعض الجهات الأمنية على حقوق المواطنين يؤدي إلى ضرب كل أمن وكل استقرار ونزع أي غطاء في هذه اللحظة.

عبدالله السناوي

إلى أي مدى حققت الثورة أهدافها؟

25 يناير تمثل أكثر من ملمح رئيسي؛ الأول، قضية الشرعية الدستورية وجذر تلك الشرعية في الدستور ثورتي يناير ويونيو وإذا ما نزعت الشرعية عن يناير سقطت 30 يونيو في نفس اللحظة. الأمر الثاني أن حجم التضحيات الهائلة التي بذلك في يناير ودماء الشهداء، تجعل التجربة عميقة ولا يمكن تجاوزها بالادعاء أو نفيها بالإقصاء وتلك مسألة شرعية واستقرار.

كما أن يناير بتجربتها من مسائل الضمير العام، بمعني أن عشرات الملايين الذين خرجوا في يناير ثم في يونيو لاستعادتها بعد خطفها، فلابد من السؤال الرئيسي في الذكرى الخامسة؛ هل هذا هو كل الحصاد، وهذه مسائل لا يمكن أن تنزعها من الصدور والعقول ولابد من الاستجابة لمتطلبات يناير التي تتمثل في تطبيق الدستور وعدم الخروج عليه في قضيتي الحريات العامة والتوازن بين السلطات بحيث لا تتغول السلطة التنفيذية على المؤسسات الأخرى.

يناير ستظل تطرح نفسها بقوة على الضمير العام وسوف تنتصر في النهاية. يناير هيّ الحقيقة السياسية الأولى في مصر رغم كل إحباط أو دعوات يأس ولا يمكن تجاوزها على أي حال.

الذكرى الخامسة ليناير تأتي وسط برلمان جديد.. هل الأحداث التي وقعت أمام مجلس الشورى مرشحة للتكرار؟

لا اعتقد أن أحداث مجلس الشورى مرشحة للتكرار مرة أخرى، فقد كانت لها ظروفها وأهدافها، وقد كانت هناك مراهقة سياسية أكثر مما تحتمل، بالإضافة إلى أن الرأي العام كان به ثقة كبيرة في الجيش ويرغب في الاستقرار، وكان أصوات الرصاص تلعلع في الشوارع، وبالتالي فإن هذه الأحداث لن تتكرر مرة أخرى.

لكني أريد أن أضيف أن الشباب الذين خرجوا أو اعتقلوا أو تمت محاكمتهم وفق قانون التظاهر لابد من الإفراج عنهم، فرغم اختلاف التقدير السياسي عن هذه اللحظة، لكني لا استبيحهم وأدعوا مصرًا على ضرورة الإفراج عنهم، وتلك رسالة رمزية أن هذا الوطن يحترم تضحيات كثيرة ومثاليات كان لها الدور الأكبر في الإطاحة بنظام مبارك.

هل يحقق البرلمان المُنتخب أهداف ثورة يناير في تشريعاته الجديدة؟

ليس لديّ ثقة كبيرة في أن هذا البرلمان سوف ينحاز ليناير أو يعدل قانون التظاهر وفق ملاحظات المجلس القومي لحقوق الإنسان، لأنه من حيث المبدأ فهناك أغلبية ظاهرة تعادي الحريات العامة، ونسبة لا بأس بها تعادي ثورة يناير ونسبة أخرى ربما أكبر قليلا تعادي قضية العدل الاجتماعي لأنهم جاءوا بالمال السياسي، لكن مع ذلك فالبرلمان به قوى وشخصيات من يسار الوسط على وجه الخصوص وبعض المستقلين ينتمون ليناير ويرفضون قانون التظاهر على صيغته الحالية.

هذا البرلمان قد يستجيب إذا ما تمسكت القوى السياسية وجماعات الشباب وراء ضرورة التغيير فقد يكون "مهر" التصالح مع الشباب هو تعديل قانون التظاهر والإفراج عن الموقوفين بموجبه.

عبدالله السناوي

تعديل أم إلغاء؟

لابد من وجود قانون للتظاهر مثلما تفعل دول العالم، لكنه ينبغي أن يكون دستوريًا ينظم الحق في التظاهر ولا يلغيه أو يحجر عليه ولا يغلظ العقوبات على هذا النحو الفادح. هل يُعقل أن ينظم أحد تظاهرة ويُحكم عليه بالحبس 15 عاما !

في ظل حرب مفتوحة مع الإرهاب تسلل شعور لدى الشباب أن هناك تصفية حسابات معهم لما حدث في 25 يناير.. كيف تقرأ ذلك؟

في 25 يناير الخامس ارتفعت نغمة تقول "نحن لا نعترف بثورة يناير وأن هذا اليوم هو عيد الشرطة وسنوف نحتفل به". أريد أن أقول الآتي: يناير، ثورة متكاملة الأركان وإن لم تكن قد حققت أهدافها ولم توضع في اختبار الحكم ولم تكن لها برامج واضحة وقيادة معلنة لها تأثيرها، إلا أنها ثورة عبرت عن الإرادة الكاسحة في الشعب المصري في طلب دولة العدل والحرية، وهيّ وريثة ثورة 23 يوليو في شكل جديد، تأخذ منها مطالب العدل الاجتماعي والتحرر الوطني وكرامة المواطن.. سوف نحتفل بيناير الآن، وبعد 5 سنوات، وبعد 50 سنة.

الثورات ليس نزهات في التاريخ، وثورة يناير عندما ضربت جهاز الشرطة في 28 يناير لم تكن تستهدف فكرة الأمن، ولكنها كانت تضرب فكرة الاستبداد وتغول الأمن على الحياة العامة، وتوسع الدولة البوليسية، والاعتراف بهذه الحقيقة هو رد اعتبار للأمن. مصر في حاجة للأمن الجنائي والسياسي لكن في إطار دوره الدستوري.

الموقف من الدولة البوليسية لا ينصرف على الأمن كله ولا يعني إلغاءه أو بطولاته، بل أننا نعتبر أن الذين ينتهكون الكرامة الإنسانية هم يطعنون في معنى التضحيات التي يبذلها جهاز الشرطة.

لكن أليس من حق الشرطة الاحتفال بعيدها في هذا اليوم؟

25 يناير الذي هو عيد الشرطة هو يوم مجيد في تاريخ الوطنية المصرية، عندما تصدت مجموعة صغيرة من ضباط وجنود الشرطة لضباط الاحتلال البريطاني في الإسماعيلية ورفضت تسليم سلاحها، ووقف المحتلون لتقديم التحية العسكرية احتراما لشجاعتهم المتناهية. بقدر اعتزازنا بالثورة نعتز بالمواقف البطولية للشعب المصري على مدى تاريخه.

عندما تستقيم العلاقة بين الشرطة والشعب وتنفى أي مشروع لاستعادة الدولة البوليسية من جديد ويصلح الجهاز الأمني على نحو يليق بمصر الجديدة ويتسق مع الدستور ومع مطالب الثورة، أظن أنه ستتم مصالحة تاريخية بين يناير والأمن.

متى ؟

اعطوا الزمن حقه. كل شئ في التاريخ له أصوله. عندما يستوعب الجهاز كله أن يناير لم تكن ضده بل ضد الاستبداد وأن الشعب لم يكن ضده هو الآخر، ستنصلح الأمور.

عبدالله السناوي

لماذا يصمت النظام الحالي أمام سهام التشوية المتكررة لـ25 يناير؟

الرئيس السيسي اقتراح إصدار قرار بقانون يجرم الإساءة لثورتي يناير ويونيو، وكان تحت ضغط دعوات كثيرة أبدت استيائها الشديد للتنكيل بيناير. خرجت أصوات حقوقية ومدنية اعترضت على إصدار مثل هذا القانون باعتبار أن ذلك يكبت الرأي بشأن التاريخ ووقائعه وأحداثه.

اعتقد أن التأصيل الحقيقي ليناير ليس في إصدار القوانين بقدر الالتزام بأهدافها وسياستها والانحياز إلى العدل الاجتماعي والكرامة الإنسانية وتوسيع المجال العام وبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة على نحو ما نص عليه الدستور.

رفض بعض نواب البرلمان الاعتراف بالثورة مثلما جرى تحت قبة مجلس النواب، إساءة للدستور والدولة والبرلمان والمجتمع كله. أي شخص يحترم نفسه في هذا البلد كان عليه أن يرد الإساءة ولا يسكت عليها.

مثلما أشرت إلى وجود مصالحة "تاريخية" بين الشعب والشرطة.. هل نتوقع أن تتم مصالحة بين تيارات 25 يناير؟

المصالحة بين الثورة والأمن مسألة ضرورية. إما إن تحدثنا عن القوى السياسية التي قامت بالثورة فلا أريد أن أصدمك، بل أقولها بصراحة إن 25 يناير خرجت من خارج السياق، ولم يكن للأحزاب القديمة أي دور فيها، ربما انضم أعضائها للتظاهرات كأفراد وليس كقوة منظمة. الأحزاب كانت قد انتهكت واخترقت ولم تكن لاعبا رئيسا باستثناء الصحف التي تصدرها، ولم يكن لها وجود مؤثر.

الحركات تصدرتها الأجيال الجديدة والحركات الاحتجاجية مثل كفاية والجمعية الوطنية للتغير، كما أن الفرز لم يكن على أساس حزبي أو أيديولوجي بقدر ما كان عن الموقف من مبارك وتوريث الحكم لنجله. يناير ضد ذلك، وكانت عملية تراكم طويلة، ولم تكن ثورة شباب وحدهم، بل مجتمع بأكمله. صحيح أن الشباب تصدر لكنهم لم يكونوا القوة الضاربة التي حسمت، وبالتالي جزء من أخطاء الشباب أنه لا يهتم كثيرا وهو غاضب على الأحوال الحالية، أن هناك تعالي في الاستماع لآراء الناس. الناس لم تتخل عن يناير، لكنها تطلب الاستقرار بعد انهاك طويل.

إلى أي حد تتفق سياسات الرئيس السيسي مع مطالب ثورة يناير؟

من حيث الخطاب العام فالرئيس السيسي دائما ما أشاد بثورتي يناير ويونيو. أما من حيث سياسات وقوانين النظام؛ فأعتقد أنها لا تتسق مع هدف ثورة يناير في العدل الاجتماعي أو توسيع المجال العام أمام الحريات. هناك تناقض بين الخطاب والسياسات، اعتقد أن هناك رئيس منتخب لكن لا يوجد نظام تعرف صلاحياته وأهدافه.

فغير محدد حتى الأن سياسات الإعلام أو الأمن أو السياسة الداخلية والخارجية، أي لا يوجد (كتالوج) لنظام الرئيس السيسي وهذه نقطة ضعفه الأساسي، ولم يعلن عن نفسه .

ومن شأن هذا الفراغ أن ظهرت مراكز قوى داخل أجهزة الدولة، وتقدم الماضي ليلقي كلمته ويصفي حساباته مع ثورة 25 يناير. هذه المراكز تتلخص في بعض الأمن و بعض رجال الأعمال وبعض الإعلام.

وجزء من إثارة الفزع من احتفالات يناير هو "إرهاب الرئيس" بحيث لا يدخل معارك كبرى مع الفساد أو تغول الأمن على صناعة القرار السياسي.

 

ما الدليل على ذلك؟

الدليل أنه عندما التقى الرئيس بمحمد فائق رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، وقدم له طلبات محددة فيما يتعلق بالاختفاء القسري والتفتيش على السجون وسوء الأحوال داخلها، طلب منه أن يذهب في اليوم التالي لمقابلة وزير الداخلية وأن يقول له "أنا اتحدث أمامك باسم الرئيس عبدالفتاح السيسي"، لكن بعض الأجهزة تريد أن تقطع الطريق على أي تطورات إيجابية لتحسين ملف حقوق الإنسان أو الإفراج على الشباب.

وفيما يخص قضية الشباب؛ أضرب مثالا واحدة تخص قضية الشباب محمد عراقي الذي قاد المظاهرات أمام منزل الرئيس السابق محمد مرسي داخل الشرقية في عهد الإخوان، هو الآن في السجن قضى أكثر من عامين وما تزال له سنة أخرى بتهمة قلب نظام الحكم. حكم من؟ محمد مرسي.

كلنا أطحنا بنظام مرسي، فإما أن نكون معه أو يكون هوّ معنا.

الرئيس السيسي عندما قدمت له هذه القضية، صُدم وبحث في إمكانية الإفراج عنه، لكنه في آخر مرة قيل من مراجع عليا في الدولة أن هناك مشكلة في العفو الرئاسي عن محمد عراقي لأن لديه قضية أخرى لم يُحسم فيها، وقيل لي من قيادات بمؤسسة الرئاسة أنه في اليوم التالي لصدور الحكم في القضية الثانية سوف يصدر الرئيس عفوًا ولن يتأخر يوما واحدًا.

المفاجأة أنه لم تكن هناك قضية آخرى لمحمد عراقي ! من الذي كذب على رئيس الجمهورية، وأي جهة استطاعت أن تتلاعب في تلك القضية.

هل هناك من يُضلل الرئيس؟

أمر طبيعي، وقضية محمد العراقي خير دليل.

قبل أن تغادرنا.. ما موقف قائمة العفو الرئاسي عن الشباب المحبوسين في ذكرى الثورة؟

أتمنى أن تشمل القائمة 3 أسماء؛ محمد عراقي وماهينور المصري وأحمد دومة، ومع ماهينور كل الفتيات المسجونات في قضايا التظاهر، خاصة أن أحمد دومة يوجد معه تعاطف كبير في الشارع المصري، قد لا يحظى زملائه به. هناك مشاهد كثيرة وراء ذلك منها مشهده في المقطم والدماء تسيل من وجهه أثناء التظاهر ضد حكم الإخوان، وأتمنى أن تكون هذه تسوية لكل القضايا الأخرى. ربما يكون قد أخطأ لكن لا يوجد أدنى شك في نبل دوافعه.

أقرأ في الملف..

في الذكرى الخامسة لثورة يناير.. ''ما أطول الرحلة'' (ملف خاص)

undefined

''رتوش يناير'' على جدران المحلة.. حكايات من قلب ''شرارة الحرية''

2016_1_24_17_11_4_170

على ''مائدة يناير'' بالسويس.. ذهبت الثورة وبقيَّ رحيقها

2016_1_23_21_45_39_570

بورصة يناير.. مؤشرات 5 أعوام بين القضبان والاختفاء والمنفعة (ملف تفاعلي)

2016_1_24_19_31_13_147

في سنة 5 ثورة .. المَلف الحقوقي ''لم يُراوح مكانه''

2016_1_20_20_21_12_350

''هتيف السويس''.. والاسم ''عربي'' (بروفايل)

2016_1_24_23_13_21_491

نائب رئيس قطاع الأخبار يحكي كواليس تعليمات الحزب الوطني ونهاية مبارك (حوار)

2016_1_24_23_39_2_996

''ثوار''.. جبهة تعثرت في طريق الثورة

2016_1_24_14_7_53_223

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان