لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

ليبيا- من اقتصاد القذافي إلى شبح الإفلاس المالي!

07:27 م الأحد 23 أكتوبر 2016

ليبيا- من اقتصاد القذافي إلى شبح الإفلاس المالي

برلين (دويتشه فيله)
مع تدهور صادرات النفط واستنزاف الاحتياطات المالية الضخمة يقف الاقتصاد الليبي اليوم على حافة الانهيار المالي. تُرى هل من سبيل لإنقاذ الوضع في بلد غني أصبح اليوم مرتعا لعصابات تهريب السلاح والمخدرات من كل حدب وصوب؟

دخلت ليبيا بعد مقتل القذافي وانهيار نظامه بدعم الناتو فوضى سياسية وأمنية أنتجت حتى الآن عشرات الميليشيات والجماعات الجهوية والقبلية والإرهابية المتحاربة إضافة إلى ثلاث حكومات تتنازع على السلطة.

هناك إذا حكومة الوفاق الوطني التي يقودها فايز السراج والمعترف بها من قبل المجتمع الدولي ومقرها العاصمة طرابلس الغرب. وفي الشرق انطلاقا من مدينة البيضاء تعمل حكومة مؤقتة موازية يقودها المشير خليفة حفتر ويدعمها مجلس النواب المنتخب.

ومؤخرا عادت إلى الواجهة انطلاقا من العاصمة حكومة ثالثة يقودها خليفة الغويل ويدعمها المؤتمر الوطني العام المنتهية صلاحياته. وقد انعكس الاقتتال والفوضى السياسية بشكل مأساوي على اقتصاد ضعيف الكفاءة في مجتمع ضعيف الإبداع يستورد جميع مقومات عيشه ورفاهيته بدلا من أن ينتجها ولو بشكل جزئي.

فبعد أكثر من أربعة عقود على حكمه ترك القذافي اقتصادا يعتمد على ريع النفط بشكل شبه كامل أو بنسبة تزيد عن 95 بالمائة. ومع اشتداد الصراع المسلح بين الميليشيات وبينها وبين قوى تابعة للحكومات المتنازعة للسيطرة على السلطة وعلى آبار النفط وأنابيب نقله وموانئ تصديره تدهور الإنتاج بشكل مريع.

خسائر فادحة
تفيد آخر المعطيات أن إنتاج النفط الليبي تراجع بنسبة تزيد عن 80 بالمائة، من 1.6 مليون طن عام 2011 إلى أقل من 0.3 مليون طن في الوقت الحالي. ويزيد الطين بله تدهور سعر الذهب الأسود في السوق الدولية بنسبة زادت عن 60 بالمائة منذ عام 2014.

ويقدر رئيس المؤسسة الوطنية الليبية للنفط مصطفى صنع الله أن بلاده خسرت ما يزيد على 100 مليار دولار منذ عام 2013 بسبب تراجع معدلات الإنتاج وإغلاق موانئ التصدير الشرعية بشكل متكرر.

وحذر مصطفى صنع الله في مقابلة مع وكالة فرانس برس من أن "بلاده تسير نحو إفلاس مالي خلال العام المقبل إذا لم يتم استئناف تصدير النفط".

الجدير ذكره أن إدارة المؤسسة الوطنية الليبية للنفط التي تتبع حاليا حكومة الوفاق تشرف على تحويل عائدات النفط إلى المصرف المركزي الليبي عن طريق المصرف الليبي الخارجي الذي يتلقى ثمن الشحنات المُصدّرة من الشركات الشارية.

تردي مستوى المعيشة
كان الاقتصاد الليبي حتى الإطاحة بنظام الزعيم الراحل معمر القذافي يتمتع بالإيرادات النفطية اللازمة لتوفير مختلف السلع في السوق ودفع أجور وعلاوات مالية لليبيين بشكل ضمن لهم آنذاك قوة شرائية من بين الأفضل على مستوى أفريقيا.

وكانت الدولة توفر للمواطنين الخدمات العامة والسلع الأساسية بدون مقابل أو بأسعار مدعومة. أما اليوم فيقف هذا الاقتصاد الذي كان الأغنى على مستوى أفريقيا حسب نصيب الفرد من الناتج الإجمالي على حافة الانهيار حسب تقدير البنك الدولي بعد توقف ضخ النفط وتدمير البنية التحتية وهروب الاستثمارات.

ويوما بعد يوم تتفاقم أزمة السيولة ويزيد عجز الميزانية وغلاء المعيشة بسبب ارتفاع غير مسبوق في الأسعار.

ويعاني الليبيون اليوم من انقطاع الكهرباء وتشكل الطوابير أمام المصارف التي تفتقد إلى السيولة، إضافة إلى تدهور الرعاية الصحية ونقص الأدوية وهروب الكفاءات.

وفي ظل الفوضى وانهيار مؤسسات الدولة والرقابة على الحدود والنظام الجمركي يتفشى تهريب السلع والأسلحة والمخدرات والمهاجرين من كل حدب وصوب، لاسيما من منطقة جنوب الصحراء الأفريقية.

ولا يخرّب التهريب الاقتصاد الليبي وحسب، بل تصل مضاره المباشرة إلى الأسواق التونسية والجزائرية القريبة من الحدود الليبية إضافة إلى أوروبا.

تبديد الثروة
قد يستغرب الكثيرون من العارفين بالشأن الليبي الصورة القاتمة التي يقدمها البنك الدولي عن الاقتصاد الليبي، لاسيما وأن البلاد كانت تتمتع باحتياطات مالية قدرت بحوالي 108 مليارات دولار عام 2013.

كما أن صندوق الثروة السيادي الليبي الذي تأسس عام 2006 من أجل استثمار الفوائض الليبية في الخارج يملك أوراقا مالية وأصول بنحو 67 مليار دولار.

وتبدو هذه المبالغ ضخمة لتسيير أمور اقتصاد في بلد عدد سكانه أقل من 6.5 مليون نسمة.

غير أن توقف ضخ النفط في ظل استمرار الصراعات الدموية والسياسية دفع السلطات إلى استهلاك الجزء الأكبر من الاحتياطات التي تراجعت بشكل دراماتيكي إلى أقل من 43 مليار دولار في غضون أقل من 3 سنوات.

أما صندوق الثروة السيادي فيخضع لعقوبات فرضتها الأمم المتحدة على أصول وثروات ليبية منذ الإطاحة بالعقيد القذافي في عام 2011.

ولا يتوقع رفع هذه العقوبات ما لم يتفق الليبيون على حكومة وحدة وطنية تحظى بدعم الدول التي أيدت العقوبات.

هل من حل؟
تبدو ليبيا مع تراجع احتياطاتها والعقوبات المفروضة على صندوقها السيادي مقبلة على إفلاس مالي إذا لم يتم تحييد قطاع النفط عن الصراعات المسلحة ومعاودة ضخه إلى الأسواق الخارجية.

السؤال الذي يطرح نفسه، هل هناك بالفعل فرصة لتحييد القطاع المذكور في ظل التشرذم السياسي والأمني الحالي؟ بعد سيطرة القوات الموالية للمشير حفتر على موانئ تصدير النفط الرئيسية ومعظم مناطق الشرق الغنية بالنفط أصبح التصدير مرهون باتفاق بينه وبين حكومة الوفاق الوطني في طرابلس الغرب.

و بما أن عائدات النفط تمول كل الجهتين عن طريق البنك المركزي الليبي التي تشرف عليه حكومة الوفاق، فإن لكليهما حافزا ومصلحة في التوصل إلى الاتفاق المطلوب.

وإذا ما تم ذلك هناك إمكانية لإنقاذ الوضع عن طريق إعادة ضخ 600 إلى 900 ألف برميل يوميا في غضون أشهر.

أما إعادة ضخ النفط الليبي بنفس المستوى الذي كان عليه في عام 2011 فيتطلب أيضا مواجهة التنظيمات المحلية والقبلية والإرهابية المسلحة التي شكلت مافيات اقتصادية لا تشكل خطرا على ليبيا وجوارها فقط، بل أيضا على مجال جغرافي يطال أوروبا والشرق الأوسط.

ويعد تنظيم داعش الإرهابي وتنظيمات جهادية تكفيرية متوجدة بقوة في سرت وبنغازي الأشد خطورة من بينها.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان