مصراوي في منزل مجدي مكين.. سواد وبكاء ومطالبات برد الحق -(فيديو وصور)
كتبت - نورا ممدوح:
تصوير - نادر نبيل:
في أحد الأزقة بمنطقة "القصيرين" بالزاوية الحمراء، كان يسكن مجدي مكين، بائع السمك الذي فاضت روحه داخل قسم الأميرية بينما تبقت علامات التعذيب على جسده المُسجى. الصمت يُخيم على حارته، يقف جيرانه في ترقب من هول الموقف، يواسون أهله الذين كانوا في عالم آخر شردوا فيه بعيدا، غير مدركين حقيقة ماحدث لـ"رب أسرتهم".
اتشح منزله الذي يقبع بالدور الأرضي باللون الأسود حيثما يتواجد جيران وأصدقاء "مكين". همهمات هنا وهناك، أحدهم يروي ما حدث مع الظابط المتورط في القضية، وآخر يخرج منفعلًا متمتمًا بعبارة "مش هنسيب حقه". صُلب حديثهم واحد لا يختلف عليه أثنان "مجدي مات على ايد ضابط القسم".
بين عشرات السيدات اللاتي جئن للتعزية، تجلس والدة "مكين". تملك القهر وجهها وكاد أن ينطق ليعبر عما تشعر به ويؤلم قلبها. فيما عجز لسانها عن التعبير سوى بـ"قلبي محروق على ابني وعايزة حقه". اكتفت بالنطق بها ثم وضعت يدها على وجنتيها ناظرة إلى الأرض والتزمت الصمت.
زوجته الأربعينية ليست أحسن حالٍ من والدته، فهيّ "أم ولاده" التي لم تقف دموعها منذ دخولنا البيت حتى الانصراف. تُحيط بها أيدي مُحبيها للتخفيف عليها وجع الفراق و"بشاعته". تقول "جاني الخبر الساعة 8 الصبح من ابن عمه وروحت المستشفي لقيته في حالة بشعة. شوفت وشه بس مرضيوش يفتحولى أكتر من كدة!".
تعود ذاكرتها إلى آخر كلماته التي لن تفارق مُخيلتها. تحكي ما دار بينهما عشية يوم الوفاة "رجع من شغله وبقوله احضرلك ماية تتشطف قالي لا هروح أشوف حصان وأجربه يمكن اشتريه لو طلع كويس وهاجي". لم تكن تدرك أنه لن يعود، حتى جائها خبر وفاته صباحًا لتُلقي نظرة الوداع عليه.
"ربنا يبهدله زي ما بهدل جوزي".. تقولها بصوت متقطع يغالبه النحيب، في إشارة إلى الضابط الذي تتهمه العائلة بقتله. تُضيف "مش عايزة إلا حقه وربنا ينتقم من اللي قتله وضربه بالشكل دا". تلتقط منها إحدي السيدات المُعزيات الحديث "إحنا بنحب الريّس وانتخبناه. بس مجدي غلبان وطيب وكلنا بنحبه ليه يحصله كدا وعمل ايه؟!".
في زاوية من المنزل تقف ابنة بائع السمك تحتضن "شنودة" ابنها، تحاول التماسك أمامه حتى لا يوجع قلبها سؤاله " فين جدو ياماما؟". تقول "شوفت الفيديوهات وكان متبهدل أوي ميستهلش كدا. كان طيب والكل بيحبه وبطالب الرئيس السيسي بأنه يجيب حق أبويا". تغضب الإبنة من التقرير الطبي الصادر عن مستشفى جراحات اليوم الواحد بالزيتون مجزمًا بوجود تقيحات وتسلخات ظهرت على الجثة من آثار مرض السكر، لنفي أي تعذيب وقع له. تقول "كدابين! أبويا معندوش سكر ولا عنده حاجة أصلا".
يسترجع عم جرجس كبير عائلة مكين - كما يلقبونه- اللحظات التي قضاها بين جدران المستشفى، بعدما جاءه اتصال يطالبه بالتوجه إلى حيث ترقد جثة ابن عمه. يقول "روحت الساعة 9 الصبح وشوفت جسمه متشرط وفي دم من ودنه، وضهره ورجله متبهدلين ومجهزين صندوق الموتى وهيودوه الطب الشرعي". ويشير إلى أنه التقى هناك رئيس المباحث ليسأله "مات إزاي؟ قالي هبوط في الدورة الدموية. قولتله ازاي وهو كان عندي إمبارح وكويس ودا مواطن مصري يرضيك كدة؟. قالي لو ليه حق هيجي بالقانون".
خارج المنزل يقف هاني ابن أخت "مكين" وصاحب الفيديو الذي انتشر على الفيسبوك وأحدث هذه الضجة على قضية خاله. يقول" صورت الفيديو علشان حقه يرجع لأن لولا كدة مكنش حد عرف حاجة عنه". لم تكن لحظات التصوير هينة عليه، فما احتواه الفيديو الذي التقطه أكثر مما تم اقتطاعه ونشره "مصور 12 فيديو لما كان بيتغسل وكانوا بيلموا لحمه المتقطع على بعضه، ومش متخيل إزاي حصل دا".
لم يكن هدف هاني من تصوير تلك المقاطع نشرها على الفيسبوك فقط، إنما ينتوي تقديمها إلى النيابة لكنه سيتمهل حتى صدور تقرير الطب الشرعي لإثبات تعرضه للتعذيب "إحنا صعايدة ومن أسيوط ومش هنسيب حقه مهما حصل".
فيديو قد يعجبك: