كيف يقاتل داعش الجيش والشرطة في سيناء؟.. "استراتيجية الرتل المتحرك" (1)
إعداد - محمود أحمد:
خطط وطرق مختلفة صنفها الخبراء على أنها "حرب عصابات"، اختلفت عن استراتيجيات الجيوش المنظمة، لكن الجميع اتفقوا على خطورتها كونها أكثر انهاكًا للجيوش النظامية نفسها، لما حققته من نجاحاً كبيرًا لتلك العناصر التي استخدمتها في حربهم، وساعدتهم على طرد وتكبيد جيوش الدول خسائر فادحة في أكثر من مكان.
تنظيم الدولة "داعش"، انتهج أكثر من وسيلة في هجومه المفاجئ، فأحيانًا يلجأ لحرب الشارع والمواجهة المباشرة، واخر للإنغماس، وثالث للزحف ليلًا، مما جعله أشبه بـ"الحرباء" التي تغير لونها لتنفذ مخططها بالاختفاء و مباغتة فريستها.
تنوع أسلوب وتكنينك التنظيم في الهجوم والدفاع منذ الإعلان عن دولته المزعومة عام 2014 في سوريا والعراق حتى الآن، وحرص على نقل تلك الأساليب إلى الأماكن التي يوجد فيها عناصره، وهو ما استنسخه الإرهابيون في سيناء "تنظيم أنصار بيت المقدس"، في هجماتهم ضد قوات الجيش والشرطة، والتي أظهرها بشكل واضح، الإصدار المرئي الأخير للتنظيم الذي جاء تحت اسم "لهيب الصحراء".
يوضح الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية عمرو عبدالمنعم، في دراسة أعدها واختص بها "مصراوي"، أساليب تنظيم الدولة "داعش"، والاستراتيجيات القتالية التي يستخدمها في معركه بسوريا والعراق والتي نقلها إلى سيناء لتنفيذ عملياته العدائية ضد قوات الجيش والشرطة.
قوة داعش الاقتحامية
يمتلك التنظيم نفس طويل في الحرب أي أنهم ينتهجون مبدأ: "حرب استنزاف طويلة تأتي أثرها سريعًا"، لذلك يقومون بهجمات عشوائية على مواقع متقدمة مليئة بالألغام والقناصين والكمائن صنعوها للمشاغلة عن الهدف الرئيس، فكل يوم تكون المعركة بهذه المواقع ويكون تفكير من يطلق عليهم "المجاهدين"، منصب على أنهم كيف يسيطرون على هذه المواقع؟، وأحيانا بعد معركة عنيفة يتمكنون من السيطرة عليها، ثم ما يلبث العدو أن يستردها مجددًا.
ويلجأ التنظيم بعدها بأخذ موقف دفاعي مؤقت، وشن هجمات هدفها مشاغلة عدوهم وعدم تركهم يفكرون، لتدمير روحهم المعنوية حتى يصابوا بالوهن والضعف والملل بسبب فشلهم المستمر فيقومون في اللحظة المناسبة بضربه قاضية ومركزة وسريعة على موقع مهم واستراتيجي لخصمهم خططوا له ودرسوه جيدًا، واعدوا له خلال فترة الدفاع فيسقط هذا الموقع بيديهم وبسقوط هذا الموقع تسقط عدة مناطق حوله بسبب انهيار خطوط الدفاع الرئيسية لخصمهم أو صدمتهم من سقوط هذا الموقع، وعدم ترك فرصة من قبلهم لخصومهم العدو بإعادة تنظيم صفوفهم ـ كما حدث ببلدة "أخترين" بريف حلب في سوريا.
يعتمدون في هجومهم على "الهجمة المكثفة والمركزة": حيث يقومون بعمل صدمة نارية ضخمة ويضربون بكل بأسلحتهم بكثافة كبيرة لعدة دقائق ومعظم الرمي يكون على نقطة واحدة ثم يقتحمون بمعظم عناصرهم من خلال هذه النقطة التي تم حرقها دون مبالات بالخسائر التي يتعرضون لها وفي نفس الهجوم تكون النقاط الأخرى عبارة عن نقاط مشاغلة لتشتيت انتباه العدو.
قناصات داعش
يؤمن قيادات داعش بأن القناص مهم في أرض المعركة، حيث يقوم بشل الطرف الثاني ويقطع أوصاله ويبعث الخوف والرعب في صفوف أفراده، ومن الملاحظ أن معظم الخسائر التي يتلقاها خصوم داعش تكون من خلال القناصين، وقد قتل أكثر من 400 مقاتل من العناصر المقاتلة في دير الزور على يد قناص هذا التنظيم.
تتنوع قناصات داعش بين "الدراغانوف" و"الروماك"، و"الموسن ناغنت"، و"السيمينوف"، و"ال إس إس جي 96"، و"البي كي س ي"، المزود بمنظار، و"الكلاكوف"، ويتراوح مداها بين 300 م و الـ1000م، وقناصة الدوشكا التي يصل مداها إلى 2000م ، وهذه الأسلحة متوفرة في الأسواق ولدى جميع الفصائل في سوريا والعراق.
الهجوم ليلًا
عناصر "داعش" يعتمدون على الاقتحامات الليلية بشكل رئيسي، حيث أن النهار لديهم دفاع وراحة والليل هجوم وتسلل واقتحام، ويلاحظ أنهم يمتلكون أجهزة رؤية ليلية كالديدال ونظارات جوجل، وأجهزة ألفا، وغيرها بحسب تقارير الفصائل المقاتلة هناك، حيث يعتمدون عليها في اقتحاماتهم.
ويقومون بالتحرك ليلا على شكل مجموعات مكونة من 10 أفرد ويتقدمون من عدة محاور ويكون ذلك بأسلوبين: إما تسلل ومفاجئة أو بشكل صاخب مع قصف تمهيدي وعمل صدمة نارية و ذلك حسب الخطة التي يعتمدون عليها في هجومهم.
بنادق التنظيم
عندما تصعب عملية اقتحام منطقة ولا يستطيعون السيطرة عليها مهما بذلوا من محاولات فلديهم أسلوبين، الأول: يطلبون إحضار مجموعةً خاصةً وهي مجموعة والتي يطلق عليها عمر الشيشاني أو مجموعة تسمي الكزخ وتسمى "الرتل المتحرك"، حيث تقتحم هذه المجموعات بطريقة جنونية مع إنغماسيين ومفخخات دون إكتراث بالخسائر البشرية.
يستخدم عناصر التنظيم، عدة أنواع من البنادق أهمها الكلاكوف أو الكلينكوف أو الـaug، والأسلوب الثاني، عندما يحاولون الالتفاف على المنطقة وحصارها من مناطق أخرى وإيهام المرابطين أو المقاومين، إنه تم خنق الحصار عليهم وبذلك يسيطرون عليها دون اقتحامها.
أما في حالة نقص العدد من المقاتلين في بعض المناطق يعرضون ذلك بزيادة السلاح الثقيل في المعركة "الدبابات والرشاشات الثقيلة" لتغطية نقص العدد.
ويعتمدون علي "تبديل الجنود"، أي ينقلون جنودهم بين الجبهات بشكل دوري ولا يتركون مجموعة بمكان واحد لفترة طويلة وذلك من أجل إلا تتأثر نفسيات عناصرهم ولتجديد روحهم المعنوية، بينما قد يبقي مخالفيهم عدة شهور بنفس المكان وهذا يدمر نفسياتهم ويدفعهم نحو الملل وعدم القدرة على المقاومة وترك نقاط رباطهم.
في الحلقة الثانية:
استراتيجية "الأرض المحروقة" لدى داعش، وسياسة الحرب النفسية والإعلامية التي يتبعها لانهاك عدوه، مع رصد طرقه المختلفة في التجسس على خصمه، وقصة "الاقتحامات الوهمية" التي يتبعها.
فيديو قد يعجبك: