لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

20 مشهدا من مأساة رشيد.. (روايات الناجين من الغرق ومشاهدات شخصية)

03:50 م الجمعة 23 سبتمبر 2016

صورة لعمليات البحث عن الجثث المفقودة من مركب رشيد

كتب- محمد مهدي:

يوم الأربعاء الماضي، غرق قارب يحمل مئات اللاجئين والمهاجرين قبالة سواحل مدينة رشيد. تضاربت الرويات حول عدد من كانوا على متن القارب، حيث قدرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عددهم ب450 فيما قالت الوكالة الرسمية إن العدد قارب على 600 كانوا على القارب.

الحادث هو أحد أسوأ حوادث غرق اللاجئن والمهاجرين الذين يسعون للوصول إلى أوروبا عبر رحلة محفوفة بالمخاطر في البحر المتوسط. 

وحتى كتابة هذه السطور، تمكن فرق الإنقاذ التابعة لخفر السواحل وقوارب الصيد من انتشال 115 جثة معظمهم لنساء وأطفال، فيما تم إنقاذ نحو 150 اخرين منذ وقوع الحادث.

الزميل محمد مهدي ينقل في السطور التالية روايات ناجين ومشاهداته الشخصية خلال تغطيته للحادث:

1- سألت أحد الناجين من الغرق، إيه أصعب لحظة مرت عليك.. قالي كان معايا عيل جاري 11 سنة، قبل ما المركب تغرق بدقايق كنت بصرخ فيه يحتمي بأي حتة، كان بيبصلي وبيبتسم ورافض يسيبني... كان نفسي أنقذه. بس مات.

2- كان متواجد حوالي 150 شخص، على المركب لمدة يومين، بعضهم داخل تلاجات جوه المركب وكانوا منتظرين 50 شخص. لكنهم اتفاجئوا إن قوارب صغيرة وصلت بليل الساعة 2، محملين بنحو 250 واحد كمان "والمركب مش هيستحمل العدد دا" زي ما قال أحد الناجين.

3- شباب كتير من الناجيين، ذكروا إنهم قاموا بتبليغ النجدة بإن المركب هتغرق بيهم. مرة واحد رد بسخرية "وإنت إيه اللي وداك هناك يا حمادة"، ومرة قالولهم هنحدد موقعكم ونيجي ننقذكم. ومن الساعة 4 فجرًا لحد الساعة 11 مفيش ولا مركب إنقاذ راحتلهم.

4- أحد الناجين، حكى إن من أصعب المشاهد اللي شافها، راجل حاضن مراته وبناته الاتنين والمركب بتغرق، وبيحاول يكلم النجدة عشان ينقذوهم.

5- طاقم المركب. قبل ما تغرق لحظات. قفلوا كل الأنوار. ونطوا في الميه. وهربوا-بحسب شهود عيان من الناجين-. لحظة غرق المركب كله نَط في الميه. في محاولة للسباحة والنجاة. لكن الناس اللي كانت في التلاجات. مظهرتش. وبيفترض أحد الشباب الناجين إن دول في عداد الموتى بدون أي مقاومة للموت.

6- بعد غرق المركب.. الوضع كان قاسي جدًا على الجميع. وكان اللي بيعرف ينقذ نفسه بيعمل دا وبس.. شاب قال لي وهو متأثر: "كان صعب أنقذ حد.. كان لازم أختار أعيش ولا أموت مع الناس اللي بتطلب مني أنقذها".

7- "الأطفال هناك كانت ياما.. والستات ياما.. وكلهم كانوا صعب يعوموا وينقذوا نفسهم" قالها شاب من البحيرة. وهو واحد من الناجين.

8- السيدة السودانية "س" اللي شددت على عدم ذِكر اسمها، حكيت إن الناس من الرعب والخوف من الموت حاولوا يقلعوها "اللايف جاكت" بتاعها، عشان يلبسوه هما.. وإنها قاومت بكل قوتها عشان لو فقدته هتموت.

9- بتحكي السيدة السودانية، إنها احتمت بشاب من السودان كان بيسند على قطعة خشبة في الميه "كان لازم راجل يبقى معايا يحميني"، وإنهم بعد ساعات طويلة من العوم-حوالي 5 ساعات أو أكتر- الشاب حس باليأس، وقرر إنه يسيب الخَشبة ويسيب نفسه للموت. لكنها حاولت تقنعه بكل الطرق يكمل، فضلت تقرأ قرآن وتقوله أحاديث وتكلمه إن وقت الموت لسه مجاش. سمع كلامها. وبعد دقائق شافوا سفينة الإنقاذ.

10- الولد السوداني "م"، قالي الرواية نفسها، وحكالي إنه كان مقرر ينهي عذابه لأنه كان تعبان جدًا، ومش حاسس إن فيه نجاة، لأنهم عاموا لساعات طويلة وسط البحر ومش لاقي شط أو مركب. وأنهى كلامه "لولا الست دي كان زماني ميت في البحر".

11- عدد من الناجين اللي قمت بسؤالهم خلال قصتي الصحفية هناك، قالوا إنها مش المرة الأولى ليهم في محاولة الهجرة غير شرعية. بعضهم كان لسه مقبوض عليه من أسابيع قليلة وتم الإفراج عنه. فراح يجرب تاني.

12- سألت شاب من القليوبية، ليه يتم الإفراج عنك في العيد فتروح بعدها بأيام تكرر التجربة. قالي: "عايز أعيش أهلي عيشة حلوة. أهني أمي وأبويا وأساعد إخواتي. ومكنتش عارف إن الموت سهل كدا".

13- المصريين رفضوا تحديد أرقام دفعوها للهجرة غير شرعية أو ذكر أسماء الناس اللي مطلعينهم، في زيارة سابقة لرشيد ومطوبس في قصتي عن الولد اللي سافر إيطاليا "بطل لامبيدوزا"، اكتشفت إن فيه أكتر من عائلة كبيرة بتدير الموضوع، وإنهم بيهددوا أي شخص يتكلم عنهم بالقتل. وهما عندهم قدرة على دا.عشان كدا كنت مدرك خوف الشباب وهما بيتكلموا.

14- الأحاديث بتدور في رشيد إن الأرقام اللي بيدفعوا المصريين حوالي من 20 ألف إلى 30 ألف. بعضهم بيدفع جزء من المبلغ وبيكتب وصل أمانة عليه بتسدده عيلته لما يوصل ايطاليا ويشتغل.

15- الأفارقة بيدفعوا من 2000 إلى 2500 دولار في السفرية-وفق أحد السودانين الناجين- بعضهم كان معاه "لايف جاكت" بس المهربين سرقوهم منهم ورفضوا إنهم يطلعوا بيه المركب.

16- بعد ما تم العثور على الناجين، اتنقلوا لمكان تابع لخفر السواحل لساعات طويلة "بيعدونا بس.. ويكتبوا الأسماء.. جابولنا أكل وميه" زي ما قالت السيدة السوداني "س". ثم نقلوهم لقسم شرطة رشيد.

17- في قسم شرطة رشيد تم وضعهم في غرفة كبيرة، أشبه بجراج، نايمين كلهم في مكان واحد، عدا الأفارقة متجمعين وحدهم. والسيدات اللي عددهم كان 4 تقريبًا-أفارقة- في جانب أخر.

18- المكان بالتأكيد كان غير مناسب، والناس نايمة بشكل غير آدمي. لكن في الوقت نفسه شوفت معاملة جيدة من الضباط معاهم. وفيه أكل وميه بيجوا كُل شوية ليهم. ومأمور القسم كان بيتعامل بشكل جيد مع الإعلام وبيسمح بالتواصل مع الناجين. وقال-وقتها- إنه في انتظار قرار النيابة بشأنهم. فيما بَعد تم الإفراج عنهم.

19- بمناسبة الإفراج. كل المتواجدين في القسم من الناجين، كانوا عارفين إنهم هيخرجوا، واحد منهم قالي إن القانون مفيهوش مادة ضدهم وإن اللي بيتحاسب هو اللي طلعهم إيطاليا. أحد الشباب ضحك وقال "انت عارف لو النهاردة الخميس. أنا كنت زعلت. لأننا هنضطر نقعد كام يوم في القسم. لكن النهاردة تمام هنخرج على طول".

20- حالة من الغضب كانت عند الأهالي بسبب بطء إجراءات إنقاذ الغرقى من ذويهم. وفي صباح الخميس راحوا ميناء بوغازي عشان يتابعوا المحاولات، لكن الموضوع أتاخر. ودا عمل حالة من الضيق الكبير تجاه الدولة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان