إعلان

''أبو ياسر''.. حياة المقابر تهون طالما ''راحة البال'' موجودة

02:14 م الأربعاء 13 نوفمبر 2013

كتبت - دعاء الفولي:

على ''مصطبة'' أشبة بمقعد كبير جلس ''أبو ياسر''، أمامه ''شيشة'' تختلط أنفاسه بأدخنتها، لا يفعل شيئًا سوى الجلوس في ذلك المكان، على وجهه بدت ابتسامة مطمئنة، كما لو كان لا يعبأ بسكنه داخل ''حوش للموتى''.

منزله عبارة عن ''حوش'' متسع، به مطبخ وغرفة للنوم تضم بين جدرانها بعض الأجهزة المنزلية، وصورة ''أبيض وأسود'' لزوجته المتوفاه ''الله يرحمها بأه''، في فناء ''الحوش'' تجد ''أريكة'' قديمة ومجموعة من الكراسي بجانب أضرحة الموتى، وبعض الزرع هنا وهناك يُروى من حين لآخر.

كغيره من أهل المقابر، يقطن ''أبو ياسر'' بهذا الحوش منذ أربعين عامًا، منذ أن جاء من سوهاج ليبحث عن سكن بالقاهرة وعمل، ومنذ تلك اللحظة لم يخرج منه حتى بعد خروجه للمعاش.

3 بنات وولدين هم أولاده، توفت زوجته منذ 6 أعوام، ورغم حياته داخل مقابر ''السيدة نفيسة''، إلا أن قبرها بمدافن ''عين الصيرة'' ولم يبق معه في المنزل سوى والدة زوجته الكبيرة في السن، تمكث في ''حوش'' آخر بجواره طوال النهار وتعود ليلًا لتبيت بنفس ''الحوش''، ومن حين لآخر تأتي بناته لتنظيف المكان وعمل الطعام وخدمته.

أحوال المقابر لا تتسبب عبأ لـ''أبو ياسر''؛ فهو ''الحال كويس، المنطقة اتنورت دلوقتي، قبل كده مكنش فيه كهربا ولا ميّه ولا أي حاجة''، وحالة الأمن لا يراها أيضًا مستعصية هناك، ورغم تواضع الحال؛ فهو لا يزعجه شيء هناك تقريبًا، إلا أنه ''عايز عروسة'' كما قالها ضاحكًا.

الكلام في السياسة يمثل حالة من الرفاهية بالنسبة لـ''أبو ياسر''، إلا أنه يتابع مجريات البلد، وله رأي فيها، حتى أن الدستور في قائمة الأشياء التي يعرف عنها رغم عدم تصويته على دستور 2012 لكن ''لما يقولوا على الدستور الجديد هنزل أصوت''.

الدستور الذي يُصاغ حاليًا يعرف ''أبو ياسر'' عن مواده أشياء قليلة، وذلك عندما يشاهد الضيوف يتحدثون عنه في وسائل الإعلام، كما أنه يعلم أن ''الدستور بتاع 2012 بيتفكك وهيعملوا واحد جديد''.

على الأرض في حوش مجاور لحوش ''أبو ياسر''، جلست ''نعيمة''، عمرها 80 عامًا أو يزيد قليلًا، تقلب بيديها في بعض الطعام أمامها لتجهيزه، وبصوت ضعيف خرجت كلماتها ممازحة لزوج ابنتها الراحلة، الذي أخذ وعدًا على نفسه ألا يتركها أبدًا ''أنت لو اتجوزت هتمشي وتسيبني ومش هلاقي حد يرعاني''.

أحلام ''نعيمة'' بسيطة مثلها، مجرد شقة بعيدًا عن المقابر التي ولدت بها؛ حيث أن ابنتها ''آمال'' أكدت أنها طالما حاولت الوصول للمسئولين للبحث عن شقة لهم ''وكل مرة حد يقولنا هاتوا ورقكوا، وفي الآخر مش بيحصل حاجة''.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة..للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان