لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

محاكمة المدنيين عسكريًا في 5 دساتير.. من ''الملك'' إلى ''منصور''

07:54 م الأربعاء 11 ديسمبر 2013

محاكمة المدنيين عسكريًا في 5 دساتير.. من ''الملك''

كتبت - نوريهان سيف الدين:

من أوائل الدول التي عرفت الدساتير على مستوى العالم، و رغم ''هوجة عرابي'' التي انقلبت إلى ''احتلال''، بعد أن كانت ''ثورة شعبية'' للجيش و الفلاحين من أبناء المحروسة، إلا أن نضال المصريين استمر ليخرج ''أول دستور مصري'' في 1882، و شهدت مصر عصر ''الحياة الدستورية'' و''النظارات الحكومية'' في ظل رعاية ''أفندينا الخديوي توفيق''.

وخلال ''دساتير مصر'' الأصيلة، نصت بعض بنودها على محاكمة الأفراد المعترضون لصف السلطة أو يعطل من نفوذها، وهي المواد التي تحولت في الدساتير الحديثة إلى ''نصوص المحاكمات العسكرية للمدنيين''، وهي مواد شابها اختلاف بين القوى السياسية على مدار الحكومات المتعاقبة و الحكام المتعاقبون أيضًا.

دستور 1923 .. أعظم دستور ''بلا محاكمات عسكرية''

رغم معرفة مصر للدساتير في فترة مبكرة، إلا أن ''إعلان الحماية البريطانية على مصر'' زامنه و سبقه تعطيل للدستور، و أعلن بدلا منه ''القانون النظامي (نمرة 29) لسنة 1931''، و هو ما اعلن فيه ما يسمى بـ''الأحكام العرفية'' خاصة فيما يتعلق باعتراض القوات العسكرية الأجنبية المقيمة على أراضي القطر المصري، و ساعده عدم وجود ''بوليس مصري''، بل تحكم في تطبيق هذا القانون قوات شرطية إنجليزية، إلى أن تأسس أول بوليس مصري بعدها.

''دستور 1923''، بعد صدور ''إعلان 28 فبراير 1922) الذي اعترف باستقلال مصر عن التاج البريطاني، حرصت مصر على صياغة دستورا يليق بمملكتها العريقة، و بالفعل كان هذا الدستور الذي يصنف على أنه أهم و أكثر الدساتير المصرية تمثيلا لفئات المجتمع المصري، و هو الصادر و المعمول به في الفترة من (1923-1952) حتى أوقفه ''مجلس قيادة الثورة''، إلا أنه خلال تلك الفترة تم تعطيله و إصدار ''دستور 1930''، و هو الأمر الذي ثار ضده شعب مصر، ولم يهدأ إلا برجوع ''دستور 1923'' للعمل من جديد.

''لجنة الثلاثين'' المكونة للجمعية التأسيسية لوضع دستور المملكة المصرية في عهد ''الملك أحمد فؤاد الأول''، صاغت دستورا ينص على أن مصر ''مملكة وراثية يحكمها النظام النيابي''، و رغم زخم هذا الدستور بالمواد المتنوعة التي تحدد شكل الدولة و معاملاتها، إلا أنه خلا من ''مواد المحاكمات العسكرية للمدنيين''.

دستور 1954.. حرية ''العسكر'' وجزاء ''محكمة الثورة''

(مادة 20): ''لا يحاكم أحد إلا أمام (القضاء العادي)، و تحظر المحاكمة أمام المحاكم الاستثنائية أو الخاصة، ولا يحاكم مدني أمام المحاكم العسكرية''.

هذه المادة صيغت في ''دستور الثورة الأولى''، و رغم ''قبضة العسكر الحديدية''، إلا أن نسائم شعارات ''ارفع رأسك يا أخي'' تمثلت كتابيا على صفحات مسودة و مشروع قرار هذا الدستور، و الذي نص على عدم وجود محاكمات عسكرية للمدنيين، و وضع حدا أقصى لفترة الحبس الاحتياطي.

(203 مادة دستورية) ضمتها دفتي كتاب ''دستور جمهورية مصر العربية''، و الذي صاغته ''لجنة الخمسين'' المكلفة من قبل ''مجلس قيادة الثورة'' برئاسة رئيس الوزراء ''علي ماهر باشا''، و رغم جودة نصوص هذا الدستور، إلا أنه شهد اختراقا فاضحا من قبل ''مراكز القوى''، و ضرب عرض الحائط بنصوص ''حرمات البيوت و الاعتقال و الحبس الاحتياطي''، حتى المواد التي نصت على عدم جواز ''خلع القضاة'' هي الأخرى انتهكت فيما يعرف بـ''مذبحة القضاء'' في عهد الرئيس ''عبد الناصر''.

إلا أن ''المحاكمات العسكرية'' ظهرت لأول مرة في ظل هذا القانون عقب ''حادث المنشية''، و كان أول المُـحاكمين هم ''الإخوان المسلمين'' بعد اتهامهم بالضلوع في مؤامرة التخلص من ''ناصر''، كما قُـدم عشرات من اليساريين و الشيوعيين للمحاكمات العسكرية بتهمة محاولة قلب نظام الحكم.

دستور 1971 .. حرب وسلام و ''طوارئ''

(مادة 1971): ''ينظم القانون القضاء العسكري، ويبين اختصاصاته في حدود المبادئ الواردة في الدستور''.

أكثر الدساتير المصرية اثارة للجدل، و أطولها مدة في التعامل بها لتنظيم البلاد، دستور استمر طيلة أربعة عقود من الزمان، حكم من خلالها ''السادات و مبارك''، ومرت خلاله مصر بالحرب والسلام والانفتاح والخصخصة والطوارئ والثورة أيضًا.

دستور مصر الدائم 1971 ظل معمولا به حتى ''ثورة 25 يناير''، و برحيل مبارك تعطل العمل بالدستور، وبقيت ''وثيقة دستورية'' استفتى الشعب عليها في 19 مارس 2011، لتنهي عقود من ''الغموض الدستوري'' و انتهاك الدستور، و''طبخ التعديلات و تفصيلها'' لتناسب هوى الحاكم، و ابرز هذه التعديلات كان ''الاستفتاء على تعديل الدستور 2005و2007.

دستور 2012.. وعد ''مرسي'' المنسي

(مادة 198): ''القضاء العسكرى جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل فى كافة الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادها، ولا يجوز محاكمة مدنى أمام القضاء العسكرى إلا فى الجرائم التى تضر بالقوات المسلحة، ويحدد القانون تلك الجرائم و يبين اختصاصات القضاء العسكرى الأخرى .وأعضاء القضاء العسكرى مستقلون غير قابلين للعزل، ويكون لهم كافة الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء الجهات القضائية''.

رغم الأمل في دستور جديد لـ''الجمهورية الثانية'' و ثورة رصع الشباب تاجها بأرواحهم و عيونهم، و رغم وعود البرنامج الانتخابي للمرشح الفائز بانتخابات الرئاسة 2012 ''محمد مرسي'' بإلغاء المحاكمات العسكرية للمدنيين، إلا أن اللجنة المكلفة بصياغة الدستور اغفلت نداءات الحقوقيين و نشطاء ''لا للمحاكمات العسكرية''، و أكثر من ''11 ألفا 879 مدني مصري'' أمام المحاكم العسكرية، بحسب تصريح اللواء عادل مرسي من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، و بحسب هيومن رايتس ووتش، إلا أن القضاء العسكري لم يبرئ سوى 795 من هؤلاء.

دستور 2013 .. المحاكمات مستمرة

بعد أقل من عام من صدور ''دستور 2013''، و بعد موجة احتجاجات شعبية انضمت لها قوى المعارضة و الجيش و الأزهر و الكنيسة، تم عزل رئيس الجمهورية و تعطيل العمل بالدستور، وتكليف ''لجنة خمسين و لجنة عشرة'' بصياغة دستور ''30 يونيو 2013''، و كانت مادة ''محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري'' هي الأكثر جدلًا؛ الفصل الرابع: القوات المسلحة والشرطة، الفرع الثالث: القضاء العسكري

(مادة 204): ''القضاء العسكري جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل فى كافة الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادها ومن فى حكمهم، والجرائم المرتكبة من أفراد المخابرات العامة أثناء وبسبب الخدمة. ولا يجوز محاكمة مدنى أمام القضاء العسكرى، إلا فى الجرائم التى تمثل اعتداءً مباشراً على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة أو ما فى حكمها، أو المناطق العسكرية أو الحدودية المقررة كذلك، أو معداتها أو مركباتها أو أسلحتها أو ذخائرها أو وثائقها أو أسرارها العسكرية أو أموالها العامة أو المصانع الحربية، أو الجرائم المتعلقة بالتجنيد، أو الجرائم التى تمثل اعتداءً مباشراً على ضباطها أو أفرادها بسبب تأدية أعمال وظائفهم.

ويحدد القانون تلك الجرائم، ويبين اختصاصات القضاء العسكري الأخرى، وأعضاء القضاء العسكري مستقلون غير قابلين للعزل، وتكون لهم كافة الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطة القضائية''.

تلك المادة المصطدمة بآمال رافضي المحاكمات العسكرية للمدنيين، و المستمرة في اخطاء ثلاثة دساتير سابقة انتهت بالثورة و التعطيل، إلا أن هناك ثمة آراء تبرر تلك المادة بـ''حساسية الوضع في البلاد، و حساسية جهاز القوات المسلحة''.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة..للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان