إعلان

''أم نضال''.. وداعاً ''خنساء فلسطين''

07:48 م الأحد 17 مارس 2013

كتبت - نوريهان سيف الدين:

''الأم أولُ مدرسة في حياة الأولاد، وهي أهم جهة تصنع الأبطال، والجهات الأخرى مساعدة سواء كان المسجد، الصحبة الطيبة، الفصائل كل هذه الجهات تجني ثمارَ تربية الأم؛ فالأم دورها الأساسي في التربية وفهم الدين فهمًا صحيحًا؛ مما يجعلهم يفهمون واجباتهم الشرعية، ويدركون أنَّ الجهادَ فرض، وفي الأراضي المحتلة فرض عين''.. هذه الكلمات العميقة خرجت من ''أم'' قدمت ثلاثة من أبنائها فداءً لتحرير القدس، واليوم لحقت بهم؛  فشيعها أبناء فلسطين كلهم اعترافا بصمودها وجميلها.

هي ''مريم محمد يوسف فرحات''، أو كما يعرفها سكان قطاع غزة و سائر فلسطين بـ''أم نضال''، و التي اشتهرت و لقبوها بـ''خنساء فلسطين'' تشبيها لها بالشاعرة ''الخنساء بنت عمرو'' التي قدمت أبنائها الأربعة شهداء في الإسلام .. ''أم نضال'' المولودة في 24 ديسمبر 1949 بحي الشجاعية شرق قطاع غزة، تزوجت وهي لا تزال في دراستها الثانوية بـ''فتحي فرحات – أبو نضال''، وتقدمت لأمتحان الثانوية و هي حامل بإبنها البكر ''نضال''.

لم تكتفي ''أم نضال'' بالدعوة في مساجد الحي، بل انطلقت لحث الشباب على الجهاد ضد المحتل الإسرائيلي و تحرير الأقصى، و بالفعل تحول منزلها إلى بؤرة تنطلق منه العمليات الفدائية أثناء الإنتفاضة الفلسطينية الأولى (1987-1994 )، وأدى هذا لاستهداف منزلها وقصفه بالطيران الإسرائيلي 4 مرات.

شهرتها في غزة والأراضي الفلسطينية جاءت عام 1933 بعد اغتيال ''عماد عقل - قائد كتائب القسام المسلحة التابعة لحركة حماس''، وكانت ''أم نضال'' تأوي عماد عقل في منزلها، وصارت رمز من رموز المقاومة الفلسطينية، ترملت ''أم نضال'' وكان لها من الأبناء عشرة، 6 ذكور و4 إناث جميعهم أعضاء في كتائب الشهيد عز الدين القسام.

البداية الفعلية جاءت في مارس 2002 في قمة الانتفاضة الفلسطينية الثانية، حينما قدمت أول شهيد من أبنائها ''محمد فرحات'' ذو الـ17 عاما، و ظهرت في فيديو وهي تودعه وتحثه على الاستشهاد في سبيل الله وتحرير فلسطين، وقام ''محمد'' بتنفيذ عملية استشهادية في مستوطنة ''عتسمونا'' بقطاع غزة، أدت لمقتل 9 جنود إسرائيليين، وهي المرة الأولى التي تنفذ فيها عملية فدائية داخل مستوطنة إسرائيلية تودي بحياة هذا العدد من الجنود الإسرائيليين.

المرة الثانية جاءت مع ابنها البكر ''نضال فرحات''، وكان ماهراً في صناعة صواريخ المقاومة محلية الصنع، والمستخدمة في قصف الأهداف الإسرائيلية، واغتالته القوات الإسرائيلية في 2003، وتحتسب الأم وتصبر على فراق ولديها، وتقول لأهالي القطاع وللجماهير ''والله لو كان عندي مائة ولد لن أبخل بهم على الله''.

تصدق الأم في نيتها، وتقدم الشهيد الثالث ''رواد فرحات'' عام 2005، بعد استهداف الطيران الإسرائيلي لسيارته في غزة؛ الابن الرابع ''وسام فرحات'' لم يحظى بالشهادة مثل إخوانه، لكنه قضى 11 عاما في سجون الاحتلال، وأفرجت عنه السلطات الإسرائيلية في 2005، ليخرج ويكمل مسيرته ضمن قوات ''كتائب القسام''.

مكانتها الكبيرة دفعت حركة المقاومة الإسلامية ''حماس''  لترشيحها ضمن قوائمها لخوض إنتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني 2006، وكانت ''أم نضال'' أول امرأة مرشحة من قِبَل حماس لهذه الانتخابات، وتقضي سنوات وهي رمزا للمقاومة والعمل الوطني.

النهاية جاءت بعد صراع مع المرض، وترقد ''مريم فرحات – أم نضال'' في مستشفى الشفاء بالقطاع، ويتوافد على زيارتها المئات من الفلسطينيين، لتسلم الروح فجر، اليوم الأحد، ويصلى عليها بالمسجد العمرين ويكون أول من ينعاها ''الرئيس أبو مازن''، وعلى رأس مشيعيها ''الشيخ إسماعيل هنية''، وتدفن بمقابر الشهداء إلى جوار قبور أبنائها الثلاثة.




فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان