''أبو أسامة'' يُعانق نجله شهيد ''الأولتراس'' بمدرجات ''التتش''
كتب- محمد مهدي:
يدلف الشاب ''أسامة مصطفى'' ذو الملامح الطفولية رغم وصوله لسن الـ 19، إلى غرفة والديه، في فجر يوم الأربعاء، 1 فبراير 2012، يقترب من أبيه ويهمس في أذنيه بصوت مُحبب له: ''بابا انا رايح بورسعيد النهاردة ومعايا فلوس.. بس هحتاج 5 جنيه كمان''.. حصل عليها الشاب، واندفع متحمسًا إلى لقاء زملائه من ''الأولتراس الأهلاوي'' تاركًا أم لم تحصل حتى على قُبلة وداع.
توجس وترقب نبش في قلب الشاب وباقي زملاءه من ''الأولتراس الأهلاوي''، منذ اللحظة الأولى التي وطأت فيها أقدامهم ستاد بورسعيد الرياضي، المعبأ بالأجواء الساخنة، وسط هتافات عدائية، واستعدادت أمنية هزيلة، تُنبئ بكارثة، بينما يجلس الوالد متابعًا للمباراة من منزله، ليفاجىء بأنوار تُغلق فجاءة فور انتهاء اللقاء، لينقبض قلبه، ويشعر بأن الأمور لا تسير على ما يرام.. ''لقيت الـ 5 جنيه في جيبه زي ما هي وأنا بستلم جثته'' قالها الأب بينما تنساب الدموع من عينيه، مُعلنة انفجار بركان من الحزن لن يخمد أبدا.
أمام المرآة، أخذ يداعب لحيته الخفيفة، ويُعدل نظارته الطبية، بينما ينظر لصورته وهو مرتديًا ''تي شيرت'' النادي الأهلي، يبتسم بصعوبة، يشعر أنه عاد شاب، لا رجل أوشك قطار العمر أن يصل به إلى العقد السادس، يُصارع مشاهد مرتبكة، تتداخل في عقله بشكل سريع، تعتصر قلبه: ''أنا حامل''، ''هتسميه إيه''، ''ندخله المدرسة القريبة مننا''، ''عايزين نجيبله لبس العيد''، ''الواد بيعشق الأهلي''، ''ابنك كِبر ماشاءالله ربنا يخليه لك''، ''بابا عايز 5 جنيه''، ''أنا خايفة على ابني''، ''شِد حيلك.. ابنك مات''، ينسحب مغادرًا المنزل، مندفعًا نحو زملائه الجُدد ''الأولتراس الأهلاوي'' يبحث وسط هتافهم عن صوت ابنه.
وسط شباب من نفس عمر ابنه الشهيد، وقف ''أبو أسامة''، تاركًا عمله بالتجارة، يُشعل لهيب الهتاف في مدرجات ''مختار التتش''، يقفز معهم، منشدًا للأهلي، في مباراته الوديه مع فريق دمياط، مستشعرًا نسمات حانية تتلمسه، تُعيد له روح قد افتقدها منذ زمن، ثم يتوقف فجاءة عن الهتاف، شاخصًا بصره تجاه الشباب، يرى ''أسامه'' بينهم، يرتجف قلبه فرحا، يهرول إليه يصافحه ويهمس في أذنيه مكملين.. ''صافحت أسامة اليوم وعادت لي الروح من جديد ورايته واقف في الاستاد بجوار أصحابه أقسم بالله هذا حقيقي''.
فيديو قد يعجبك: