منبّه ''حصار 2007'' يدق أجراسه في غزة بعد توقف الأنفاق
غزة –(الأناضول):
تستيقّظ غزة في هذه الأيام على منبّهٍ لا يصدر رنينه سوى ''نغمة الأزمات'' والتي ترتفع حدّتها في كل صباح عقب توقف عمل الأنفاق الممتدة على طول الحدود المصرية الفلسطينية، جنوب قطاع غزة، بشكل كامل للمرة الأولى منذ سنوات.
ومع توقف نشاط الأنفاق بدأت كافة السلع التي اعتادت عليها أسواق غزة من الاختفاء بشكل تدريجي .
ويوماً بعد يوم تعلو صيحات التحذير من أزمة جديدة تطل على السطح في مشهدٍ مماثل لسنوات الحصار الأولى عندما أصاب الشلل كافة مناحي الحياة في القطاع.
وكثفّت مصر في الأيام القليلة الماضيّة حملتها على الأنفاق الأمر الذي أدّى إلى نقص الوقود وارتفاع حاد لكافة السلع والبضائع.
وفّرض الجيش المصري تشديدات أمنية عالية في محيط منطقة الأنفاق تحسبا لتظاهرات اليوم 30 يونيو التي دعت إليها المعارضة المصرية لإسقاط الرئيس محمد مرسي والدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة.
وتخشى غزة أمام هذه الصورة من عودة لسعات الحصار الخانق الذي كبلّ كافة شؤون الحياة في القطاع، وألقى بقرابة مليوني مواطن في أكبر سجنٍ مفتوح في العالم.
وفي جديد عناوين الأزمة الإنسانية حذر رئيس جمعية أصحاب المخابز بقطاع غزة ''عبد الناصر العجرمي'' من توقف المخابز عن العمل خلال الأيام القادمة في حال استمر التشديد على منطقة الأنفاق.
وقال العجرمي في حديثه لـ''الأناضول'' إن معظم احتياطات السولار اللازمة لتشغيل المخابز، قد بدأت في النفاد، مشيراً إلى أن النقص الواضح في كميات الدقيق سيفاقم الأزمة.
ويعتمد سكان غزة في توفير الخبز على قرابة 80 مخبزًا منتشرة في أنحاء القطاع، ويتم استهلاك ما يقارب 500 طن يوميا من الدقيق.
وعبّر العجرمي عن خشيّته من أن تؤثر الأحداث الجارية في مصر على غزة وتزيد من أزماتها المتتالية.
واستدرك بالقول: ''القطاع يعتمد اعتمادا كليا على الأنفاق، وعلى جلب الوقود وكافة السلع، وما يجري اليوم من أزمة تذكرنا بسنوات الحصار الأولى عندما كنا نعاني على كافة الأصعدة.''
ومع اشتداد وطأة الحصار على قطاع غزة والذي فرّضته إسرائيل في منتصف يونيو 2007 برزت على السطح ظاهرة الأنفاق على طول الشريط الحدودي الفاصل بين الأراضي المصرية والفلسطينية.
وشكلّت الأنفاق المتنفس والرئة للقطاع المحاصر، ومن خلالها دخلت الكثير من البضائع والمواد الغذائية والوقود وهو الأمر الذي مكّن السكان من البقاء على قيد الحياة.
ويضع التاجر ''صبحي حمادة'' '' 42 عاماً'' يده على قلبه خوفا من قادم الأيام، معرباً عن خشيّته من أن تختنق غزة بدوامات الموجات الجديدة من الأزمات.
وقال حمادة في حديثه للأناضول إن ''توقف الأنفاق عن العمل يعني توقف الحياة في غزة''.
وأضاف :'' أغلب السلع بدأت بالنفاد، والخوف من أن تزداد حدة هذا المشهد.''
وأصبحت الطوابير الطويلة خارج محطات تعبئة الوقود المشهد اليومي لشوارع القطاع في الأيام القليلة الماضية.
ويحتاج القطاع إلى 400 ألف لتر من الوقود يوميًا، ويعتمد بالدرجة الأولى على المحروقات الواردة من الجانب المصري عن طريق إدخالها عبر الأنفاق.
وأطلت الأزمات من جديد على سكان القطاع، إذ اختفت العديد من السلع، فيما ارتفعت أسعار مواد البناء .
وارتفع سعر الإسمنت في غزة من 350 شيكل (97 دولارا) للطن إلى 800 شيكل ( 222 دولارا).
ولا يريد سكان القطاع أن يستيقظوا من جديد على لسعات حصار خانق تكبل شؤونهم، وأن تصبح الأزمات عنوانا ثابتا لأيامهم أمام الاعتماد الكلي على مصر في توفير الوقود، وكافة السلع.
ويقول مالكو أنفاق لـ''الأناضول'' إن هذه هي المرة الأولى التي تتوقف فيها عمليات التهريب عبر الأنفاق بهذا الشكل، مشيرين إلى أن الإغلاق كان يتم بشكل محدود خلال الحملات الأمنية السابقة.
وسيعيد إغلاق الأنفاق بشكل تام قطاع غزة إلى مربع الحصار في سنواته الخانقة الأولى، خاصة مع انعدام البدائل الاقتصادية الأخرى, وإغلاق إسرائيل للمعابر.
وكانت 7 معابر حدودية مفتوحة تحيط بالقطاع قبل عام 2007، ومع تشديدها للحصار اعتمدت السلطات الإسرائيلية معبرين وحيدين فقط.
وأبقت إسرائيل على معبر كرم أبو سالم (بين مصر وغزة وإسرائيل) معبرًا تجاريًا وحيدًا، حصرت من خلاله إدخال البضائع المحدودة إلى القطاع، فيما أبقت على معبر بيت حانون (إيريز) (شمالي القطاع) بوابة لتنقل الأفراد بين غزة وإسرائيل.
وخلال أعوام الحصار شددت إسرائيل حصارها على معبر رفح، جنوب القطاع والواقع على الحدود المصرية الفلسطينية، متذرعة باتفاقية المعابر الموقعة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في نوفمبر الثاني 2005 التي تنص على فتح المعبر بوجود بعثة الاتحاد الأوروبي.
وبعد ثورة 25 يناير 2011 تأمل الفلسطينيون بأن يتم تطوير المعبر وتحويله من ممر للأفراد إلى شريان تجاري يزود القطاع بكافة احتياجاته الاقتصادية والإنسانية.
فيديو قد يعجبك: