''احكيلي عن شهيد''.. مبادرة لتوثيق حياة مَن رحلوا ''الشهداء مش مجرد رقم''
كتبت - إشراق أحمد:
''لما يكلم حد عايزه يشتغل يقول له عايزينك تشاركنا الحلم، راح حضن أخوه الكبير ياسر وبكى وقاله خلي بالك على ماما وودع إخواته، عارف يا بابا من يومها خايفة كنت بتقوى بوجودك، كل شوية يكلمني يحكي لي عن اللي بيحصل حواليه وأنا أقوله أقفل وخد بالك من نفسك، فيكمل كلامه ولا كأني قلت حاجة، لحد ما جاتله الرصاصة وأنا معاه على التليفون، يوم الجمعة ما اتخطبتش ولا لبست الشبكة، محدش قال لي مبروك، يوم الجمعة كنا في جنازة العريس عبد الرحمن دفناه والناس قالت إنا لله وإنا إليه راجعون''.
كلمات ومثلها الكثير سطرتها أيدي علمت معنى الفقد، وقلوب رغم ما أدماها تماسكت لتحكي؛ فأمرت العقل أن يأبى كلمة ''ذكريات''، ونسيان أقوال وأفعال وصلة دم وقرابة أو حتى بسمة على شفاه لمحها بصورة فتعلق بما قيل عن صاحبها.
''احكيلي عن شهيد''، مبادرة بدأت فكرتها على حساب شخصي بموقع التواصل الاجتماعي '' فيسبوك'' لطالبة مصرية مقيمة بالخارج تدرس '' سياسات وتخطيط وتنمية''.
بدأت ''أسماء خيري'' تنشر تفاصيل عن حياة ''الشهداء'' ممن وصلت لمعلومات عنهم إلى أن تم تبليغ إدارة الموقع عن صفحتها باعتبارها ''تنشر مواد مؤذية''، فنصحها صديق مقرب أن تخرج الفكرة عن حدود صفحتها الخاصة لتصبح مبادرة وصفحة عامة لكل مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي ''عشان المعلومات متضعيش''.
وفي 8 سبتمبر 2013 انطلقت المبادرة، وتدشين صفحة ''احكيلي عن شهيد'' وبدأت مع 12 قصة، ودعوة للمشاركة ''في رسالة من 8 أسطر لما فوق يا ريت احكيلي عن شهيد، شهيد مات في فض رابعة، أو رمسيس أو في المحافظات، مات بعد الانقلاب قبل الانقلاب وقت الثورة أو بعد الثورة، احكي عن موقف معاه ضحكك، أو عرفته عنه غَير حاجة فيك، احكي عن أخلاقه، عن حياته، عن أهله، عن الحاجات اللي كان بيحبها أو يحب يعملها، مش لازم يكون شهيد تعرفه شخصيًا، احكي عن شهيد أثر فيك بأي شكل، كل اللي محتاجينه أنك تحكي، اكتب عنه وابعت اللي كتبته ومعاه صورته''.
الهدف من المبادرة لم يكن سوى إحياء سيرة الشهداء بغض النظر عن انتمائهم السياسي، وتلخص في جملة واحدة مثلت رسالة القائمين عليها ''أحيووهم حتى لا يتحول الشهيد لمجرد رقم''؛ فالتوثيق هو أساس المبادرة ''عشان الناس تدرك كم الخسارة اللي خسرناها بمقتلهم، فرغم إن اللي مات في أحداث رابعة مثلًا أكتر من 2700 بنفتكر منهم بس 10 أو 11 شهيد وننسى البقية، ورغم إن اللي مات في محمد محمود 54 بننساهم ونفتكر فقط عين أحمد حرارة''، على حد قول ''أسماء''.
أسماء وصور تجدها على الصفحة لأشخاص مختلفة الأعمار، بين ابتسامات، وأخرى بأكفان تجمعهم كلمة واحدة في نهاية الأسطر المكتوبة ''الشهيد...''.
تلك القصص المنشورة عن مَن رحلوا، يتم تجميعها من الأصدقاء والأهل، والدعوة مفتوحة للجميع وفقًا ل'' أسماء''، التي أوضحت أن فكرة التوثيق لحياة هؤلاء الأشخاص '' تواسي أهالي الشهداء، أن الناس تعرف أن ولادهم عاشوا أنهم مش مجرد رقم'' وهذا ما يدفع الأهل والمقربين من الشهداء في الإقبال على الكتابة على حد ظن '' أسماء'' معتبرة ذلك '' ده أبسط حقهم''.
وأما عن عناء تجميع القصص أوضحت '' أسماء'': ''بعض الناس جزاهم الله خيرًا من اهتمامهم يدفعون أهالي الشهداء إلى الكتابة لنا، فيجنبوننا ذلك العناء، أو يبعثون إلينا بطرق التواصل مع الأهل مباشرة وتجميع مادة وتنسيقها في صورة حكاية عن الشهيد أو الشهيدة''، حسب قولها.
فيديو قد يعجبك: