من ''إسقاط النظام'' إلى ''الأيد الواحدة'' .. شعارات الثورة على كل لون
كتبت- يسرا سلامة:
من عدة ميادين انفلت زمام شعلتها، وانطلقت الثورة تجوب ما تستطيع من شوارع تحشد في أبنائها، بعد أن أصبحوا ثوار، لم تكن أمامهم سوى شعاراتها يرددونها في الميادين، تصاحبهم في الطريق، يكتبونها على اللافتات، تنطلق بها الحناجر، أو حتى تُكتب بالدماء على الجدران.
بدت شعارات الثورة في البداية ذات نغمة واحدة، يعزفها كل المشاركون فيها مع اختلاف توجهاتهم السياسية، ليبدأ الأمر عند ''الشعب يريد إسقاط النظام'' و''عيش حرية عدالة اجتماعية''، مروراً ''الجيش والشعب إيد واحدة'' و''الثورة مستمرة''، إلى أن وصلت الثورة لرفض الجميع ''يسقط كل من خان.. عسكر، فلول، إخوان''، لتنقسم الشعارات تماماً كما انقسمت الثورة.
في الوقت الذى خرجت فيه الثورة إلى الميادين، كان ''عامر محروس'' أحد أعضاء حركة 6 أبريل، يستعد هو ومجموعة من زملائه بترتيب الشعار الذى يصدح به صوته، يرتب شعاراً تلو الآخر، مثله مثل بعض ''الهتيفة'' من أعضائه، يقول ''عامر'' إن ''6 أبريل'' لم ترفع في البداية شعار رحيل النظام، وأن الأمر كان مقتصراً على التغيير ورفض التوريث.
''الشعب يريد إسقاط النظام''
لكن مع رفض النظام لمطالب الميدان واستخدام القوة والرصاص ضد المتظاهرين كان الهتاف واضحا ''الشعب يريد إسقاط النظام''، ليؤكد ''عامر'' أنه ارتكزت شعارات الثورة على ''رحيل مبارك ونظامه''، دون الحديث عن أي شعارات أخرى، يقول: ''احنا كنا نازلين ننكد على الداخلية ونفكرهم ببلاويهم في عيدهم مش أكثر''.
وعلى الرغم من اجتماع بعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين مع رموز من السلطة حينها، إلا أن ذلك لم يظهر في شعاراتها، وبدا الميدان في تأكيد على رحيل النظام، حتى انطلق من جنبات الميدان في شعار ''الشعب يريد إعدام الرئيس''.
لكن كما انفرط عقد الثورة، انفرطت شعاراتها، وظل كل فصيل عقب رحيل مبارك يطلق شعار يعبر عن مطالبه، فمنهم مازال يطالب بإسقاط النظام ومحاسبة رموز الفساد، ومنهم من رفع شعار ''الشعب أسقط النظام''، فوفقاً لـ''عامر'' أن ذلك الشعار لم يكن حقيقياً، فالنظام لم يكن قد سقط بعد.
وعلى الرغم من أحداث الانفلات الأمني التي ظهرت عقب 25 يناير، لا يرى ''عامر'' أن الهجوم على الأقسام أو اقتحام السجون يفسد من معنى سلمية الثورة، وأن الشعار الذي رفعه الميدان ''سلمية'' حضر للمتظاهرين حين بدت مناوشة بين أحد المشاركين في التظاهرة وأحد رجال الأمن، من قبل جمعة الغضب ''إحنا كنا معتصمين في الميدان.. منعرفش أي انفلات أمني حصل بره''.
''الثورة مستمرة''
''الثورة مستمرة'' انطلق ذلك الشعار وفقاً لـ''عامر'' في أول صدام بين الثورة والمجلس العسكري، في الوقت الذى كانت جماعة الإخوان المسلمين تجنح إلى استقرار الوضع السياسي مع قيادات المجلس العسكري، كان شباب الثورة يطالب باستمرارها.
وكما انشق صف الثورة وفقا لـ''عامر''، انشقت شعاراتها، لينطلق شعار ''يسقط كل من خان.. عسكر، فلول، إخوان''، من المتظاهرين بعد استفتاء مارس، الذى طالبت فيه الفصائل الثورية باستمرار التظاهرات، في الوقت الذى اتسعت فيه الفجوة بينه وبين جماعة الإخوان المسلمين، الرابح الأكبر من نتيجة الاستفتاء، يقول ''عامر'' :''شق الصف بدأ من الإخوان.. وقت ما رفضنا تمثيل المجلس العسكري ونادينا بتشكيل مجلس رئاسي مدنى، بس الإخوان المسلمين رفضوا''.
شق الصف.. الشعارات ليست واحدة
على الرغم من تعدد الشعارات المختلفة في مسيرة ثورة يناير، إلا أن الكاتب الصحفي والإعلامي ''أيمن الصياد'' يرى أن شعارات الثورة الرئيسية تكمن في شعارين لا ثالث لهما، الأول هو الشعار الذى اقتبسته الثورة المصرية من نظيرته التونسية ''الشعب يريد إسقاط النظام''، والثاني ''عيش حرية عدالة اجتماعية''؛ لأنهما يحققان الهدف الرئيسي الذى خرج من أجله المصريين في الميادين.
واتفق ''الصياد'' مع انقسام الثورة الذى بدا في شعاراتها، ليقول إن التوافق الذى بدا في الميدان انتهى برحيل مبارك، لتتفرق الصفوف بعد رحيله، بسبب خروج الثورة عن مسارها وتعثر طريقها، فظهر ذلك في تعثر شعاراتها، وخروج شعارات ''فئوية'' أو ''طائفية'' بدت في الإسكندرية ''شعارات الطائفية كانت أول تعبير لخروج الثورة عن مسار الوحدة''.
ويرى الصياد أن فشل تحقق شعارات الثورة الأولى خلق حالة من التذبذب حول باقي الشعارات، معتبرا أنه لو كان تم إسقاط النظام وتحقق العيشة الكريمة والعدالة الاجتماعية، لما خرجت أي مطالب أخرى تنادى بها الثورة، ولذك جاء شعار ''الثورة مستمرة''.
''الجيش والشعب إيد واحدة''.. شعار تردد في صدى الميدان، يرى ''الصياد'' أنه ليس شعاراً للثورة، وإنما رد فعل للأحداث؛ فالشعب لم ينزل مظاهرات ليهتف لليد الواحدة، بل من أجل هدم نظام وبناء نظام سياسي آخر يتفهم مطالب الناس.
''هناك من نجح في تمزيق المصريين، وشغلهم بأهداف وشعارات خارجة عن الأهداف الحقيقية التي نادوا بها'' هكذا وصف ''الصياد'' حالة الارتباك في شعارات ثورة يناير، مشيراً إلى أن المسئولية في ذلك تقع على عاتق الكثير من الأطراف، أولهم من انحرف عن مسار الثورة، ليطرحوا أسئلة خاصة بالهوية واستحضار الدين إلى ساحات السياسة، بحسب رأيه.
وعلى الرغم من ازدياد الفجوة بين كل فصائل الثورة، لا يرى ''الصياد'' أن اجتماع الثورة مرة أخرى تحت شعار واحد أمراً مستحيلاً ''كل يوم يمر في عمر الثورة يوضح أن الاتفاق بعيد، وأن العودة إلى شعارات الثورة الأولى أمر صعب، لكن ذلك مرهونًا باتفاق الفصائل الثورية على آلية لتطبيق العدالة الانتقالية''، بحسب رأيه.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: