لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

نصر أكتوبر أعاد الأرض لمصر.. ومنزل السويس لـ''تهاني وعزيزة''

05:01 م الثلاثاء 07 أكتوبر 2014

عزيزة حسن

كتبت- دعاء الفولي:

تسعة إخوة وأم، بينهم كانت ''عزيزة حسن''، طفلة لا يتجاوز عمرها الثلاثة عشر عاما، بعقلها علمت أن الرحيل واجب، لملمت الوالدة حاجاتهم من البيت المكون من ثلاث غُرف وصالة وشُرفة متسعة، تركوه مع والدهم الذي أبى الابتعاد عن دكانه الصغير. شارع النمسا بمدينة السويس كان شاهدا على المشهد، ناقوس الحرب دق عام 1967، كان يجب نقل المواطنين من السويس خوفا على حياتهم ''كنا ماشيين بالعياط''، قالت ''عزيزة''، بيدها أمسكت ''تهاني''، الأخت التي تكبرها بتسع أعوام، اختلف تداركهما للموقف بسبب السن، اعتقدتا أن العودة ستكون قريبة، ربما عام أو اثنين، غير أنها لم تحدث إلا عقب ''نصر أكتوبر''.

قصة خروج السيدتين من المأوى بسبب حرب لم يشهدوها لازالت محفورة، تحكيها سلامات الوالد الذي تعوّد زيارتهم بدمنهور حيث المنزل الجديد، ينقل لهم حال المدينة شبه الخالية ''كان الضرب ييجي يخبط البيوت ألاقي عيل من إخواتي اتنطر من مكانه''، تقول ''تهاني'' عن حياتهم فيها قبل الرحيل، يحضر إلى ذهنها صافرة الإنذار بوجود غارة والنزول إلى خندق، اعتادت طالبة معهد البترول الأمر وقتها ''كنا بنبقى في المعمل ويتضرب ويحصل حريقة.. ومع ذلك عمري ما فكرت أسيب السويس''، تحذيرات جاءت من القوات المتمركزة في المدينة أكثر من مرة للأهالي للمغادرة، لكن أسرة ''حسن'' لم تهتم في البداية، حتى أصبح الأمر قهريا.

ظنت ''عزيزة'' أنه بمجرد بدء موسم الدراسة فلن يستطيع أحد ترحيلها من البيت ''بعدها قالولنا المدارس هتقفل''، في تلك الأثناء كانت الأسرة تسمع عن انتصارات روّجها البعض ولم تكن حقيقية، زاد من حدة الموقف أخيهم الأكبر ''حسن''؛ كان مع الجيش في مدينة القنطرة شرق ''مسمعناش عنه حاجة غير بعد حرب 67 بشهرين''، اعتادت ''عزيزة'' وأخواتها انتظار القطارات القادمة للسويس لعلهم يرون الأخ الغائب ''كانت القطارات بتيجي مليانة جثث جنود ميتين وناس مُصابة وبعضهم متقطع.. كانت مشاهد بشعة''، حتى عاد ''حسن''

قبيل انتقالهم، سيرا على قدميه، ناجيا من الموت بأعجوبة ''كان لابس بدوي، ناس خدوه عندهم.. لدرجة إنه دخل على أبويا المحل ومعرفهوش''.

في دمنهور التحقت ''عزيزة'' بمعهد الخدمة الاجتماعية، لم تنقطع عنها وأسرتها أخبار السويس، ظلوا يتسمعون لما يُقال في الراديو عن نجاحات الجيش المصري، حتى كان 6 أكتوبر من العام 73 ''مكناش مصدقين إننا هنرجع أرضنا المهجورة تاني''، في غرفة واحدة كبيرة وصالة -مسكنهم الجديد- ظلت البيانات العسكرية تتوارد لساعات عليهم، لا ينامون طالما وقعها لا يهدأ، الأب يذهب ويأتي وحمى الحرب لم تخفت إلا بانتصار أثلج الصدور، شق التسعة إخوة طريقهم في العمل والدراسة ''أنا وقتها اتجوزت وروحت إسكندرية''، قالت ''تهاني'' الأكبر، ''عزيزة'' كانت قد أنهت دراستها للتو عندما سنحت لها فرصة العودة عام 1974، وعقب استقرارها بالمدينة تم تعيينها.

''إحساس ميتوصفش''، خطوات مهتزة كقلبها، اتخذتها ''عزيزة'' دخول المدينة بعد أكثر من ست سنوات، كانت الشوارع غير ممهدة من آثار الصواريخ، المباني مُهدم معظمها، الرياح باردة كقلب المكان الخاوي ''السويس كانت عاملة زي المقابر''، لم يكن هناك عمالة لذا بدأ أهل السويس يستعيدون الحياة بأيديهم، من يملك صنعة لا يبخل بها، تحمل العائدون مرار قلة موارد المدينة من مياه وبنية تحتية حتى لا يتركوها ''ولحد دلوقتي السويس هي الأقل حظا من الاهتمام بين مدن القنال''، على حد قول ''تهاني''، أصلحوا بيت العائلة بعدما اُصيب جزء منه بصاروخ، ربّت الأخت الصغرى أولادها في السويس، بينما استقرت الكبرى بالإسكندرية، لكنها تتردد بين حين وآخر عليهم.

بين الهزيمة في 67 والانتصار في 73، كان الأب في السويس يحاول المساعدة قدر استطاعته والأخ يخدم في الجيش، أما البنات فقبل ترحيلهن اعتدن مساعدة الجنود ''لما كانوا بييجوا كنا بننزل بمياه وأكل ولو حد محتاج علاج بنجيب له''، أما ''عزيزة'' فزوجها شارك بالمقاومة الشعبية لكنه لم يحارب في 73 لإصابته وقت العدوان الثلاثي، تحكي السيدتان لأولادهما عن الحرب، وما قبلها ''لازم يفضلوا في الصورة.. أصلهم ماشافوش السويس لما كانت خرابة بعد الحرب''، وعن تغلبهما على ظروف خروجهم منها مهزومين، وعودتهم إليها منتصرين.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان