''ثأر'' و''تحرش'' و''أفلام هابطة''.. العيد فرحة
كتبت- دعاء الفولي:
يأتي العيد ومعه سرور، تجمعات عائلية، فرحة في القلوب لعدة أيام، غير أنه في الأعوام الأخيرة كان هناك ما يعكر ذلك الصفاء؛ تحرش تتزايد حالاته، عائلات تنتظر الاحتفاء بالعيد في المحافظات، فينقلب مع أفرادها الحال إلى ثأر ينتهي بسقوط قتلى من الطرفين، لم يكن الأمر جيدا كذلك على مستوى الفن، فأفلام العيد صارت تُصنف على أنها ''خفيفة'' حد الابتذال، أشياء طفت على سطح المجتمع كطبقة ترابية، تظهر بشكل أكثر تركيزا في العيد، لم يكن عيد الأضحى الذي انتهى منذ ساعات مختلفا.
حُمى الثأر
جلست سيدة من قرية ''الكداية'' بمركز أطفيح بمحافظة الجيزة تغسل الملابس على مجرى مائي، يساعدها الزوج الذي يتبع عائلة ''البكارية''، لم تمر دقائق حتى حدثت مشادة بينه وأحد أفراد عائلة ''أبو هلول''، حيث اعترض الأخير على تواجده في المكان، ومع تطور حدة النقاش، أطلق فرد ''أبو هلول'' الرصاص على الرجل، ليصيبه في القدم اليمنى واليسرى قبيل عيد الأضحى بيومين، ذلك الموقف يعد منهجا للتعامل في أطفيح، أكثر من عائلة دخلت في منطقة الثأر، ومع تزايد عدد القتلى لم يعد ممكنا أن يتوقف سيل الدماء، وتكررت الاشتباكات بين أكثر من عائلة خلال العيد في عدة محافظات، كقنا، الشرقية والفيوم.
''هشام سعيد''، أحد أبناء القرية التي حدثت بها الواقعة، عايش كل الأحداث، والتي تتزايد على حد قوله مع الأعياد ''أصل الناس ولادها اللي برة القرية بييجوا في الأعياد.. فالمشاكل بتتجدد تاني''، لا يتبع ''سعيد'' -الذي يعمل سائق- أحد العائلتين، هو متفرج كالآخرين، إلا أن ما يحدث أضره ''حياتنا بتقف لأيام لحد ما الضرب يخلص.. فيه ناس بتقعد بالشهور متطلعش من بيتها''، على الجهة الأخرى ووسط الطلقات الطائشة يُصاب الذين ليس لهم يد بالأمر، كسيدة عجوز ذكرها ''سعيد''، مؤكدا أنها ترقد بأحد المستشفيات الآن.
''العيد معرفناش نحس بيه''، يقول ''سعيد''، مُلقيا اللوم على بعض أبناء العائلات ممن لا يبغون صلحا ''بيبقى الواحد فيهم قاعد برة القرية وييجي وقت العيد يولع الدنيا''، لا يعرف علاجا سوى تنازل الطرفين عن حقهم في من قُتلوا ''أحسن ما ناس تانية تموت''، على المستوى الشخصي لا يحاول التدخل لحل أي نزاع ''محدش يقدر يعمل حاجة.. الشرطة مبتعرفش تدخل.. احنا بنسيبهم يخلصوا العركة وبعدين نطلع''.
''السينما'' و''التحرش'' في العيد
ليست عادة ''خالد منصور'' أن يذهب للسينما في العيد، هو فقط يبحث عن فيلم جيد ليشاهده بأي وقت من العام، يعتقد أن الخلطة المضمونة لأي منتج يريد أموال هو فيلم قائم على الإثارة؛ سواء اللفظية أو الجنسية ''وبيستهدف متفرجين من سن 16 لـ25 سنة''، ثم طرح العمل في موسم يبحث فيه بعض المراهقين عن تجربة ممتعة، تنجح الخطة في أحد الأعياد فيكررها صناع العمل في أعياد أخرى، حتى تصبح سينما العيد ذات سمعة سيئة، لكن ''منصور'' لم ييأس من مشاهدة الجيد بعد ''حاولت أدخل فيلم الجزيرة العيد دة أكتر من مرة بس فشلت عشان الزحمة''، عيد الفطر الماضي شاهد الشاب العشريني فيلم الفيل الأزرق بالسينما أكثر من مرة ''كنت عايز أدعم وجوده قصاد الأفلام الهابطة''.
وبحكم نزوله إلى الشوارع في العيد؛ فقد شاهد ''منصور'' وصديق له محاولة تحرش بثلاث فتيات في ميدان التحرير في أحد الأعياد الماضية، لم يكن بيده شيء مع كثرة عدد المتحرشين ''لقينا بتاع جرايد من الميدان جاب خشبة وهدد الولاد بيها لو ممشيوش.. وبالعافية عرفنا نخرج البنات''، يعلم أن الواقعة تتكرر عشرات المرات مع كل عيد، لذا منذ أعوام قرر توجيه النُصح لمن يعرفهم من الفتيات، أن الخروج إلى الميادين أو كورنيش النيل يعد خطرا ''حتى الخروج مع ولاد مبقاش مضمون زي الأول.. لأنه ممكن حد يفتعل العنف معاهم''.
على الأرض تحاول حملات كـ''شفت تحرش'' منع التعدي على الفتيات، ورصد الواقع، فخلال أيام عيد الأضحى الأربعة تم رصد 5 حالات تحرش جماعي و147 لفظيا و18 جسديا بالقاهرة، بينما تم رصد 41 حالة تحرش لفظي بكفر الشيخ وحالتين جسديا وحالة جماعية.
قال ''جمال الخشن''، أستاذ علم الاجتماع السياسي، إن تغير حال العيد في مصر في السنوات الأخيرة ليس أمرا غريبا، فعدم الاستقرار السياسي الذي تمر به مصر أثر سلبا على أكثر من صعيد، ومع حدوث صدع في أحوال الناس المعيشية فالتخبط وارد، كما أن السلطة نفسها لا تؤدي دورها بشكل كبير، على حد قوله، مضيفا أن انتهاء الحوادث السيئة المصاحبة للعيد في الأعوام الأخيرة لن يتم إلا بوجود قوانين رادعة تُطبق، ثم استصلاح الفاسد في أخلاقيات المواطنين من خلال الأسرة أولا، ثم الإعلام.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: