إعلان

بالصور- تلاميذ زين محمود في ورشة للإنشاد الصوفي.. كبرعم لمسته الريح فانفتحا

07:45 م الجمعة 14 نوفمبر 2014

كتبت-دعاء الفولي:

تصوير-علياء عزت:

حلقة لا تترابط عناصرها؛ سيدة ترتدي نقابا، فتاة تضع حجابا فوق الرأس، شاب يرتدي قبعة، بنت ذو شعر منسدل ونظارات طبية، وطفلة؛ بينهم جلس الشيخ زين محمود، المنشد الصوفي، يُعلمهم، لا يرتدي هذه المرة الجلباب وغطاء الرأس، بل ملابس تجعله ليس مختلفا عنهم.

أغنيات وأناشيد يختار من بينها المتواجدون ليؤديها كل منهم بمفرده، سواء أكانت للمطربة فيروز، أو للشيخ النقشبندي، يحركون الرؤوس إعجابا مع كل جملة تُغنى، حتى وإن خرجت من شخص ليس حسن الصوت، لم يدفعهم شيء للاشتراك بورشة الإنشاد الصوفي المقامة في بيت السناري بمنطقة السيدة زينب، سوى حبهم لذلك الفن؛ فيبدو الجمع المكون من 23 مشترك وكأنه يعرف بعضه من زمن، رغم أنها المرة الأولى للتلاقي.

كانت علياء عُمر تعلم أنها لن تغني مهما حدث، يخرج صوتها أثناء الكلام من أسفل نقابها مترددا، أقدامها ساقتها إلى بيت السناري، اعتادت الذهاب له للالتحاق بأكثر من نشاط، لكن الإنشاد الصوفي لم يكن في حساباتها؛ فقررت الاشتراك من باب الفضول، تشعر باغتراب لفعل شيء جديد، لكنها وللمرة الأولى تسمع مديح الرسول من هواه للإنشاد، تنتظر أن تأتيها شجاعة كافية لتبدأ بالغناء مثل بقية الحضور، وحتى يحدث ذلك فالنفس تأنس بتلك الصحبة التي يجمعها البيت الأثري في رواقه.

''انا جاية عشان أتعرف على الصوفية والإنشاد الصوفي''، قالت ''عمر''، تدير السيدة الثلاثينية مشروع لتنمية عقول الأطفال ومهاراتهم يُدعى ''ابني''، لذا فجزء من انضمامها كان نقل حالة الإنشاد ومبادئه لأطفال المشروع، ولطفليها مريم وعبد الله أولا ''بدل ما أعلمهم أغاني المهرجانات، يتعلموا إنشاد.. على الأقل لغتهم هتتحسن''، أما هي فلكثرة ما يتردد عن التصوف من أقاويل يؤكد بعضها أنه قد يودي بصاحبه للخروج من الإسلام؛ قررت المجيء للورشة لاستيضاح الأمور.

كثيرٌ من التمرينات، قليل من الحديث؛ ذلك كان حال الورشة التي تستمر لأربع ساعات يوميًا، من الخامسة مساء إلى التاسعة وحتى 20 نوفمبر، يقف الشيخ زين أمام التلاميذ، واضعا يده على الصدر قائلا: ''الحجاب الحاجز أهم شيء أثناء الغنا.. الصوت بيخرج منه الزور زي ما ناس كتير فاكرة''، يقرر الشيخ أن يتحرك الجميع من المقاعد أسفل قبة صغيرة بالبيت، إلى باحته الرئيسية، يقفون في دائرة كبيرة، يرددون من خلفه ''آه''، يمطون حرف الألف، يطلب منهم أن ينقر كل واحد بيده على الصدر أكثر من مرة؛ ليستشعر منطقة خروج النغمة، قبل أن يحكي لهم عن جزء من تجربته مع بداية الإنشاد.

على الأريكة التي اتخذها الشيخ مقعدا له، كان باسم هلال جالسا كذلك، يصرح للموجودين أن صوته رديئا، قبل أن يقول جزء من نشيد للشيخ محمد عمران باسم ''أسلمت وجهي للذي أحياني''، ينتهي؛ فتباغته أيادي الحاضرين بالتصفيق الحاد وكلمة ''الله''، رغم أن ''هلال'' من موظفي بيت السناري المسؤولين عن تنظيم الورش، كما أنه حضر الورشة من قبل ''لكن لما عرفت إنها اتعملت تاني حبيت أكون موجود.. مفيش حد يكره القرب من ربنا ومدح رسوله''، قال الشاب.

نشيد ''مولاي''، ''والله ما طلعت شمس''، أغنية ''انا هويت'' و''سلامتها أم حسن''، لا توجد قواعد بعينها في ورشة الإنشاد الصوفي، من أراد أن يجرب صوته فليفعل، وعلى المُعلم أن يبدي ملاحظاته؛ فيعلن أن ذلك الصوت قوي يحتاج إلى تدريب، أو هذا مهتز يفتقد للثقة، لم يهتم الحاضرين بحلاوة أصواتهم قدر رحابة صدور الآخرين لسماعهم، ''الأهم من حلاوة الصوت بجد هو إحساسك باللي بتقوله'' على حد قول الشيخ زين.

أثناء التدريبات على أرض البيت، استأذنت خلود سليمان-ترتدي حجابا أبيض اللون- من الشيخ لتذهب؛ سمح لها فانطلقن مسرعة، قبل ذلك بوقت قليل كانت ممن وافقن على الغناء في الحلقة، أغمضت عينيها وبدأت في الإنشاد ''يا نبي سلام عليك.. يا رسول سلام عليك''، يتحرك جسدها قليلا للأمام والخلف مع صوتها الناعم، حاز أداءها الترحاب من الزملاء ''الإنشاد بعيد عن مجال شغلي لكن بحبه''، قالت ''سليمان'' التي تعمل باحثة. ''مرعوبة'' هو الوصف الذي أطلقته على نفسها أثناء الغناء، لكن ذلك لا يهم طالما ستتعلم أصول الإنشاد؛ حيث انضمت منذ فترة لفرقة إنشاد ''بنشارك في حفلات بين وقت والتاني''، تتفهم أن طريق احتراف الإنشاد طويل، لكنها تسير عليه.

على السلالم المؤدية إلى طريق الخروج من البيت، جلس بعض المستمعين، يعلو صوت الشيخ زين وتلاميذه، تناغم ظهر شيئا فشيء في أصوات فريق الورشة، بينما انسجم المستمعون؛ فتمايلت أيديهم مع ما يُقال، ''عُمر'' ذات النقاب تجرأت كثيرا عن بداية الأربع ساعات، تُغني وسطهم كأنما هم أصدقائها، أعقدت النية على إحضار طفليها في اليوم التالي بدلا من تعليمهم بنفسها، بعد أن قررت أنها تنتمي إلى تلك الحلقة التي تُقربها من الله، حسب اعتقادها.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: