أحمد صلاح "الصعيدي": طريق الشعر يبدأ من القاهرة.. و"ساوند كلاود"
كتبت - نيرة الشريف:
أكثر من تسعمائة كيلو متر هي المسافة التي يقطعها أحمد صلاح ذهابا وإيابا لكي يتمكن من إلقاء إحدى قصائده في ندوة ما، أو يتمكن من الوصول لعدد أكبر من الجمهور من خلال الوقوف أمام إحدى كاميرات التليفزيون المصري أو الفضائيات، حيث حلّ ضيفا على عدد من البرامج التي نظم ظهوره فيها عددا من أصدقائه ومتابعوه على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.
ينظم أحمد صلاح ظهوره في القاهرة ويقوم بترتيب ظروفه ليتمكن من الإتيان ليوم واحد فقط يصل فيه العاصمة صباحا ويرحل عنها مساءا، ويتحمل في سبيل هذا مشقة السفر لأكثر من 12 ساعة حتى يصل إلى العاصمة التي اختزلت كل الفرص المتاحة لظهور موهبة ما فيها فقط، ويحتاج عدد ساعات مثلهما لكي يعود إلى بيته، ينظم الأمر مع زملاء عمله لكي يحتملوا غيابه عن العمل يوما أو يومين، يرتب أمر بيته مع زوجته وصغيرته التي لم تتخطَ سنوات عمرها عدد ثلاثة أصابع فقط من أصابع يدها الصغيرة، تهاتفه ابنته وهو في القطار أو الأتوبيس الذي سيقله إلي القاهرة قائلة "بابا هتطلع في التليفزيون؟؟ أنا مش هنام عشان اشوفك."
من أقصى الجنوب يأتـي أحمد، وتحديدا من محافظة أسوان، وخلال سنوات عمره الثلاثة وثلاثين كان يعرف أنه يحب الشعر، يحبه قراءة وكتابة وسمعا وإلقاءً، يجيد القيام بالأمور الأربعة، يجيد تذوقه قراءة ويحب أن يضع كلمات إلى جوار بعضها البعض لينسج منها بيتا أو بيتين ومن ثم تصبح قصيدة كاملة، يحب أن يسمع إلقاء الشعر وإذا أعجبه إلقاء أحدهم لقصيدة ما يظل يستمع إليها عشرات المرات دون ملل أو كلل، يظل يوما وليلة يكررها ويُسمعها لكل من حوله، وحينما يبدأ هو في الإلقاء ينعزل عن كل ما حوله فلا يسمع ولا يرى، وكأنه يُلقي كلماته إلى المطلق، وحينما ينتهي من قول أخر كلمة ينتبه كاميرا كانت تصوره ومقدم برامج ينظر إليه، أو جمهور في ندوة تتعلق عينيه به حتى ينتهي، ليعود بعدها إلى زمانه ومكانه "لازلت هنا.."، هكذا يردد لنفسه.
يقضي أحمد يومه بين عمله، محاسبا بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي بمركز إدفو في محافظة أسوان، وبين شاطئ النيل العذب حيث يصطاد حينا ويكتب ويقرأ حينا، حاول استغلال الفضاء الافتراضي حتى يتمكن من الوصول إلى عدد أكبر من الناس، ليسمعوه، فأنشأ حسابا على موقع المواد الصوتية "ساوند كلاود" حتى يستطيع رفع ملفات الصوت التي تحمل قصائده الملقاة، والتي حظيت بنسبة سماع جيدة وسريعة الأمر الذي شجعه ذلك على الكتابة أكثر منسجا خيوط ديوانه الأول الذي لم يرى النور بعد، ويتزايد في نفس الوقت عدد متابعيه على مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.
"كان من الممكن أن أفقد الأمل تماما، وألا أحاول أبدا، وأن أكتفي بوظيفتي وبيتي وتربية طفلتي، لكني قررت أن أثق في حلمي حتى النهاية، وأتحمل في سبيله المشقة والتعب التي يحتملها من لديه موهبة من أبناء الأقاليم ويريد إيصالها للناس، لا منفذ لدينا للوصول إلى الناس سوى المجيء إلى العاصمة، وقدر المشقة يتحدد وفقا لمدى بعدك المكاني عنها، وأنا أبعد ما أكون عنها، ولكن هذا لم يثنيني عن البدء والسير، وحيثما سيأخذني الطريق سأسير".. بتلك الكلمات يعبر صلاح عن حلمه وعن مشواره الذي قرر أن يسير فيه ولا يلتفت لأي مشقه تواجهه.
في الجنوب البعيد؛ صدق أحمد حلمه وقرر أن يسير ورائه، لا يعرف أحمد هل سينتهي به التعب إلى شيء أو إلى لا شيء، ولا يهمه هذا كثيرا، كل ما يهمه أنه سيؤدي ما عليه حتى النهاية، حتى ينظر لعيني ابنته ويقول لها لم يكن أباكِ متخاذلا تجاه ما وهبه الله إياه، ربما التعب والمشقة والجهد البدني والمادي هو أداء شكر النعمة، حتى وإن لم يتحقق من وراء التعب النتائج المرجوة – هكذا يفكر صلاح- وهذا هو المنطق الذي يحركه لكي يقطع مسافة السفر الطويلة حتى يُلقي قصيدة أو أكثر.. حتى يسمعه أحدهم ويلقي بالا لما يقوله أو لا يُلقي.
في الجنوب البعيد.. قرر أحمد أن الحياة لا معني لها دون معركة يخوضها لينتصر أو ليُهزم، وعرف أنه لا معركة يخوضها خير من معركة تحدي ظروفه لتحقيق حلمه.
للاستماع إلى قصائد أحمد صلام.. اضغط هنا
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: