إعلان

من ناصر إلى منصور: دولة عربية ''معادية'' لكل رئيس مصري

03:57 م الخميس 06 فبراير 2014

من ناصر إلى منصور: دولة عربية ''معادية'' لكل رئيس

كتبت- نوريهان سيف الدين:

أكثر من نصف قرن مرت على مصر، اعتلى فيها خمسة رؤساء سدة الحكم، ومع كل حاكم تتذوق نكهة دبلوماسية عربية مختلفة، وتعاصر فترات تختلف فيها القرارات السياسية، تارة تكون ''تجربة الثورة'' هي الهدف والرسالة، وتارة أخرى يصبح ''لا صوت يعلوا فوق صوت المعركة''، وتكون ''المقاطعة وتجميد العضوية'' هي ثمن ''السلام''، وتعود مصر للساحة العربية لكن ''الصمت'' يعلوا صوته، وتأتي فترة الجمع بين الأضداد، حتى يصل القطار الآن لمحطة ''اطردوا قطر''، وتستنتج أن هناك ''دولة عربية معادية لكل رئيس مصري''.

حلم ''ناصر'' مع ''آل سعود والهاشميين'' و ''حرب اليمن''

تجربة الثورة المصرية، وحلم التحرر العربي، رؤية قادها الرئيس المصري السابق والراحل ''جمال عبد الناصر''، وعزم على تصديرها للأقطار العربية المجاورة، وكانت ''اليمن'' ضمن تلك الأهداف ''الناصرية''.

''ثورة 26 سبتمبر 1962''، سقوط ''الملك البدر'' وهروبه للمملكة السعودية، ودعم مصري للثوار اليمنيين وصل حد التدخل العسكري وإرسال قوة من الجيش لتمكن هؤلاء الثوار من السيطرة على الشطر اليمني، وهو مالم يطيب لـ''الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود''، والذي ارسل بدوره قوة لمساندة ''فلول المملكة المتوكلية''.

لعبة من ''المخابرات البريطانية'' لمساندة ''الملك البدر''، أيدتها فيها كل من المملكتين ''السعودية والأردنية''، وكانت نتيجتها مناصبة العداء بين قادة الدول الثلاثة، حتى أن المعارضة الهاربة من ''النظام الناصري'' وجدت ملاذا آمنا لها في الآراضي الحجازية والهاشمية، خاصة ''القيادات الإخوانية''.

لم تهدا وتيرة العداء بين ''ناصر'' وملوك السعودية والأردن إلا بعد ''نكسة 67''، والتي عزت أحد اسباب هزيمة الجيش المصري فيها إلى انهاك قواه في حرب اليمن، واستمراره في قتال لا ناقة له فيه ولا جمل إلا فقط (تصدير الثورة المصرية والتجربة الناصرية) للجمهورية اليمنية الوليدة، و جاء أواخر عهد ''ناصر'' ليشهد ذوبان الجليد بينه وبين الملك الجديد ''فيصل بن عبد العزيز''، وتكون ''قمة القاهرة-سبتمبر 1970'' هي أخر لقاءات قادة وملوك العرب، قبل ساعات قليلة من رحيل عبد الناصر، وانتهاء أول صدام (مصري عربي).

السادات في مواجهة ''جبهة الرفض'' و''الولد المجنون''

كان الشعار داخليا وخارجيا ''لا صوت يعلو فوق صوت المعركة''، وبتحقيق التقدم المصري ورجوع الأرض؛ إلتفت ''السادات'' لتأمين مكاسبه، ورأى أن أفضل ضمان هو ''كسب العدو وإقرار السلام''، وهو مالم يطيب للجارات العربية، لتبدأ حملة أنتهت بـ''مقاطعة مصر وتجميد عضويتها بالجامعة العربية''.

''الولد المجنون''.. هو الوصف الذي أطلقه ''السادات'' على ''معمر القذافي'' رئيس الشقيقة الغربية ''ليبيا''، فالقذافي التلميذ بمدرسة القومية الناصرية، رأى زيغا في خطى ''السادات'' بعد تقربه من ''إسرائيل''، ليقدم ''قائد ثورة الفاتح'' على ترحيل ''250 ألف مصري'' من ليبيا وإلا واجهوا الاعتقال، ورعاية ''مسيرة نحو القاهرة'' يشارك فيها الليبيون لإسقاط الحدود بين ليبيا ومصر، وإثناء ''السادات'' عن مد يد المصافحة والسلام مع إسرائيل.

''يوليو 1977'' كان طلقة البداية لأحداث نارية شهدتها ''السلوم''، متظاهروا ليبيا ومن خلفهم ''مدفعية القذافي''، زحف متقدم في مواجهة حرس الحدود المصري، ثم إطلاق نيران المدفعية الليبية صوب الحدود المصرية، لترد ''القوات الجوية المصرية'' بقذف قواعد عسكرية ليبية بمدينة ''طبرق'' وتأسر جنودا ليبيين، ولا تتوقف المواجهات إلا بوساطة الرئيس الجزائري ''بومدين''، والزعيم الفلسطيني ''ياسر عرفات''.

''25 نوفمبر 1977- زيارة السادات للقدس''، ''17 سبتمبر 1978- معاهدة كامب ديفيد''، تواريخ صبت جام غضب العرب على ''مصر والسادات''، لتظهر ''جبهة الرفض'' بزعامة السعودية والعراق، وتطالبان بتجميد عضوية مصر في الجامعة العربية، ومقاطعتها سياسيا وعسكريا واقتصاديا، لتواجه مصر مقاطعة عربية امتدت من 1979 وحتى 1989، وخلالها تستدعي القاهرة سفرائها من (السعودية، الكويت، الإمارات، قطر، البحرين، تونس) ردا على تجريح الساسة والإعلام العربي في السيادة المصرية.

مبارك.. عودة مصر ''الصامتة''

تميزت فترة ''مبارك'' بإصلاح العلاقات المقطوعة بين مصر والجارات العربية، بدأت بإنشاء مكتب تنسيق دبلوماسي بين مصر وليبيا رعاه ''أحمد قذاف الدم''، ثم رجوع عضوية مصر بالجامعة العربية، إلا أن فترة مبارك أيضا شهدت ''جلد كرامة المصريين ..وصمت الخارجية''.

''هل نضحي بالعلاقة بين دولتين من أجل شخص واحد؟''.. كان تعليق ''مبارك'' على ''أزمة جلد الأطباء'' بالسعودية، والتي تكررت لأكثر من مرة في ظل تباطؤ من الخارجية المصرية، ورغم تزعم ''القاهرة والرياض'' ومعهما ''عمان'' للزعامة الإقليمية في الشرق الأوسط، ورعايتهما لملف المباحثات الفلسطينية الإسرائيلية، إلا أن لسان حال الشارع كان يقول ''مصر رجعت لكن كرامة المصري راحت''.

''القاهرة ودمشق'' شهدتا جليدا دبلوماسيا على مستوى الساسة والإعلام، تصريحات ''بشار الأسد'' كانت تطل بين الحين والآخر لتهاجم ''مبارك'' وتقربه من ''تل أبيب، وصمته عن المجازر الإسرائيلية واستمرار الاحتلال الإسرائيلي للجولان، وبرز هذا الاحتقان في عدم ذهاب ''مبارك'' للقمة العربية (دمشق 2008)، بعد هجوم ''بشار'' على ''تواطؤ مبارك مع إسرائيل في حرب غزة''.

مرسي .. إيران والثورة السورية ''دونت ميكس''

بعد مجيئ ''محمد مرسي'' إلى سدة الحكم، كانت المشاهد الدبلوماسية هي ''قمة المؤتمر الإسلامي- طهران 2012''، ومصافحة ''مرسي ونجاد''، ومحاولة فتح قناة حوار بين القاهرة وطهران بعد سنوات من الجمود والتواري في عهد مبارك، إلا أن ''ستاد القاهرة الدولي'' و''مساندة الثورة السورية'' جاء ليضع علامات تعجب على علاقة ''القاهرة ودمشق''.

مساندة ''الثورة السورية'' وفتح الباب على مصراعيه لمساندة الجيش السوري الحر، وفي نفس الوقت نفض الحوار مع ''نظام الأسد'' المدعوم من جانب ''طهران''، كل هذه المشاهد المتلاحقة والمتضادة وضعت ''مرسي'' في ''حسبة برما دبلوماسية''، لكن 30 يونيو جاءت لتصحح الأوضاع المشوشة، كما وصفها الدكتور ''أحمد يوسف أحمد- استاذ العلاقات السياسية العربية بمعهد الدراسات العربية''.

30 يونيو.. ''قطر'' والمغضوب عليهم

مانشتات الصحف ومواضيع ''التوك شو''، تصريحات رجال السياسة والخارجية، نداءات بطردها من الجامعة العربية، وقفات أمام السفارة وملحقية الطلاب، و ''ماكيت كبير لـ موزة''، كل هذه المشاهد ليست سوى تعبيرا عن ''رفض مصر لكل ماهو قطري''، ورؤية لدعمها لـ''الإخوان''.

استمرارا لوجود دولة لا تتبع القطيع، جاء الدور على الدوحة هذه المرة لتكون معادية لقرارات القاهرة، وتتعاكس مصالح الدولتين في تطبيق موازين القوى، لتصبح قطر ومصالحها وعلاقاتها وحلفائها وحتى ''إعلامها'' منبوذا داخل المجتمع المصري وأروقة السياسة، ولا سبيل حتى الآن من تهدئة الأجواء بين البلدين إلا بتسليم ''المطلوبون أمنيا من الإخوان'' الموجودين بالدوحة.

اختلاف موازين القوى وعلاقات المصالح بين الدول العربية بعضها البعض، وبينها وبين دول الجوار الأخرى هي المحدد لشكل الحوار الدبلوماسي بينها وبين مصر، وهو ما أكده ''الدكتور مصطفى كامل- أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة''، فقال: ''فترة عبد الناصر زامنت فكرة تصدير الثورة، ورغبة القائد المصري لنشر أفكار الاشتراكية في دول أغلبها يغلب عليه الطابع الملكي، فضلا عن أنه مستعمر من دول غربية ذات ميول رأسمالية، إلا أن الحرب العربية الإسرائيلية أوقفت المشروع الناصري قليلا، ليعود السادات بضربة قاصمة بتبادل العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، وشيئا فشيئا صار أمرا واقعا بالنسبة للعرب –وإن كان في الخفاء-.

وتابع: ''لكن الآن بعودة مايشابه (الحرب الباردة) بين روسيا وامريكا واستمالة الأقطار العربية للتحالف مع سياساتها بالمنطقة، ورغبة دول عربية صاعدة في تثبيت نفسها في المجتمع الدولي، كل هذا يرسم شكل الحوار، بداية من التمثيل الدبلوماسي، ونهاية بحوار رجل الشارع والإعلام وغيره''.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: