''زكريا'' مبيض النحاس.. ركود في الصنعة والسبب ''الصين''
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
كتبت - يسرا سلامة:
تحت أصوات الحدادة المتقطعة، ووسط أحد شوارع القاهرة القديمة، يجلس "محمد زكريا" بجانب أحد أسوارها، متراصة أمامه مجموعة من الحدائد متنوعة الأحجام والأشكال، معلقة على حوامل حديدية، في استعداد لأن يعطيها الرجل بعضًا من صبغته الذهبية، قبل أن تدخل مع مجموعة أخرى في دورة حياة نحاسية.
"زكريا" يعمل بتبيض النحاس منذ خمسة عشر عامًا، حتى تركت المهنة شيبًا فوق رأسه، لكن الرجل الخمسيني لم يرث المهنة كما يعتاد أصحابها، لكن رحلة سفر من مصر إلى عمل بالخارج في الإمارات، كانت مصيره منذ أن عرف للعمل معنى، عمل فيها كسائق، حتى عاد مرة أخرى إلى أرض الوطن.
نقاشات مع أخيه جعلتهما يتفقا علي ذلك المشروع، ورشة لتبيض الأعمال النحاسية، جعلته يتخذ من أحد المحلات في شارع النحاسين الشهير بمنطقة الجمالية متكئًا له ومع أفراد عماله، ليعرف في المنطقة بـ"أبو أمير" نسبًة إلى ولده الذي يعمل معه في الورشة، تجعل أصحاب المحلات في المنطقة يشيرون إليه حين السؤال عن "مبيض نحاس".
رحلة تأخذها قطعة النحاس من أجل طلاءها وتبيضها، تبدأ من تعاقد الزبون؛ الذي يكون في الأغلب من أصحاب محلات النجف أو محلات الأدوات الصحية، ليأتي بـ"الطلبية" إلى ورشة "زكريا"، محددًا اللون المفضل له، ليبدأ الرجل مع العمال معه في الطلاء، ثم دخولها إلى أحواض من البطاس والمواد الحمراء، ثم إلقاء القطعة إلى مجموعة من النشارة الخشبية، لتخرج في شكلها الأخير.
ثلاثة أحواض متراصة بداخل الورشة، تحوي كل منها مجموعة من المواد المستخدمة في الطلاء، كلها كما يقول "أمير" ابن "زكريا" مكهربة بالموجب والسالب، حتى ينتقل اللون من النحاس الخام إلى المادة المراد طلائها، "إحنا اتعودنا علي كدة" يقولها "أمير" الشاب العشريني الذي تلمس بقايا الكهرباء أطرافه، مضيفًا أنها ليست خطرًا كبيرًا.
حالة من الركود يقولها "زكريا" ورفيقه في العمل "علي" تواجه مهنة مبيضي النحاس، لعدد من الأسباب، فالنحاس عُرف في فترات من تاريخ المجتمع المصري كواحد من جهاز العروسة، ليأتي بعد الذهب الذي يقدمه العروس، ويتم التفاوض عليه من خلال أسعار أواني الطهي والتشت وغيرها، كل ذلك جعل المهنة تواجه الاندثار في مواجهة الأواني النحاسية الجاهزة التي لا تحتاج إلى تحضير.
ارتفاع أسعار المواد المطلية أيضًا سببًا يقوله "زكريا" كسبب من وقف الحال الذي يواجه مهنته، فبعض من الأدوات مثل البطاس والنيكل والمواد الحمراء التي تطلي النحاس، يرتفع سعرها من وقت لآخر، وتأتي البضاعة المستوردة من الصين كواحدة من أشري الوحوش التي تواجه مبيضي النحاس.
"بضاعة أكثر قيمة وأقل سعر، لازم تأثر علي حالنا".. كلمات يسردها "زكريا" في وصف البضاعة الصينية في الأسواق، مستشهدًا بمثال لعدد من الحنفيات الحديدية، يتكلف سعر طلاءها الواحدة جنيهًا واحدًا، بخلاف سعرها، ليصبح سعرها النهائي ضعف سعرها لأخري صنعت في الصين، بخلاف وزن النحاس المصري الثقيل.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: