مع فض ''رابعة'' وضده.. وما زال التصنيف مستمرا
كتبت- إشراق أحمد:
موقف ثم حديث، يتبع اتفاق أو اختلاف، وعن الأخير كثر القول واشتد بعد أحداث فض اعتصام رابعة العدوية والنهضة، ليتصاعد الأمر من التصنيف بـ''أنت فلول..أخوانجي.. ثورجي''، إلى حد المقاطعة الأسرية، وانتهاء الصداقات، والراوبط الإنسانية التي ربما جمعت بين الأشخاص لأعوام طوال.
البعض يرى أنه مؤشر طبيعي لمرحلة التحول التي تشهدها البلاد، والآخر يعتبرها استمرارًا لمسلسل يقبع به أفراد المجتمع، بدأ من الاختلافات البسيطة في الملبس والمعيشة والفكر، وصولاً لما يشبه أجواء الحرب الأهلية.
ترى منال زكريا أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة أن ما يحدث في العلاقات الانسانية بين الأفراد في مجتمعنا يطلق عليه اختلاف وليس انقسام، وهو شيء ليس سيء لكن ''إحنا مش متعودين على الاختلاف كنا متربين على السمع والطاعة''، فالخروج على الكبير لم يكن مألوفًا على حد قولها.
واعتبرت ''زكريا'' أن الحد من وصول الأمر إلى الصراع يكون باستيعاب الكبار في البيت ولمدرسة ورجال الدولة لمن هم أصغر سنًا، فالمشكلة تكمن بشكل كبير في الفجوة الجيلية على حد تعبيرها، وهذا يتطلب غرس القيم الأخلاقية من تسامح وقبول الآخر، والانصاف في استرداد الحق قائلة ''عايزين نرجع تاني لكلمة ربنا يسامحك''.
أما أحمد عبد الله أستاذ الطب النفسي في جامعة الزقازيق يقول إن ''حالة الانقسام كانت موجودة طول الوقت لكنها كانت في حالة خمول''، معتبرًا أن المجتمعات العربية بشكل عام والمصري خاصة مجتمع منقسم بطبعه، بداية من الانقسام الاجتماعي بين غني وفقير، والجغرافي ما بين القاهرة والمحافظات، والخلفية التعليمية وكل ذلك نتج عنه اختلاف في الثقافات.
ولأنه لا يوجد معيار عام متفق عليه في المجتمع بأبسط الأشياء ''يعني مثلا اللي يعمل فرح يبقى في هيصة تجيب لأخر الشارع وغير كده ما ينفعش ولا العكس''، لذلك نشط الانقسام مع خروج الأفراد من المعزل ''الجيتو'' الذي ظلوا يقبعوا فيه- بما في ذلك الفقراء، ومع الأحداث وصل الأمر لدرجة ''أن الشخص عايش ومش قادر يشوف حد مختلف حتى لو مكنش بيأذيني''.
وتُقسم أستاذ الطب النفسي الأمر إلى مراحل، بدأت مع 28 يناير 2011 ''وقتها شوفنا بعض لقينا نفسنا مختلفين بس كنا متوحدين على هدف مشترك''، مع استفتاء 19 مارس أخدت الأمور تدخل في المسار السياسي، ليعود الاختلاف الذي لا يعني عند كثير من المصريين غير أنه ''انقسام'' على حد قوله.
وتابع ''عبد الله'' أن الموضوع ''سيكولوجيًا'' كان له تأثير كبير مع تعاقب المواقف ''بقى طول الوقت في فرز لمواقف الأفراد اللي جوه الدايرة الواحدة''، لتظهر الطائفية ليس في الانتماء بل بمعنى ''انساب كل الأشياء الإيجابية للفريق اللي بنتمي له أما السلبية تنسب للطوائف الأخرى''، ومع استمرار مرحلة الفرز الذي شمل كل بيت ظهر سريعًا القصور ''أننا مش قادرين نتعامل مع الاختلاف''، وزاد الأمر مع الجهل بفكر الأفراد الأخرين والتحدث عنهم بما هو مُعتقد لا ما هو حقيقي.
وهنا بدأت المرحلة الثانية والأخطر حسب أستاذ الطب النفسي في ذلك المسلسل من العلاقات وهى تحول الإنقسام إلى احتكاك، وهو ما يعرف بأجواء الحرب الأهلية، فالمجتمعات عندما يفقد أهلها التعامل مع الاختلاف، وتتزاد الصراعات بشكل سريع فيما بينهم تندلع الحروب ليس فقط بسبب عرقي لكن لعدم تقبل تباين الثقافات مثل الحرب الأمريكية التي كانت حرب طاحنة وإسبانيا في الثلاثينيات، فالمعارك الأهلية تنشب حينما يفقد الأطراف القدرة على إدارة الأمور بشكل سلمي.
''كل مجموعة في مصر شايفة إن المجموعات الأخرى مافيش فايدة في الحوار معاها وأنها تفكر بطريقة تضر البلد وإن الإبادة هي الحل'' لذلك ما بين الحين والأخر يتعمق الخلاف، وما يحدث من مبادرات حوار كانت مبتورة وأخذت منحى شكلي لم يؤدي إلى نتيجة على حد قول ''عبد الله''.
وعن تجنب تفاقم الأمر والخروج مما أطق عليه أستاذ الطب النفسي مرحلة ''أجواء التناحر، أكد أنه لا غنى عن الحوار، فبدائيات المجتمعات التي حدث بها تحول أن تجلس جميع أطرافها على مائدة واحدة، ضاربًا المثال بتجربة بولندا قائلاً ''نحن لن نعيد اختراع العجلة''، فالتاريخ مليء بتجارب مثلنا لم يحلها إلا التحاور''ده اللي وصلت له الانسانية بعد حروب طاحنة جت أجيال بعدها شافت أن الدم اللي انساب كان عبث''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: